أعاد قرار الرئيس محمد مرسي، الاثنين، بتعيين ٤ مساعدين و١٧ مستشارا ضمن فريقه الرئاسي إلى الأذهان ملف مستشاري رؤساء الجمهورية المصرية والدور الذي لعبوه في تاريخ مصر وداخل مؤسسة الرئاسة المصرية.
الإحصائيات المتوفرة تؤكد أن مرسي يحتل المركز الأول بلا منازع من حيث عدد المستشارين الرسميين من بين رؤساء الجمهورية الخمسة الذين تناوبوا حكم مصر، بالإضافة إلى استحداثه منصب مساعد الرئيس الذي لا يزال بلا دور أو صلاحيات معروفة حتى الآن.
الرئيس محمد نجيب أول رئيس جمهورية لمصر لم يكن معروفا وجود مستشارين له، حيث كان يلعب مجلس قيادة الثورة، الذي كان يحكم البلاد مع الرئيس، دور المستشارين له، كما أن مذكراته خلت من أي إشارة لوجود مستشارين له يستشيرهم في أمور الحكم.
أما الرئيس جمال عبد الناصر فكان معروفا بوجود عدد غير قليل حوله من المستشارين، إلا أنه كان يستمع كثيرا إلي محمد حسنين هيكل، الكاتب والصحفي المعروف ورئيس تحرير الأهرام وقتها، وزوج ابنته ورجل الأعمال أشرف مروان وعبد الحكيم عامر بحكم الصداقة، أكثر من الاستماع الي مستشاريه الذين يحملون الصفة الرسمية . أما أشهر مستشاريه الرسميين فكان الدكتور عصمت زين الدين الذي عرف بأنه المستشار النووي لجمال عبد الناصر، ومؤسس قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية، كما استحدث الرئيس جمال عبد الناصر شكلا جديدا للمستشارين فيما عرف بنظام المكاتب مثل مكتب الرئيس للشؤون الاقتصادية ومكتب الرئيس للمعلومات والذي رأسه سامي شرف.
أما في عهد الرئيس السادات فقد كان يستمع إلى كل من رجل الأعمال عثمان أحمد عثمان خاصة في الشؤون الاقتصادية، إضافة إلي سيد مرعي رئيس مجلس الشعب حينها. كما استمر نفوذ محمد حسنين هيكل في مؤسسة الرئاسة حتي وقوع الخلاف بينه وبين السادات والذي أدى لخروج هيكل من الأهرام ١٩٧٤.
ويعد حافظ إسماعيل أشهر مستشاري الرئيس السادات الرسميين، والذي مارس دوره بعض الشيء كمستشار للأمن القومي، بالإضافة إلى علي السمان مستشار السادات للإعلام الخارجي قبل حرب أكتوبر نظراً لعلاقاته بالملك حسن ملك المغرب الذي كان صديقاً لموشي ديان وكرباشكي إمبراطور النمسا من خلال عمله في وكالة أنباء الشرق الأوسط، وحسن التهامي مستشار الرئيس للأمن القومي والشؤون الدينية.
ولعب منصور حسن دورا مهما كمستشار للرئيس السادات الذي كان يوليه ثقة كبيرة أدت لصعوده السياسي في فترة قصيرة ليتولى منصب وزير الدولة لشؤون الرئاسة، قبل أن يتوارى عن الأنظار في عهد مبارك الذي أشار عدد كبير من الصحفيين إلى أنه لم يكن على وفاق مع «حسن».
سياسة تفضيل أهل الثقة عن أهل الخبرة في اختيار المستشارين الرسميين هي نفس السياسة التي انتهجها مبارك علي خطي سابقيه، فكان معروفًا عن مبارك أنه دائم الاستشارة لأهل الثقة المقربين منه أمثال رجل الأعمال حسين سالم، وزكريا عزمي، وصفوت الشريف، وأحمد عز، ونجله جمال.
رسميا لم يعرف عن وجود مستشارين رسميين لمبارك سوي أسامة الباز، الذي حرص على الظهور باعتباره الوجه الأكثر قربا للشعب في مؤسسة الرئاسة، حيث ظهر الباز في أكثر من مناسبة بين الجماهير، في قطارات مترو الأنفاق وحفلات دار الأوبرا. وهناك شخصيات أخرى أشيع أنهم مستشارون لمبارك دون وجود إشارة رسمية لذلك، من أشهرهم الدكتور مصطفى الفقي.
من جهته قال الدكتور سامح السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن النهج الذي انتهجه رؤساء الجمهورية السابقون هو تهميش دور المستشارين، مضيفا أن أغلبهم كانوا يعينون مستشارين لهم بأدوار صورية في المطبخ السياسي، فأغلب الرؤساء، بحسب رأي «السيد»، «كان يستبد برأيه ويستمع فقط إلي المقربين منه دون وضع أهمية الخبرة في الاعتبار».
ويري «السيد» أن مبارك كان أكثر الرؤساء استهانة بمنصب مستشار الرئيس «فهو لم يعرف له مستشارا بخلاف أسامه الباز»، وفسر السيد ذلك بأن «مبارك كان يخاف من وجود مستشارين أو نواب له يتحكمون في مفاصل مهمة في الدولة».
وعن مستشاري مرسي يقول السيد «مستشارو مرسي هم الأكثر عددا علي الإطلاق، ولم تعرف مهامهم ولا أدوارهم بعد بشكل كامل، ولكن ما يقلق في الأمر هو سيطرة الإسلاميين علي أغلب مناصب المستشارين، وهو ما يعطي ولو مؤشرا علي الوضع الذي ستكون عليه قرارات الرئيس القادمة والتي يفترض أن يكون لمستشاريه دور في صياغتها».
وحول الدور الذي يلعبه المستشارون في قرارت الرئيس، استشهد السيد بأول قرار اتخذه مرسي عقب توليه الرئاسة بإعادة مجلس الشعب، «وهو القرار الذي أبطلته المحكمة الدستورية العليا في أقل من ٢٤ ساعة، وتراجع عنه مرسي بعدها بأيام، وهو ما يدلل علي فشل مستشاري الرئيس القانونيين في تلك المرحلة فهم من أشاروا عليه باتخاذ ذلك القرار وكانت النتيجة وضع الرئيس ومؤسسة الرئاسة ككل في موقف محرج أمام القضاء والرأي العام».