الأهلي والزمالك.. مؤامرات وتهيؤات

يضع الكثيرون في عالمنا العربي أنفسهم فى صندوق شفاف من التهيؤات حول تعرضهم شخصيا أو أنديتهم ومؤسساتهم وبلادهم لمؤامرات خارجية تهدف عرقلتهم.. ويبقي هؤلاء الواهمون أسرى لتلك المؤامرات غير الموجودة إلا في عقولهم وعيونهم وقلوبهم.. بينما يراهم الآخرون في صورة المرضى الذين سجنوا أنفسهم اختياريا بلا داع.

آخر ضحايا التهيؤات اعتقد أو اعتبر أن خوض الزمالك لمباريات الإياب في الأدوار الثلاثة الأولى لدوري أبطال أفريقيا لكرة القدم الحالية بمثابة مؤامرة كبرى.. خاصة وان الأهلي يلعب مباراتي الإياب في نفس البطولة في القاهرة، وأن المسألة لا تخرج عن تلاعب مقصود وترتيب جهنمي يهدف تسهيل مهمة الأهلي وإقصاء فريقه الزمالك من البطولة.. وأن الوجود الأهلاوي في الاتحاد الأفريقي يتعمد عبر التاريخ عرقلة الزمالك.

ونحو دعم مبرره لوجود مؤامرة أشار صاحب الاتهام إلى أن الفريق الذي يلعب الإياب على ملعبه يفوز بنسبة 90 بالمائة.. كما استهجن إشراك الزمالك من الدور الثاني للبطولة رغم انه أحرز لقبها 5 مرات من قبل.. وأخيرا وجه اتهاما مباشرا لإدارة الزمالك بالجهل لأنها لم تتصد لتلك المؤامرات.

سبحان الله.. سلسلة من الاتهامات للاتحاد الأفريقي والأهلي والزمالك وكلها قائمة على تخيلات وأوهام تحوم حول نظرية المؤامرة دون أن يكون لديه أي دليل.

وفى ردنا على تلك الاتهامات الكاذبة والوهمية نعتمد فقط على الحقائق وعلى التاريخ وعلى اللوائح لنؤكد أن الاتحاد الأفريقي ليس ظالما ولا منحازا.. وان الزمالك ليس مظلوما على الإطلاق وان الأهلي لم ينل مجاملة أبدا.. وان مباراة الإياب لا تحمل أبدا ميزة لأصحابها لا أفريقيا ولا عالميا.

أولا تحديد المواجهات والملاعب في كل ادوار بطولتي الأندية الأفريقية تكون عن طريق القرعة العلنية التي يجريها الاتحاد الأفريقي بشفافية تامة (وغالبا في القاهرة) مرتين.. الأولى في يناير/ كانون الثاني لمباريات الأدوار الأولى وحتى الستة عشر والثانية في يونيو/ حزيران المقبل، للأدوار من ربع النهائي وحتى النهائي.. والصدفة وحدها تحدد الفريق الذي يلعب إيابا على ملعبه في كل الأدوار باستثناء نصف النهائي الذي يخوض الفريق الفائز بصدارة مجموعته الإياب في ملعبه ضد ثاني المجموعة الأخرى.. ويحضر مندوبو الصحف المصرية غالبا القرعة عندما تقام في القاهرة.

ثانيا مباراة الإياب لا تمثل 90 بالمائة ولا 80 بالمائة ولا 70 بالمائة ميزة لصاحب الملعب بدليل أن ريال مدريد الاسباني تعادل في ملعبه مع مانشستر يونايتد الانكليزي ثم هزمه في عقر داره إيابا في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. وان فريقي يوفنتوس الايطالي وغلطة سراي التركي خرجا من ربع نهائي البطولة رغم أنهما لعبا الإياب على ملعبيهما.. وكلها في الشهرين الأخيرين.

ثالثا إذا كان الاتحاد الأفريقي يجامل الأهلي باستمرار بمنحه ميزة الإياب على ملعبه فكيف له أن يلعب كل إياب المباريات النهائية لخمس سنوات متتالية من 1982 إلى 1986 خارج مصر.. وخلالها أحرز الأهلي كأس الأندية الأبطال أمام كوتوكو في غانا 1982.. وكأس الكؤوس لثلاث مرات متتالية أولها في ياوندى أمام كانون الكاميروني 1984.. وثانيها في ابا أمام ليفنتس النيجيرى 1985.. وثالثها في ليبرفيل أمام سوغارا الغابوني 1986.

والأغرب أن آخر ثلاثة ألقاب للأهلي في دوري أبطال أفريقيا كلها تحققت وهو يلعب الإياب خارج مصر.. أمام الصفاقسي التونسي في رادس 2006 وأمام القطن في الكاميرون 2008 وأمام الترجي مجددا في رادس 2012.. والأطرف أن النهائي الأخير الذي خاض الأهلي إيابه في القاهرة خسره أمام النجم الساحلي التونسي مما يقضي نهائيا على مزاعم ميزة أداء الإياب على ملعبك.

وإكمالا للمشهد الرقمي الذي لا يقبل التشكيك جاء الخروج الوحيد للزمالك من الأدوار الأولى للبطولة عام 2011 أمام الأفريقي التونسي في القاهرة في إياب دور الاثنين والثلاثين.. ولم تمنح مباراة الإياب أي ميزة للزمالك.

رابعا إذا كان الاتحاد الأفريقي ظالما للزمالك لأنه يلعب لثلاثة ادوار متتالية مباراة الإياب خارج ملعبه ويجامل الأهلي لأنه يخوض مباراتي الإياب في القاهرة.. فلا شك أن الاتحاد الأوروبي يجامل برشلونة الاسباني لأنه لعب مباراتي الإياب على ملعبه كامب نو ضد ميلان الايطالي ثم باريس سان جيرمان الفرنسي وأخيرا يلعب ضد بايرن ميونيخ الألماني في كل الأدوار الحالية لدوري الإبطال.

وأخيرا واعتمادا على الحقائق والأرقام نشير إلى أن المباريات الخمسة الأخيرة للزمالك في الأدوار التمهيدية للبطولة في الدورتين السابقتين عامي 2011 و2012 كان الإياب خلال أربع مرات منها في القاهرة (أمام اولينزى الكيني والأفريقي التونسي ويانغ افريكانز التنزاني والمغرب الفاسي).. الحقائق لا تكذب ولم يقل احد عندئذ أن الاتحاد الأفريقي يجامل الزمالك أو يتآمر لمصلحته.

بقلم: علاء صادق