تعددت مناصبه وألقابه، لكنه سيظل يحتفظ بلقب «دينامو الانتخابات البابوية»، يتحرك دون كلل أو ملل من مكتبه بجوار كنيسة الأنبا رويس إلى المقر البابوى عشرات المرات يومياً للإشراف على العملية الانتخابية.
«الوطن» كان موعدها معه قبل إجراء القرعة الهيكلية، تحول مكتبه لورشة عمل للاستعداد للمراسم، عشرات الإعلاميين فى انتظار لقائه، وفود قبطية وأمنية تريد الاجتماع معه لترتيب الحدث الأهم نهاية العام الجارى وهو انتخاب البابا الـ118 للكنيسة الأرثوذكسية.
عن الأنبا بولا، أسقف طنطا، نتحدث، وحول عضويته باللجنة المشرفة عن الانتخابات البابوية، وعضويته فى الجمعية التأسيسية للدستور، ورئاسته للمجلس الاكليريكى للكنيسة الأرثوذكسية ولجنة المواطنة بالمجمع المقدس، جاء حوارنا ليكشف لنا عن عدم صرف الكنيسة أى مليم على انتخابات البابا، وبكل واقعية يتحدث عن الدور السياسى للكنيسة وعدم اقتناعه بما يقال عن وقوفها على مسافة واحدة من كل الأحداث السياسية فى مصر، ويكشف عن الضغوط التى تمارس عليه للانسحاب من التأسيسية، والدور الأمريكى فى المنطقة، وعلاقته مع الإخوان والسلفيين، ومشاكل الأقباط، وأبرزها مشكلة الطلاق والزواج الثانى، عن هذا وأكثر، كان هذا الحوار:
* من يقف وراء التنظيم الدقيق والمبهر للانتخابات البابوية؟
الانبا بولا في حواره مع الوطن
- الشباب هم من يقفون وراء إخراج تلك الانتخابات، فطاقاتهم وأفكارهم، هى من ابتكرت هذا النظام العالى من الدقة فى العملية الانتخابية، وهذا الأمر يرجع للكنيسة التى منحتهم فرصة إدارة العمل بعقولهم، ونصيحة لمن يريد تقدم البلد أن يهتم بطاقات الشباب فهم «طاقة وفكر وحداثة»، فالطاقة تعنى القدرة على تقديم جهد مضاعف، والفكر يعنى أنه تعلم ولديه أفكار ودراسات حديثة أفضل من التى تعلمناها، «أنا مثلاً بعد 3 ساعات ما أبقاش قادر أتحرك، أما الشاب يقعد 3 أيام صاحى وممكن ينام على كرسى فى وسط المكان، نشكر ربنا مصر بخير».
* كم تبلغ تكلفة الانتخابات البابوية؟
- «ولا مليم دفعناه من جيبنا»، سواء الفراشة أو التجهيزات، الفكرة كلها إننا عندما أعلنا عن عمل، ترى أولادنا كل واحد يتولى جزئية، فالبعض تولى مسئولية الإطعام، وآخرون تولوا فرش الممر وتجهيزه، وشخص أعلن مسئوليته عن شاشات العرض، ومن ثم لم تتكلف الكنيسة مليماً واحداً، بالإضافة لتبرعات الأديرة والأقباط.
* ما الأسباب الحقيقية لاستبعاد الأساقفة الكبار من القائمة النهائية للمرشحين الذين خاضوا الانتخابات البابوية؟
- لم يستبعد أحد، لأن الاستبعاد عبارة مشينة لا تليق بهذه القامات، وإنما استقبلنا كل ورقة جاءت للكنيسة عن المرشحين للانتخابات البابوية، وقرأناها كلمة كلمة دون استثناء؛ ولأن الرهبان لا يعلم أحد عنهم شيئاً فقد جلست معهم لجنة الترشيحات البابوية واستمعت إليهم ودخلنا كلجنة ترشيحات فى حوار معهم فى كل الاتجاهات، ومن طلب الحضور من الأساقفة والمطارنة رحبنا بهم أيضاً.
