الدين والفن؛ فكلاهما يعارض الآخر ويعترضه بقوة، ورغم محاولات شحيحة بإصلاح هذه الصورة واستبدالها بصورة متحضرة فيها الدين والفن يكمل كل منهما الآخر، إلا أن القائمين عليهما يفنوا جل جهدهم في توسيع وتمديد هذه الفجوة، حتى صار الواقف على حافة أي منهما يستحيل عليه التعرف على نظيره في الجهة الأخرى.
ويبدو أننا في الأيام القادمة سنواجه هذه الأزمة في أعظم صورها، ففي عهد سياسي يبشر بحكم ديني محتمل، وفنانون يرفضون أي رقابة دينية عليهم، ورجال دين يرفضون التفاوض حول حرية حتى الاعتقاد، هناك أزمة نواجه بوادرها الآن.
وفي الفترة الأخيرة زادت ظاهرة مهاجمة الفنانين باسم الدين بدأت من رفع دعوى قضائية ضد عادل إمام مرورًا بسب بعض الفنانين أمثال نور الشريف فاروق الفيشاوي هالة فاخر سماح أنور وأخيرًا إلهام شاهين.
وبصرف النظر عن من المحق ومن المخطئ، إلا أن هذا لا يبدو شكلًا جيدًا لواجهتنا الثقافية فنيةً كانت أو دينية، ويبدو أن لرأي إلهام شاهين حينما قالت أننا في زمن الآن أصبح الفنانين فيه ''ملطشة'' حكمة ما.
ولقد تضامن العديد من أهل الفن بالطبع مع زميلتهم في المهنة على خلفية ما أصابها من ألفاظ جارحة من قبل عبد الله بدر، الداعية الديني، وهذا ما حدث بالتأكيد في الجهة الأخرى. إلا أنه وتحيزًا للطرف المجني عليه لا لسبب آخر رصدت لكم آراء بعض الفنانين الذين أبدوا تعاطفهم مع شاهين.
عبير صبري ''بيتفرج عليها ليه!''..
بالرغم من أنه بدا على الفنانة عبير صبري أنها لم تكن سمعت بهذه القضية من قبل إلا أنها أبدت استياءها الشديد واندهشت ''كيف عرف هذا الشيخ أن أعمال إلهام مبتذلة إن لم يكن يشاهدها، ولماذا يشاهدها إذا كانت هذه من وجهة نظره''.
وأضافت أنها ترى أن الصحافة هي التي تشهر هؤلاء ''حسب وصفها'' وأنه لا يجب الالتفات لهم، لكنها أكدت في النهاية أن صاحب القرار والذي يقيم ما يستحقه الموقف سواء من تجاهل أو إجراءات بعينها هي إلهام نفسها، لأن الضرر واقع عليها، وأكدت أن أقصى تضامن في هذه الحالة هو التضامن المعنوي لأنها تعرضت لإهانة شخصية، لذا فالموضوع برمته موضوع شخصي.
ورأت صبري أن هذا الأسلوب في الاختلاف في الرأي ليس متحضرًا، مستغربةً من أننا في وقت نطالب فيه بالديمقراطية ونفعل عكسها، وقالت أن هذه الإهانة لإلهام شيء كبير، لأنها تنتمي لعائلة كبيرة ومحترمة ولا أحد يقبل ذلك.
رجاء الجداوي ''نحن أمهات وزوجات وجدات''..
ومن جانبها استاءت بشدة الفنانة رجاء الجداوي من واقعة سب إلهام شاهين، قائلةً: ''هذا أسلوب غير مقبول على الإطلاق، وهذه الإهانة لا تخص إلهام بعينها بل هي تنسحب على كل أهل الفن''، ثم أعقبت ذلك، قائلةً: ''فينا زوجات وأمهات وجدات'' وهذه إهانة تضرنا في حياتنا الشخصية، وشيء مشين ولا يحتمل''.
