بنائه ومكانه مميزان وسط شارع المعز لدين الله، ومع أنه ليس مبنى واحد لكن أغلب أهل المنطقة يعرفونه بـ'' مسجد السلطان قلاوون'' ومن يتردد على عياداته للرمد أو الأسنان يعرفه بـ''مستشفى قلاوون'' أما أهل البناء من العاملين فيرددون أنه ''مجموعة قلاوون''.
''هبني لكم مستشفى وجامع ومدرسة''.. تلك الكلمات التي بالنسبة لمن بيده السلطة يمكن أن تخرج عنه كوعد يعرف عند مفضليه ومن يريد استقطابهم بـ'' الوعد الانتخابي''، ولهذه الكلمة ظلالها هنا.
مستشفى وجامع ومدرسة؛ ثلاثة أبنية متصلة شكلت مجموعة ''الناصر قلاوون'' يمكن أن تعتبرها ''وعد انتخابي'' تم تحقيقه في تلك الفترة؛ فعندما تولى الملك الناصر قلاوون حكم مصر أواخر القرن الثالث عشر، كان بداية حكمه انقلابات وعدم ثبات في الدولة، وقُتل في ولايته كثير من المصريين، حتى أنه تم خلعه وجاء ''الملك العادل كتبُـغا المنصوري'' وعمل على إصلاح حال البلاد، وكانت البداية ببناء مدرسة ومسجد، وأسند أعمال البناء إلى المعماري العسكري المملوكي ''الأمير علم الدين سنجر الشجاعي''.
استطاع ''الناصر قلاوون'' العودة للحكم مرة أخرى عام 1299م، وعزم النية على التقرب من المصريين وتوطيد حكمه بكثرة الفتوحات والإصلاحات، حينها لم تكن ''المجموعة'' قد اكتملت بعد؛ فأمر باستكمال البناء و بناء ''بيمارستان - مستشفى'' لعلاج الجنود والعامة؛ فكانت أول مستشفى تخصصي للعيون، وخصص أموال الأوقاف لهذا المشروع، وكانت بالمجان وبها أول جناح لعلاج الأمراض النفسية والعصبية في العالم؛ حيث وفقا لحديث ''خلف'' - حارس المجموعة القلاوونية - كان للناصر قلاوون أخ مريض عقلياً لذلك أمر ببناء هذا القسم، كما كان تستخدم المياه والموسيقى كأسلوب حديث للعلاج في تلك الفترة.
واكتمل بناء ''المجموعة القلاوونية'' عام 1394، وكان قد أُلحق بها ''مدفن'' يخصص للناصر قلاوون، وكانت المجموعة آية في الجمال وفخامة العمارة المملوكية، تطل الواجهة الشرقية لها على شارع المعز لدين الله وتتكون من قسمي؛ البحري الواقع على يمين الداخل من الباب الرئيسي وهي واجهة المقبرة التي دفن بها المنصور قلاوون وتعلوها القبة، والقبلي ويضم المدرسة، وبين القبة والمدرسة دهليز طويل يؤدي إلى البيمارستان.
''البوابة الرخامية'' للمجموعة في الأصل تعود إلى أحد ''كنائس عكا'' وهي مبنية على الطراز ''القوطي - الغربي'' المميز بالأقواس، وكانت مدينة ''عكاظ قد فتحها الملك ''الأشرف خليل بن قلاوون'' عام 1291، نقل باب الكنيسة إلى القاهرة، ووضعه كحجر أساس في بناء المسجد عندما شرع ''كتبغا'' في البناء.
كلمة ''بيمارستان'' كانت تعني ''دار المرضى''، إلا أنها مع مرور الوقت وظهور دور أخرى للمرضى في الدولة المصرية، اقتصر مفهوم الكلمة على ''علاج الفقراء والمرضى النفسيين''، وتحولت الكلمة إلى ''مارستان أو مورستان''، وهو ما يطلق على دور علاج المجانين حتى الآن، وظلت هكذا حتى عام 1915، حينما تخصصت في ''الرمد – أمراض العيون'' و جزء منها لعلاج الأنف و لأذن و الحنجرة مستمرة في العمل حتى الآن.
وعلى الرغم من وجود المحراب والمأذنة الخشبية وانتظام أروقة المسجد التي كثيراً ما تنعكس عليها ألوان المشربيات عندما يسقط عليها ضوء الشمس، إلا أن الصلوات لا تقام فيه، واقتصر دوره على مجرد ''أثر تاريخي''، نادراً ما تقام فيه الصلوات، في حين اكتفى المكان بالأرضيات الحجرية المنقوشة بديلاً عن السجاد كحال المساجد الأخرى .
''جنيه مصري واحد'' تستطيع به أن تتجول داخل أركان مجموعة قلاوون وما جوارها من الآثار أي ما يقرب من 8 آثار، وما هذا إلا رسم جدية كمساهمة بشيء بسيط مقابل التعرف على آثار القاهرة القديمة، تلك التذكرة نظام تم إتباعه منذ ما يقرب من 8 أشهر على حد قول عمار إبراهيم مدير منطقة قلاوون.
وعن الإقبال على الآثار بشكل عام ومجموعة قلاوون بشكل خاص، أكد عمار إبراهيم - مدير منطقة قلاوون - قائلاً:'' السنة دي أحسن من السنة اللي فاتت في زيادة كنسبة تقديرية 20 -25 %، إحنا عندنا سلعة موجودة في مصر مش موجودة في العالم كله وهو اللي بيخلينا نقوم تاني على رجلينا؛ فمصر حتى أيام حوادث الإرهاب اللي كانت موجودة في التسعينات والثمانينيات كانت مصر تستفيق على طول بعد أي أزمة بسرعة، السائح مش هيقول أروح أسبانيا اللي بدأت السياحة الأولى في العالم هى معدهاش الآثار اللي موجودة في مصر''.
وأضاف إبراهيم :'' السائح كده كده بيجي لكن عشان على الأقل يبقى في تأمين على حياته دي أقل حاجة ممكن تتعمل''، مؤكداً أن السياحة الثقافية عموماً الخاصة بالآثار تبقى في موسم الشتاء شهر 12 و1 وهم أكثر شهرين خاصة في الآثار الإسلامية.