وبعد صلاة وصوم واعتكاف لبضعة أيام، وحسب قناعتنا بعد ذلك أجرت لجنة الترشيحات البابوية تصويتاً على المرشحين للانتخابات البابوية لترتيب القائمة النهائية، وبعد انتهاء التصويت جمعنا النتيجة النهائية التى آلت إلى ما آلت إليه، والدليل على حسن اختيار اللجنة لمرشحى القائمة النهائية، أن ترتيب الـ5 مرشحين الذين خاضوا الانتخابات البابوية جاءت حسب ترتيب لجنة الترشيحات وهو نفس الترتيب بجميع الصناديق الانتخابية دون استثناء أيضاً.
* إذن المرشحون الـ5 هم الأفضل حسب لجنة الترشيحات البابوية؟
- لا يمكن أن نقول أفضل، إنما كل له قناعة داخلية تجاه شخص معين.
* أليس للطعون على المرشحين دور فى تحديد القائمة النهائية التى خاضت الانتخابات البابوية؟
- الطعون كلها نظر إليها، ولم تمثل شيئاً كبيراً فى حسم أمر القائمة النهائية للمرشحين، وتضمنت عدداً ليس بقليل من الكيدية.
* وهل الطعن المقدم ضد الأنبا بيشوى حول زواج شقيقته من مسلم هو سبب عدم وجوده فى القائمة النهائية للمرشحين؟
- معذرة دون ذكر أسماء، فجميع المرشحين لهم قاماتهم، وأرجو ألا توجه أى إهانة لهم على المستوى العالمى أو الكنسى، وما حدث داخل لجنة الترشيحات هو نظر أعضائها الشخصى إلى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى فلان ثم فلان وهكذا.
* كيف سيتعامل البابا الجديد مع المنافسين له فى الانتخابات البابوية، وما مدى صحة وجود حرس قديم وآخر جديد بالكنيسة؟
- الكنيسة تحكمها مجموعة لوائح من ضمنها لائحة المجمع المقدس، والتشكيلات الداخلية بين رجال المجمع أو سكرتير المجمع، فبمجرد أن يأتى البابا الجديد سيضع سياسة جديدة ربما ألا يكون السكرتير برتبة أسقف، وربما يكون رهباناً أو مواطناً عادياً، نسميه علمانياً، ومن ثم متوقع تغيير أشخاص أو أسلوب التعامل، وبدلاً من أن تقتصر السكرتارية على أسقف ورهبان ربما تحتاج لسكرتارية متخصصة فى كل فرع، وليس من الضرورة أن يكون راهباً أو أسقفاً.
لا يوجد حرس قديم أو جديد فى الكنيسة.. وفكرة نائب البطريرك مرفوضة كنسياً
أما عبارة التغيير من حرس قديم لجديد، أولاً لا يوجد هذا الأمر داخل الكنيسة، ولا يمكن للبابا الجديد أن ينجح دون أن يستعين بالخبرات الموجودة بالكنيسة سواء الأنبا بيشوى، أو الأنبا باخوميوس، وليس بالضرورة أن تستمر الخبرات فى نفس الموقع ولكن يستفيد من خبراتهم فى مكان آخر، النقطة الأخرى أعتقد أنه سيجرى ضخ دماء للمجمع المقدس فى مواقع أخرى.
* متى يباشر البابا الجديد عمله؟
- بمجرد أن يجرى تنصيبه يوم 18 نوفمبر الجارى، وبعد الاحتفال المسائى الذى يستقبل فيه وفود من الكنائس العالمية والمسئولون، وعندئذ يبدأ التنصيب والتخطيط والتكليف، وأول خطوة سيفعلها البابا الجديد هو أن يجتمع مع أعضاء المجمع المقدس حتى يساعدوه خلال المرحلة القادمة.
