فى تاريخ 29 أكتوبر بعام 1956 قام حرس الحدود الإسرائيلي بقتل 49 مدنياً عربياً بينهم 9نساء و23 طفلاً يتراوح عمرهم بين 8 – 17عاماً ، لتكتب بذلك مذبحة جديدة فى تاريخ مجازر الجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني اُرتكبت منذ 56 عاما،وهى مذبحة'' كفر قاسم''.
ففى ذلك اليوم منذ 56 عاما ، أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود الإسرائيلية الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل إسرائيل والمتاخمة للحدود ومن بينها كانت قرية '' كفر قاسم'' ، فقد أعطيت الاوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً.
وطلب ''شدمي'' قائد كتيبة الجيش الاسرائيلي وقتها من ''ملينكي'' قائد وحدة حرس الحدود أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً، لا بإعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار، وقال له '' من الأفضل أن يكونوا قتلى عن تعقيدات الاعتقال... ولا أريد عواطف''
وقام ''ملينكي'' بتوزيع القوات على القري تنفيذًا للقرار، وأبلغ مختار قرية ''كفر قاسم'' بحظر التجوال فى الساعة الرابعة والنصف مساءًا، أى قبل تنفيذ القرار بنصف ساعة فقط، وهو ما رفضه المختار قائلا '' إن 400 شخص يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم'' ، فوعد الرقيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة الاسرائيلية.
الا أن الحكومة الاسرائيلية لم تف بوعدها وقامت ببدء المذبحة فى تمام الخامسة، حيث قُتل 49 مواطنا من أهالي كفر قاسم رمياً بالرصاص اثناء عودتهم إلى منازلهم من العمل من بينهم صبي عمره 11 سنة، وكان إطلاق النار داخل القرية كثيفا وأصاب تقريباً كل بيت فيها.
وقد حاولت الحكومة إخفاء الموضوع.. لكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب، فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق، و توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية.
واستمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين،و في 16اكتوبر عام 1958 صدرحكم على الرائد ''شوئل ملينكي'' بالسجن مدة 17 عاماً وعلى مساعديه ''جبريئل دهان'' و''شلوم عوفر'' بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربياً.
لكن العقوبات لم تبق على حالها، فقد قررت محكمة الاستئنافات تخفيفها ومن بعدها جاء رئيس الدولة هو الاخر ليخفهها لتصل بعد ذلك الى 5 أعوام لكل من ''ملينكي'' و''عوفر ''و'' دهان''،ثم قامت لجنة تسريح المسجونين وأمرت بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين .
وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960، أما العقيد يسخار شدمي ، صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قُدم للمحاكمة في مطلع عام 1959 وكانت عقوبته ''التوبيخ'' ودفع غرامة توازي قرش إسرائيلي واحد !.
وجدير بالذكر أن هذه المذبحة قد تزامنت مع حرب العدوان الثلاثي على مصر يوم الاثنين الموافق 29 اكتوبر 1956، والتى تآمرت فيها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، عقب اعلان جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس.