فى الآونة الأخيرة انتشرت بوسائل الإعلام العربية حوارات موثقة لكبار المؤرخين فى مصر والسودان فى إطار سعي الباحثين لكشف حقيقة الخواجة عبدالقادر الذى قام بتأدية دوره الفنان الكبير يحيى الفخرانى فى المسلسل الدرامي ''الخواجة عبدالقادر '' الذي تم عرضه بشهر رمضان المنقضي .
يقول الكاتب الصحفي صلاح الشيخ الذى قام بنشر سلسلة حلقات موثقة بموقع '' أفريقيا اليوم '' الإخباري حول هذه القضية إنه من خلال متابعة حلقات المسلسل منذ حلقاته الأولى فى لندن أيام الحرب العالمية الثانية وصراع عبدالقادر مع نفسه وعدم حبه للحياة وتمنيه للموت حتى نقل إلى السودان ليعمل بها ، عادت إلي ذكرى قصة سمعتها فى نهاية الستينات من عمى أحمد الشيخ الصديق الذى يعمل مدرسا ً بقرية الشكينيبه وطن المكاشفية وطريقتهم القادرية المنتشرة فى السودان ، والتى تربطنا بها صلة روحية وصلة دم ، فمنذ أن كنا أطفالا ً يقوم أهلنا بزيارة الشكينيبه فى المناسبات الدينية منذ حياة الشيخ عبدالباقى المكاشفى حتى توفى فى 1960 .
ويضيف الشيخ فى تقريره الإخباري بموقع '' أفريقيا اليوم '' أن المفاجأة الكبرى في قصة الخواجة عبدالقادر التى سمعتها بتفاصيلها الدقيقه أنني وجدتها تتراءى أمامى فى المسلسل المصري '' الخواجة عبدالقادر '' فى تطابق شديد بين المسلسل والقصة السودانية التى حدثنى عنها عمي أحمد الشيخ الصديق ، وحضرت جزءا ً من حكايته فى الشكينيبه أثناء زيارتى لها حيث وجدت الصحفى والباحث الاجتماعى المرحوم محجوب كرار فى انتظار الخواجة عبدالقادر ليجرى معه حوارا ً، ومن هنا قادنى فضولى لأسمع حكاية الخواجة عبدالقادر والشيخ عبدالباقى المكاشفى .
ويشير الشيخ إلى أن الحكاية التاريخية هى أحد كرامات الشيخ عبدالباقى المكاشفى ، فالخواجة عبدالقادر أيا ً كان إسمه الأجنبى وهو من أصل نمساوى وليس انجليزيا ً كما ورد فى المسلسل ، جاء عبدالقادر ليعمل مهندسا ً فى خزان جبل أولياء فى عام 1937 ، وأثناء عمله استمع إلى نوبيات ومدائح المكاشفية ، وسأل عنهم بعدما جذبته موسيقى النوبيات والمديح ،و شرحو له ماتعنى هذه الحلقات و ماورد بالتفصيل فى المسلسل .
ورغم أن مؤلف المسلسل عبد الرحيم كمال ومخرجه شادى الفخرانى لم يشيرا من بعيد أو قريب إلى أن هذه القصة حقيقية حدثت تفاصيلها مابين الشكينيبة وجبل أولياء إلا أنه استبدل جبل أولياء بمحجر ربما كان بالفعل محجر لبناء الخزان ولم يذكر منطقة الشيخ الشكينيبه إنما ذكر تفاصيل القصة دون الأماكن .
ويوضح الشيخ أن عبدالقادر حكى لأتباع الطريقة المكاشفية القادرية فى جبل أولياء عن حلمه بأن شاهد شيخا ً سودانيا ً فى المنام أكثر من مرة منذ أن كان فى بلده وهو لايفهم ولايفسر طبيعه الحلم ، ولذلك سافر للشكينيبه ليلتقى بالشيخ عبدالباقى الذى حينما رآه منذ الوهلة الأولى ناداه بعبد القادر وتحدث معه بلغته النمساوية ، فمن كرامات الشيخ عبدالباقى المكاشفى أنه يخاطب كل من زاره من الأجانب بلغته ومن أهل السودان بلهجاتهم مثل الدينكا والنوبه وغيرهم .
وكرامه المكاشفى هى أن عبدالقادر دهش لأنه رأى أمامه نفس الشيخ الذى يراه فى المنام ومنذ ذلك الوقت أسلم على يديه ، وأصبح ملازما ً له حتى وفاته أغسطس 1960ويضيف أن عمه أحمد الشيخ الصديق أخبره أن المكاشفى بعث عبدالقادر إلى الأزهر الشريف ليدرس علوم الدين ،وظل عبدالقادر يزور الشكينيبه حتى بعد وفاة الشيخ عبدالباقى المكاشفى .
ويقول الشيخ هذا ماجعلنى أعيش بعضا من قصته حينما التقيت المرحوم الصحفى محجوب كرار الذى أجرى حوارا ً مع عبدالقادر عبر عمى أحمد الشيخ الصديق الذى كان صديقا ً للخواجة عبدالقادر فقد دخل وقتها خلوة للعبادة فى الشكينيبه ، وهى كما يعلم المتصوفة من أصعب وسائل العبادة التى ينقطع فيها المتعبد لأربعين يوما ً داخل غرفة مقفلة لايقابل أحدا ً إلا من يحضر له الطعام .
ويضيف ''هكذا ظل العم أحمد ينقل الأسئله للخواجة عبدالقادر ويجيب عليها ثم يعيدها للصحفى محجوب كرار الذى نشر القصة كاملة فى ذلك الوقت فى صحيفة الأضواء لصاحبها المرحوم محمد الحسن .
أما حكاية المقام الذى تدور حوله الحكاية فى مصر فيقول : '' عمى أحمد الشيخ الصديق أخبرني أن الخواجة عبد القادر دفن فى السودان فى قرية '' ود أبو آمنه '' وهى بلد الشيخ عبد الباقى المكاشفى الأصلية بالقرب من الشكينيبة ، والمسلسل أيضاً أوضح هذه الحقيقة وكشف معالمها بأن المقام ليس قبره ، وإنما '' بيان '' كما نقول فى السودان حلم به أكثر من شخص كماورد فى المسلسل ولذلك بنى المقام.