يرصد الكاتب المصرى محمد فتحى يونس، ما يسميه أدوات الساحر التى يستخدمها قادة وأنظمة سياسية بهدف تسويق مشاريع سياسية أو الإقناع بأيديولوجيات أو بأشخاص يصبحون بمرور الوقت فوق الشعوب.
ويقول إن عملية الدعاية السياسية تشبه عمليات السحر الفولكلورية فى الهدف النهائى وهو السيطرة على الجموع والاستحواذ على مزيد من الأتباع الذين يحتاج إليهم القائد السياسى عبر عملية تنتهى به "إلى ما يشبه إله يونانى ينسب الأتباع إليه الخوارق" ولكن الخديعة لا تستمر طويلا.
وفى كتابه (صناعة الآلهة.. دراسة فى أساليب الدعاية للقادة السياسيين) يستعرض وسائل الدعاية السياسية أو "أدوات الساحر" ومنها "عربة الفائز" من خلال الإيهام بالفرص الكبيرة لفوز حزب أو مرشح فيلجأ المترددون إلى الانضمام إليه وتأييده.
ومن هذه الأساليب أيضا التحدث إلى البسطاء بلغة غير متعالية تتوافق مع مستوى ثقافتهم وحدود إدراكهم مستشهدا بخطابات الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر للجماهير خصوصا أهالى مدينة بورسعيد التى واجهت ببسالة العدوان الثلاثى (الإسرائيلى-البريطانى-الفرنسى) عام 1956 حيث بدأ عبد الناصر خطابه إليهم قائلا "إخوانى أهل بورسعيد الأمجاد" بما يوحى إليهم بأنه واحد منهم.
والكتاب الذى يقع فى 175 صفحة كبيرة القطع أصدرته الهيئة العامة لقصور الثقافة ويقع فى ثلاثة فصول هى (من هو الساحر.. القيادة والزعامة والكاريزما) و(أدوات الساحر.. أساليب الدعاية السياسية) و(قاموس الساحر) ويضم معجم الكلمات والمصطلحات التى حرص على استخدامها الرئيس السابق حسنى مبارك حتى فى خطاباته الأخيرة خلال الاحتجاجات الشعبية التى اندلعت قبل عامين ونجحت فى إسقاطه.
ويقول يونس، إن صناعة عدو وهمى من أقوى أساليب الدعاية تأثيرا إذ يرتبط ذلك بإثارة الكراهية لأعداء أو خصوم وهذا مفيد فى "اختراع كبش فداء يتم توجيه الاتهام إليه بأنه مصدر جميع الشرور" ويؤدى هذا الأسلوب الدعائى إلى زيادة تماسك الجمهور المستهدف وتخليصه من الإحباط.
ويضيف أن أسلوب إثارة الكراهية استخدمه الأمويون فى صراعهم السياسى مع على بن أبى طالب "عندما ادعوا إيواءه لقتلة عثمان بن عفان" كما استخدمه الزعيم النازى أدولف هتلر فى التعبئة النفسية للشعب الألمانى ضد بعض الإثنيات ثم أضاف هتلر إلى هذا الأسلوب أنواعا أخرى منها اختلاق أكاذيب مثل نشر معلومات عن جرائم ارتكبت فى حق الأقليات الألمانية تمهيدا لغزو تشيكوسلوفاكيا وغيرها.
ويرى يونس أن الاستغلال السياسى للدين يعمد إلى تقديم المادة الدعائية على أنها جزء من التعاليم الدينية وأنه "يزداد التمسح بالدين والقيم الدينية من قبل النظم السياسية كلما اشتد التأزم الذى تواجهه" موضحا أن هذا الأسلوب الدعائى استخدم فى اليونان وفى الحروب الصليبية واستخدمه الرئيس العراقى الراحل صدام حسين بعد غزو الكويت عام 1990 حيث أطلق على الأسلحة "أسماء إسلامية" مثل صاروخ الحسين الذى يشير إلى التضحية.
ويقول يونس، إن الاستغلال السياسى للدين يرتبط بأمر آخر هو التخويف من خلال حاجة الإنسان إلى الأمان موضحا أن "الخوف من أشد الأشياء قضاء على العقل" ويسهل على السياسى الزعم بوجود مؤامرة خارجية تستهدف الشعب وأمنه لكى تلتف حوله الجماهير وتنسى مشكلاتها الداخلية.