في ليلة شتوية قارسة البرودة، وعلى صوت هدير الأمطار، جلست ''أم سماح'' على حافة ''كشك'' خشبي، لا يملك سوى سقف مغطى بالقش المبلل بماء المطر، جلست برفقة ولديها الاثنين بعد أن زوجت بنتها الوحيدة، لا يمد بين الأسرة المكلومة سوى ''جذع شجرة''، استطاع ''أولاد الحلال'' أن يجروه لها لكي تشعل به النار ليصبرها على وطأة البرد الشديد.
''أم سماح''.. سيدة مصرية يتجاوز عمرها الخمسين عاماً، لم يعد لها في الدنيا سوى هذا الكشك الخشبي القابع بجانب حديقة الحيوان بالجيزة، تلتحف بكل ما أعطاه لها ''أهل الخير'' من ملابس هي وأبنائها ''ربنا يستر علينا وعلى مصر كلها في ليالي البرد دي، احنا مش عايزين غير الستر من ربنا''.. قالتها ''أم سماح'' بنبرة صوت تملأها قلة الحيلة.
لا تجلس ''أم سماح'' وحيدة، يشاركها فى السمر والبرد ''أم عمرو''؛ هي الأخرى ''بائعة'' للكتب القديمة فى منطقة جامعة القاهرة، لم تجد من يأويها فى ليلة برد سوى كشك ''أم سماح''، لا سبيل لها سوى الاحتماء بـ''بطاطينها'' في تلك الليالي الباردة، ترجو هي الأخرى من الله الستر.
تقول ''أم عمرو'' في معاناة: '' والله ما عندي غير حبة كتب بسترزق منها جنب الجامعة، ربنا يسترنا في البرد ده''، لا تحلم سوى بـ''كشك'' يأويها من البرد ووحشة الطريق ''ياريت لو أي حد يسمعنا يوصل كلمنا لمحمد مرسى أو لأى مسئول.. بقوله يا ريس محتاجه كشك''.
لم تسمح الأيام والليالي الباردة لـ''أم عمرو'' بمزيد من الأحلام؛ وأما ''أم عمرو'' هي الأخرى لا تملك من الأمنيات الكثير سوى الستر، وطلب إلى الرئيس ''محمد مرسى'' بأن يوفر لها سقف للكشك ذاته الذى أهلكته الأمطار، وتتمنى من الله أن يستر أولادها في ليالي البرد .