* ما أبرز الملفات التى سيواجهها البابا الجديد؟
- هى الملفات التى كان يواجهها البابا الراحل شنودة الثالث، منها التعامل مع الدولة، والأحوال الشخصية، وأقباط المهجر، ووضع خطة لخدمة المهجر مستقبليا، بالإضافة لملف مناهج تعليم الأطفال الدين وتحديثها، وملف الشباب وخدمتهم والتعامل معهم داخل الكنيسة، خصوصاً بعد ثورة يناير، وتشغيل قنوات كنسية للتعامل مع الدولة بفروعها المتعددة، وفى السنة الأولى من اختيار البابا سيجرى عمل لائحة لاختيار البابا القادم لتقديمها للبرلمان لإقرارها.
* ما تقيمك للائحة 1957 الخاصة بانتخاب البطريرك التى أجريت على أساسها انتخابات البابا 118؟
- نحن الآن فى 2012، والفرق كبير، اللائحة تتعامل مع المسيحيين الموجودين بمصر وتتجاهل الموجودين بالخارج، لذا لزم وضع هذا فى الاعتبار، كما أنه فى ذلك الوقت كانت الكنيسة محلية إنما الآن أصبحت عالمية ينتمى إليها الكثير ممن لا يحملون الجنسية المصرية، واللائحة كانت تشترط أن يكون البابا مصريا لكن بعد ذلك سيرفع هذا الشرط ومن الممكن أن يكون غير مصرى.
* وماذا عن القرعة الهيكلية؟
- الغالبية موافقون عليها لأنها أمر رسولى إنجيلى موجود منذ البداية، أيام الرسل، وحينما انتهت رسالة يهوذا، تولت مجموعة قوامها 120 فردا من القيادات المسيحية آنذاك اختيار خليفته وليس كل الشعب، فالقرعة فكرة متوارثة من اليهود إلى بداية المسيحية إلى الكنيسة المعاصرة، وصعب تجاهلها.
* لكن هناك تشكك فى تدخل الدولة بالقرعة الهيكلية وتحديدها اسم البابا الجديد، خصوصاً بعد ما ذكرة الأستاذ حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب»؟
- لكل شخص يكتب ما يشاء وفقاً لرؤيته ومعرفته، لكن هذا الأمر مخالف للواقع، والدولة لا تتدخل فى الانتخابات البابوية، وفى هذه المرة التى أشرف فيها على الانتخابات سنحرص على إعلان أسماء المرشحين أمام العالم كله، والثلاثة أسماء سيوضعون فى أوراق داخل إناء زجاجى شفاف أمام الكل ويغطى ويربط بشريط ويختم بالشمع الأحمر ويوضع فى المذبح على الهيكل وستسلط عليه كاميرا طول الوقت فى ركن من الشاشة، ولن تغيب عن الكل حتى يأتى القائم مقام ويفتحها بنفسه، ودعونا من الشك والتأويل فى تسمية البابا الجديد.
* كيف ترى مطلب التيار العلمانى بالكنيسة استحداث منصب نائب للبابا؟
- هذا الكلام ليس له علاقة بالفكر الكنسى، وإنما البديل إنشاء هيكل علمانى للمساعدة فى كثير من الأمور، والكنيسة لا تعرف سوى البابا وسكرتير المجمع المقدس ومقررى لجان المجمع، أما أن يكون علمانى نائباً للبابا، وعند رحيله يدير هو الكنيسة، فهذا أمر مرفوض.
* كيف سيتعامل البابا الجديد مع الشباب القبطى؟
- الكلام عن خروج الشباب القبطى عن عباءة الكنيسة سياسياً، مجرد شو إعلامى، وإذا كان الشباب خرجوا سياسيا فإنهم موجودون تحت العباءة الروحية.
* وهل للكنيسة عباءة سياسية؟
- طبعا أنا أب وابنى لا يكون مستقراً فى جميع حالاته اليومية، وما تعرضت له الكنيسة على مر العصور يجعله يفكر من سيقف بجانب الكنيسة، وهى تنصح ولا تفرض، أنا مصرى والكنيسة لها دور سياسى وهذا شىء واقعى، فالكنيسة لها رأيها، ومن سيأخذ برأيها ستعطيه بكل أمانة، وما يقال عن وقوفها على مسافة واحدة من كل التيارات ليس صحيحاً.
