لم يكن شراء بنطلوناً فى الواحدة صباحاً بالقاهرة يمثل أى مشكلة، لكن خطة جديدة للحكومة لخفض ساعات التسوق ستجعل ذلك غير ممكن فى القاهرة التى اعتادت ألا تنام.
وقال وزير التنمية المحلية أحمد زكى عابدين، إن الحكومة تناقش تشريعا لغلق المحال فى تمام العاشرة مساء والمطاعم فى منتصف الليل.
وقال الوزير،" إن المنشآت السياحية الحائزة على رخصة مثل الفنادق والحانات سيتم استثناؤها من ذلك".
وأثار المشروع، الذى يهدف لتوفير الكهرباء وزيادة الإنتاجية وربما يدخل حيز التنفيذ نهاية الشهر الجارى، كثيراً من الجدل الحاد والسخرية.
وقال محمد حسن (38 عاماً) الذى يعمل بموقف سيارات بشارع تسوق مزدحم بالقاهرة،" هذا المشروع لن يجدى نفعاً، هذه هى مصر، نحن نظل نعمل حتى ساعات متأخرة من الليل"، متابعا "أنا متأكد من وجود طرق أفضل لتوفير الكهرباء".
وتم اختيار القاهرة التى تعانى من اختناقات مرورية ليلية، فى عام 2011 كواحدة من أكثر المدن التى لا تنام، حسب موقع بادوو للتواصل الاجتماعى.
وقال الوزير زكى، إن المشروع بالإضافة لتوفيره الطاقة سيساعد القوى العاملة على زيادة إنتاجيتها.
وقال فى حوار عبر الهاتف مع قناة "أون تى فى" الفضائية الخاصة،" الناس ستذهب للنوم مبكراً ما يساعدهم فى العمل فى اليوم التالى، نحن لا نقول للناس ناموا مع غروب الشمس".. وفيما بدا تأثره بالانتقادات تسائل الوزير "هل هناك مدينة فى العالم لا تنام كالقاهرة؟"
وقالت الحكومة إنها استشارت محافظى المدن وأصحاب محلات وغرف تجارية عبر البلاد وقالت إنهم كلهم وافقوا على المقترح.. لكن اتحاد الغرف التجارية فى مصر قال إن الأمر بحاجة لمزيد من المشاورات، داعين لاجتماع طارئ الأسبوع المقبل.
وقال زكى "المقترح سيوفر الطاقة، سيجعل الطرق أهدأ، سيذهب الناس لبيوتهم ليرتاحوا، وعمال النظافة بالشوارع سيكون لديهم القدرة على تنظيفها"، مضيفاً بإصرار "الأمر منطقى ومعقول".
لكن أحمد فراج، وهو عامل فى مقهى فى القاهرة، قال "إنها فكرة غبية" وتابع "معظم الناس تبدأ فى القدوم للمقاهى حوالى التاسعة مساءً، ماذا سأفعل معهم؟ أطردهم؟ كيف يمكن أن نكسب قوت يومنا؟"
ومثل فراج يعمل كثيرون ليلا لتوفير ما يسند رواتبهم الهزيلة، وهم أكبر الخاسرين من تطبيق مقترح غلق المحال مبكراً.. وقال فراج "كلما استمر عمل المحل لفترة أطول ليلا، كلما كسبت نقود أكثر معظمها من البقشيش".
والتف حول فراج عدد من الناس لإعطاء الوزير نصائح لتوفير الطاقة، وقال أحدهم "يجب عليه غلق نصف أنوار الشوارع"، فيما قال آخر تحت مجموعة من اللوحات الإعلانية المضيئة بحى وسط البلد "يجب عليه إطفاء الأنوار بين الثانية والسادسة صباحاً".
وفيما كان يشترى حذاء قال أحمد محمود (63 عاما) "يريدون أن يحولونا لسويسرا فى برهة من الزمن"، وتساءل معلقاًً على ما وصفه بأنه "فكرة سخيفة"، "ما هى الخطوة القادمة، سيعطوننا حبوبا منومة للتأكد أننا سننام مبكراً".
واعتبر البعض المقترح أول إشارة على أن الإسلاميين الذين يتولون السلطة، يريدون فرض عاداتهم على الناس.
وقالت شيرين، وهى أم لابنين "أولاً سيقولون إنه لا يجب البقاء مستيقظين حتى وقت متأخر، ثم يقولون إن المرأة يجب أن تبقى بالمنزل، الأمر يثير غضبى".. ولكن تغير نمط الحياة ليس فقط ما يثير القلق، الكثيرون وخاصة من النساء، يعترضون على حظر تجول التسوق لاعتبارات أمنية.
وبدأ نشطاء بالقاهرة الدعوة لتظاهرات احتجاجية ضد المقترح الذى سيغلق المحال مبكراً.. ووزع هؤلاء منشورات تقول "نحث كل مصرى سيتضرر من القانون بالانضمام للاحتجاج ضد الظلم، بدلا من الاقتطاع من دخلى، مرروا قانون الحد الأدنى للأجور".
وانتقد صلاح طه الأمين العام للغرف التجارية فى الجيزة القرار، مستشهداً بوجود حاجات مختلفة لكل محافظة.
وأوضح طه لفرانس برس "فى المحافظات السياحية مثل الأقصر وأسوان يقضى السياح النهار فى المتاحف وزيارة المواقع الآثرية"، متابعا أنه مع مشروع الخطة الجديدة "المحال ستغلق أبوابها فى وجوهم حين يبدأون التسوق".