وأضافت أنه من حق إلهام بالطبع رفع دعوى، أما عن موقفها هي فهي تنتظر قرار نقابة المهن التمثيلية، كونها الشخصية الاعتبارية التي تمثل كل أعضاء المهنة قانونًا.
لوسي ''النقابة شغلتها تجيب حقنا''..
''بكرة الدور عليا وبعدين يسرا وبعدين هالة وغيرنا'' هكذا عبرت لوسي هي الأخرى عن موقفها من تلك التصريحات التي قالها د.عبدالله بدر، كما استنكرت على رجل دين أن يستخدم هكذا ألفاظ، قائلةً: ''وهو الدين بيقولنا نستخدم الألفاظ دي؟!''، ثم أن هذا الأسلوب يسئ له هو لأنه يدل على نشأته ومن شب على شيء شاب عليه، وبعدين احنا بنعمل فن مش بنعمل دعارة''.
وأضافت لوسي أنها ترى أن هنا يأتي دور النقابة للذود عن الفنانين، موضحةً أن هذا هو دورها القانوني والأساسي.
محمود قابيل ''دي قلة أدب''..
أصاب محمود قابيل الذهول عندما عرف بما حدث، وعندما عرف أن السبب كان اختلاف آراء حول الثورة وحكم الإخوان، وقال: ''هل الاختلاف في الرأي يعني أن نتطاول''، وأضاف: ''لقد اختلفت أيضًا مع إلهام حيث هي تعارض الثورة، وأنا أؤيدها، إلا أن هذا لا يمنعنا من احترامنا لكلينا، بل إننا نأخذ هذا الاختلاف أحيانا بمرح وفكاهة، أنا لم أعرف ما قيل لكني عرفت أنها ألفاظ جارحة جدًا وأعتبر هذا قلة ذوق وقلة أدب''، كما أنني أعرف أن الرد على الرأي المخالف بالسب هذا يعد ضعفًا''.
وحسبما رأى قابيل أن من حق شاهين أن ترفع دعوى سب علني، ولكن هذا إن لم تتخذ النقابة الإجراءات التي ترضيها وترد لها حقها.
نبيل الحلفاوي ''القضاء هو الحل''..
أما الفنان نبيل الحلفاوي فرأى للقضية أبعادًا أخرى، وأنها قد لا تكون الإساءة الأخيرة بل وأن الظاهرة ربما لا تقتصر على الفنانين، وأن الحل الوحيد لعدم تمدد الظاهرة هو أن يقوم القضاء بدوره، إلا أنه لم يوضح أن كان يقصد أبعادًا سياسية أم شيء آخر إلا أنه قال نصًا: ''إن لم يحسم هذا الأمر قضائيًا كي يرتدع كل من يستسهل الخوض في الأعراض. فعلى الجميع أن ينتظر دوره ولا أقصد الفنانين فحسب''.
لقاء سويدان''ربنا الأعلم بالمتقين''..
هكذا علقت لقاء، وقالت: ''لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم''، فمن يعرف ومن من حقه أن يقيم الناس ربما هي تكون أفضل عند الله من هذا الشيخ، كما قالت: ''ربما لو كنت مكان إلهام لما كنت التفت له من الأساس، إلا أنني أحب إلهام وأحترمها وأعرف أنها ستحسن التصرف، ونحن نرفض هذا الأسلوب بشكل عام''، حيث رفضت أيضًا التطاول الذي تعرضت له الفنانة هالة فاخر، قائلةً: ''وهذا رغم خلافي الشخصي معها''.
ورغم أن الحوار وتبادل الاتهامات مايزال دائرًا بين الفنانة إلهام شاهين وبين د.عبدالله بدر، إلا أنه كيفما انتهى لن يضع حدًا لهذه المشكلة؛ فمن الواضح أنه جزء من قدرنا أن نختار بين التدين والإبداع، أو نتحمل عواقب تنافسهما.