أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي أن الحكم فى تونس قائم على تحالف حركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية فى المجلس التأسيسى مع حزبين آخرين لهما تمثيلهما النسبى فى المجلس. أحدهما علمانى والآخر أكثر ميلا إلى اليسار، فيما سمى بـ«الترويكا»، مضيفا: لم يمنعهم اختلاف الرؤى فى إقامة ذلك التحالف فى حين أن هناك قوى أخرى فى المعارضة ليبرالية وعلمانية ويسارية، والتجاذب بين الطرفين مستمر طوال الوقت. وهذا النموذج يشهد بفساد فكرة التقاطع بين الموروث والعصر أو بين الدينى والمدنى.
وتساءل فى مقاله اليومي بجريدة الشروق: هل الصراع الحاصل فى مصر الآن هو بين الموروث والعصر؟
واعتبر فكرة السؤال الذي ذكر أنه سمعه من أحد الأشخاص أنها من قبيل التشخيص المتسم بالتبسيط والتغليط ــ وأرجعها لعدة أسباب، أولها أن الأزمة يتعذر اختزالها فى عنصر واحد، وإنما هو حصيلة عوامل عدة بعضها داخلى والبعض الآخر خارجى. ذلك أن اللاعبين على المسرح السياسى هم نتاج عدة عقود من الاستبداد والإقصاء أحدثت تشوهات عميقة فى جميع القوى السياسية أفقدتها القدرة على العمل المشترك بقدر ما حرمتها من خبرة إدارة الشأن العام، ثم إن تلك المرحلة تخللتها ارتباطات وتعهدات قدمتها القيادة المصرية السابقة للولايات المتحدة وإسرائيل بوجه أخص، أحسب أنها تشكل قيودا تكبل حركة أى نظام جديد يقوم فى البلد. الأمر الذى يؤثر سلبا على مجال وكفاءة إدارته.
وأضاف أن السبب الثانى للتبسيط أننا لا نكاد نرى فى التجاذب الحاصل فى مصر صراعا حول معادلة الموروث والعصر. وفيما خص الشريعة قال إننا نجد إجماعا بين القوى المتصارعة على الأقل على قبول المادة الثانية فى الدستور التى اعتبرت أن مبادئها تشكل المصدر الأساسى للتشريع.
وقال هويدى إن أخطاء إدارة الرئيس مرسى أسهمت فى احتشاد القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية ضده، وأنه لا يشك فى ذلك، لكنه فى نفس الوقت ليس واثقا من أنه لو أحسن الإدارة سوف يحظى بقبول تلك القوى وتأييدها له، ولخص ذلك فى أن هؤلاء الأخيرين احتكروا السلطة فى مصر طوال العقود الثلاثة الأخيرة، الأمر الذى أخضع البلد لحكم الأقلية السياسية فى تلك المرحلة. وحين أجريت الانتخابات الحرة خسرت تلك الأقلية موقعها، وارتفعت أسهم التيارات المعبرة عن الهوية الإسلامية، الأمر الذى أحدث انقلابا فى المعادلة أثار حفيظة أحزاب الأقلية فاستشاطت غضبا، وقررت أن تخوضها حربا شرسة دفاعا عن وجودها، وهذا هو سبب الأزمة التى نحن بصددها الآن، بحسب توصيفه.
38