* وماذا عن اتهام أقباط المهجر بالسعى لتقسيم مصر؟
- أحزن جداً عندما تنحصر كلمة أقباط المهجر على 2 أو 3، هذه أول ملاحظة، أما الثانية «ياريت نفكر فى ذلك الزمان لماذا خرج الأقباط من مصر فى وقت لم يخرج فيه غيرهم».
الدكتور مجدى يعقوب الذى منع من العمل بالجامعة، خرج يبحث عن حظه إلى أن وصل لأعلى مكانة، ثم عاد لمصر لأنه مصرى حتى النخاع، فبعض المهاجرين خرجوا بمعاناة، وهذه المعاناة ستظل راسخة فى قلوبهم ولن ينسوها نتيجة عدم حصولهم على حقوقهم كأخيهم المسلم.
وسبق وخرجت مع البابا شنودة فى سفريات كثيرة ولم أره يتحدث أمام أى إعلامى أجنبى عن معاناة القبطى داخل مصر، وكان أقصى ما يقوله إن مشاكلنا نعالجها فى غرفة مغلقة لأنه كان يتسم بالوطنية.
* هل ما زالت مشاكل الأقباط كما هى بعد الثورة؟
- أترك الإجابة عن هذا السؤال للمتابع، نحن نقيس الأمور ليس بالشعارات والوعود بل بالأفعال والقرارات، فرجل الشارع يقارن بين قرارات اليوم وأمس وأول أمس، وأنا دائما لا أنظر للوراء، وعندى أمل فى الغد.
* تتقابلون كثيرا مع المسئولين فى الدولة لماذا لم تبلغوهم بمعاناتكم؟
- أشكر سيادة الرئيس على دعوته لرؤساء الكنائس، وشيخ الأزهر لمناقشتهم هموم مصر، ورغم أنه كان صائما ووقته ضيق فإنه استمع لنا جيدا، والبعض عرض المشاكل التى يواجهها المسيحيون، وهناك أمور لا أكشفها للإعلام حتى لا تسبب حرجا للرئيس فى الشارع المصرى، والرئيس سيعمل خلال الفترة القادمة لصالح كل المصريين بمن فيهم الأقباط، وأرى أنه على الإسلاميين أن يبرهنوا للناس عكس التوقعات عنهم، وأتوقع أن يعمل ذكاء الحاكم فى مسح هذه الترسيبات، والمؤشر الإيجابى فى الجمعية التأسيسية للدستور عندما طرحت المادة الخاصة بالأحوال الشخصية والدينية للمسيحيين ومرت، وأعتقد أن هناك أموراً إيجابية ستحدث للمسيحيين فى المستقبل.
* هل ترى أن حال المسيحيين أفضل فى عهد الرئيس السابق أم فى عهد الإسلاميين؟
- لا يمكن الحكم على الإسلاميين فى فترة محدودة فلننتظر.
* ما رأيك فى تصريحات السلفيين حول عدم تهنئة البابا الجديد بمناسبة تجليسه؟
- ليس كل السلفيين يتبنون الفكر الذى تقوله، فلى صداقات راسخة مع بعض القيادات السلفية كالدكتور ياسر برهامى ويونس مخيون من خلال التأسيسية، ولا يمكن أن ننسب لكل السلفيين ما يقال ولكن نقول بعض السلفيين.
* ما رأيك فى فتوى الدكتور ياسر برهامى حول تحريم توصيل قس للكنيسة، والخمارة أفضل من الكنيسة؟
- التقيته وتحدثت معه فى هذا الشأن، فقال لى إن هذه الفتوى قديمة، فقلت له هل من الممكن أن تقولها بعد لقائنا فقال مستحيل، فقلت له هل تسمح لى أن أنشر على لسانك هذا فقال انشر.
