فى الوقت الذى تشهد فيه البلاد أزمات متلاحقة وصراعات القوى السياسية، وزيادة المطالب الفئوية، "اليوم السابع" ترصد من أسيوط جهود جنود مخلصين لهذا الوطن من أبناء وزارة الرى بدأوا ملحمة وطنية جديدة، أولها الأعمال اللازمة لتحويل مجرى النيل بموقع القناطر الجديدة، بعد أن تخطى العمر الإنشائى لقناطر أسيوط الحالية "المائة عام".
أهمية الرصد تأتى من أهمية القناطر، حيث تخدم محافظات الصعيد الست أسيوط والمنيا وبنى سويف والفيوم والجيزة، لتحسين حالة الرى فى مساحة 1,6 مليون فدان (تعادل 20% من الإنتاج الزراعى للبلاد) كما تسهم القناطر الجديدة فى زيادة العائد الاقتصادى من المحاصيل الزراعية لمصر بإجمالى 12 مليار جنيه.
كما أنها المرة الثالثة التى تشهد فيها مصر تحويل مجرى النيل الرئيسى القادم من أسوان، الأولى أثناء بناء السد العالى، والثانية أثناء بناء قناطر نجع حمادى الجديدة، والثالثة تشهدها مصر الثورة 25 يناير، الأهمية أيضا فى الرسالة التى يوجهها أبناء مصر إلى العالم أنه بالرغم مما نمر به إلا أننا نبنى ولن نتوقف عن البناء لمصر الجديدة.
تفاصيل الحكاية بدأت منذ فترة، حيث عُقد عدد من الاجتماعات مع الأهالى والمسؤولين بمحافظة أسيوط لتعريفهم بجدوى المشروع الذى يوفر 3 آلاف فرصة عمل مؤقتة، 500 فرصة عمل دائمة بعد انتهاء المشروع، وأنه سوف يتم صرف التعويضات للمتضررين من إنشاء القناطر الجديدة.
كما يشير أحمد كرات، المهندس المقيم لمشروع قناطر أسيوط الجديدة أنه سوف يتم صرف تعويضات تصل إلى 13 مليون جنيه للمضارين من المشروع من أبناء جزيرة "بنى مر"، والتى ستستخدم أراضيهم للمنفعة العامة للمشروع بالإضافة إلى تحويل المجرى من خلال قناة مكشوفة تخترق الجزيرة لمرور المياه المحولة من البر الأيسر بطول 500 متر وعرض 150 متراً إلى البر الأيمن، والتى سوف تستخدم لاستمرار توفير المياه على مدار العام، موضحاً أن القناطر الجديدة بعد انتهاء إنشائها سوف تسهم فى استمرارية زراعة أراضى الجزيرة على مدار العام بكامل مساحتها، والتى كان يزرع نصفها لدورة زراعية واحدة، نتيجة انخفاض منسوبها خلال فترة الصيف "أقصى الاحتياجات"، حيث كانت تغمر بالمياه.
هنا يلتقط المهندس فتحى جويلى، رئيس مصلحة الرى والمسئول الأول عن إدارة منظومة العمل داخل قطاعات وهيئات وزارة الموارد المائية والرى، حيث يقول إن البداية كانت توقيع عقود حزم إنشاء مشروع قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية بتكلفة قدرها 4 مليارات جنيه مصرى، وذلك ضمن خطة الوزارة حتى عام 2017 لإحلال وتجديد المنشآت المائية الكبرى، والتى مر على إنشائها أكثر من 100 عام، ويتم تمويل المشروع من خلال الحكومة الألمانية، ممثلة فى بنك التعمير الألمانىKFW، علاوة على التمويل المحلى، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يستغرق تنفيذ المشروع 64 شهرا.ً
وأضاف أن المشروع يستهدف تحسين الرى فى زمام إقليم مصر الوسطى، والواقع خلف فم ترعة الإبراهيمية على زمام قدره 1.65 مليون فدان، وإنتاج طاقة كهربائية نظيفة صديقة للبيئة بقدرة 32 ميجاوات، توفر مبلغا وقدره 15 مليون دولار سنوياً، فى حالة استخدام مصدر طاقة بديل وتحسين الملاحة النهرية من خلال إنشاء هويسين ملاحيين من الدرجة الأولى (150م*17م)، علاوة على توفير محور مرورى جديد بإنشاء كوبرى حمولة 70 طناً لربط شرق وغرب النيل، بالإضافة إلى توفير منظومة تحكم على أحدث النظم العالمية للتحكم فى التصرفات والمناسيب.
ويؤكد الجويلى أن القناطر الجديدة اتخذ قرارا بشأن إقامتها لتكون بديلة عن القناطر الحالية التى انتهى عمرها الافتراضى الذى تخطى مائة عام، وأصبحت غير قادرة عن القيام بوظائفها، فى ظل تزايد الطلب على المياه ومواجهة خطط التوسع والتنمية التى تتطلب التحكم فى إيراد النهر، وتحسين توزيع مياه الرى للتوسع فى الزراعات، مشيرا إلى أن هذه القناطر تأتى ضمن البرنامج القومى لقطاع الخزانات والسدود الكبرى لإنشاء قناطر جديدة، والقيام بأعمال الإحلال والتجديد التى تتطلبها المنشآت الكبرى على مجرى النيل الرئيسى وفرعيه.
ويضيف: إن هناك خطوات عديدة تم اتخاذها على مدار السنوات الماضية، من بينها دور اللجنة التوجيهية العليا للمشروع برئاسة محافظ أسيوط التى قامت بجهود كبيرة لتنفيذ كافة الإجراءات المطلوبة منها، مثل حصر المناطق والأراضى التى سوف تتضرر من تنفيذ المشروع، وأيضا تحديد حجم التعويضات للمتضررين علاوة على الانتهاء من تحديد الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الناجمة عن التنفيذ، ووضع المشروعات التكميلية المطلوبة لتجنب هذه الآثار.
كما يرى الدكتور أحمد عبد الصبور، مدير عام الدراسات البيئية بالمشروع، أن القناطر الجديدة توفر محوراً مرورياً جديداً لربط ضفتى النهر، وإنشاء 2 هويس ملاحيين لاستيعاب الزيادة المطردة فى النقل النهرى، بما يساعد على استمرار رحلات السياحية النيلية طوال العام، مشيرا إلى أن القناطر الجديدة تهدف إلى تحسين حالة الرى فى مساحة مليون و56 ألف فدان بمحافظات الصعيد الستة.