* هل تعنى أنه تراجع عن فتواه؟
- لا، ولكن الحوار هو سبيل التغيير والتقارب يبنى علاقات، وسيزورنا قريبا رئيس حزب النور للتقارب والتحاور، فإذا بنيت العلاقات ستموت الأفكار السلبية وتقلل من التصرفات السلبية.
* هل هناك زيارة من السلفيين للكنيسة قريباً؟
- نعم، وهى أول زيارة خاصة من قياديين من الجماعة السلفية للكنيسة، وستكون فى أسقفية طنطا وليس بالكاتدرائية، وهما أصدقاء فى التأسيسية.
* كيف تنظر الكنيسة للمسودة الأولية للدستور؟
- مشكلة الحكم على الدستور حاليا، الاستعجال فى طرح ما لم يجرى دراسته فى الجمعية العمومية للتأسيسية، وأنا ألتمس العذر لمن فعل ذلك لأن الوقت لا يسعف لدراستها قبل طرحها للشعب، فخرجت غير كاملة، ومن ثم الحكم عليها ظالم، لأن الحكم على الأمور لا بد أن يكون حول هل ستخرج مواد لكل المصريين بالدستور الجديد أم تأتى لفئات على حساب أخرى؟ والتأسيسية ليست جمعية تكنوقراط بمعنى لا تعتمد على متخصصين فنيين فى صياغة الدستور وهذه نقطة ضعف، لكن البعض يعتبرها إيجابية، كونها تضم أطيافاً مختلفة، قد يكونون متفقين أو معترضين على الجمعية لكل انتماؤه وهدفه وقاعدته ووجهته التى يمثلها ومن هنا يحدث الشد والجذب.
* ما مدى صحة شكواك من المستشار حسام الغريانى، رئيس التأسيسية؟
- لم يحدث أن اشتكيت من المستشار الغريانى، ولكن للأمانة، وتصحيح معلومات مغلوطة إن ما حدث بينى وبينه، أنه فى أول جلستين كنت أرفع يدى وأتقدم للسؤال والمناقشة لكنه كان يرفض إعطائى الكلمة، وحسب نيتى أنه لا يريدنى أن أتكلم، وحسب وجهة نظره أنه لم يرنى، حتى أن الدكتور عبدالرحمن البر القيادى الإخوانى تحدث عن الواقعة فى جلسة للجمعية، وعندما بلغ الأمر للمستشار الغريانى، جاء لى فى القاعة الكبرى وتحدثنا، وها أنا الآن أكثر الناس تحدثاً داخل التأسيسية.
* ما ردك على مطالب بعض الأقباط وأشهرهم رابطة «أقباط 38» بالاحتكام للشريعة الإسلامية ورفض مقترحات الكنيسة فى الدستور؟
- إذا سألت هؤلاء ماذا تعرفون عن الشريعة الإسلامية لا يعرفون، وهل هؤلاء الأقباط يتكلمون من أنفسهم أم أن هناك أشخاصاً وجهات استخدمتهم لسبب آخر، وذلك الاتهام ظنون، لكن هؤلاء لهم حق فهم يعانون مع القضاء فى الحصول على الطلاق المدنى، فبعد تعديل المجلس الملى العام للكنيسة للائحة 1938 الخاصة بالطلاق والزواج الثانى وحصره فى علة الزنا أصبح القضاء أكثر تشدداً فى إعطاء أحكام بالطلاق للأقباط، ومشكلة هؤلاء ليست مع الكنيسة لكن مع القضاء، والقضاء ما زال فى مرحلة تفسير بنود اللائحة القديمة وتعديلاتها لذا يشهد تلك الأزمة، ولهذا طلبت الكنيسة أن تكون لها مرجعية داخل الدستور على القوانين الخاصة بالمسيحيين، وهذا ما نفعله فى لائحة الأحوال الشخصية الجديدة وسنسهل على الأقباط جداً.
* هل ستلغى لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط؟
- هناك مشروع لائحة موحدة، لجميع الطوائف المسيحية للأحوال الشخصية، ونبحث حاليا عن حلول سريعة للأقباط الذين يعانون من الطلاق أمام القضاء، وتلك الحلول لن يفصح عنها الإعلام حالياً، وأقول لأقباط 38 نحن ندرس حلاً سريعاً لحالاتهم، ولن أقول عن الحل الآن، والحديث عن عدم دستورية لائحة 1938 بسبب تعديل المجلس الملى اللائحة بشكل أو بآخر، يترك للقضاء، وأنا لست العقل المدبر لتعديلات اللائحة، والعقل المدبر لكل أمور الكنيسة فى الفترة الماضية كان البابا الراحل شنودة الثالث.
* كم تبلغ عدد حالات الطلاق التى تأتى للمجلس الإكليريكى سنوياً؟
- تضاءلت جداً، والعدد حالياً لا يزيد على 300 حالة سنوياً، والمشكلة التى كانت لدينا فى الفترة الماضية هى المواد التى تبيح الطلاق فى المسيحية، ولكن بعد تعديل اللائحة وحصر الطلاق فى علة الزنا نادراً ما تجد أشخاصاً يريدون الحصول على الطلاق.
* ألا ترى أن حصر الطلاق فى علة الزنا أفرز للأقباط ما يعرف بالخروج من الملة وشراء شهادات تغيير الملة وتزويرها والخروج من المسيحية؟
- مشكلة تغيير الملة جرى الاتفاق مع كل قيادات الطوائف المسيحية فى مصر على عدم حدوثها، ولو حصل أى طرف على شهادة تغيير الملة بينما يطعن الطرف الآخر بالتزوير سنشهد فى صالحه، وإن كان بعض المحامين يلجأون إلى شراء شهادات تغيير الملة من لبنان وسوريا، فإن حل تلك العملية سهل جدا وهو الطعن فى صحتها.
* تناثرت الشائعات حول سعى السلفيين داخل التأسيسية لمراقبة أموال الكنيسة، كيف نظرتم للأمر؟
- التأسيسية لم تتطرق إلى مراقبة أموال الكنيسة وهذا الأمر غير موجود، ولم يطرح من خلال أى مسئول بالدولة، وما يحدث هو محاولة الوقيعة بين الإسلاميين والكنيسة، خصوصاً أننا فى مرحلة وصول الإسلاميين للحكم، ومن ثم هناك من يحاول الزج بهم فى هذا الأمر لكنهم أذكى كثيراً من ذلك، وقيادات الدولة نفت هذا الكلام، وتلك شائعة تجدد كل فترة الهدف منها إساءة العلاقة بين الكنيسة والدولة، وهذا لن يحدث وسنظل نؤكد على العلاقة الطيبة بين مؤسسة الكنيسة ومؤسسة الدولة لصالح الاثنين.
* أين تقف الكنيسة من الصراع الدائر بين الإسلاميين والتيار المدنى على بعض مواد الدستور؟
- وضعى بالتأسيسية دور مسيحى يبحث عن حقوق المسيحيين على مستوى ضيق، أما المستوى الأشمل فدورى مصرى يبحث عن دستور لدولة مدنية ديمقراطية، ولن أقبل أن أكون شريكا لمصر الدينية، ورئيس الدولة نفسه قال إن مصر دولة مدنية ديمقراطية، وسنتبنى تلك الفكرة داخل التأسيسية بغض النظر عن الصراع الدائر، وهناك ضغوط تمارس علىّ للانسحاب من الجمعية، لكنى ما زلت موجوداً وأردد دائماً للأقباط أن المكتسبات التى كسبناها من التأسيسية أفضل بكثير لو لم نكن موجودين بها، من علاقات تكونت ووضع مواد خاصة بالأقباط والوقوف فى وجه مواد طائفية مثل الزكاة والسيادة لله والذات الإلهية، لكن فى نفس اللحظة إذا وجدت الدستور فى لحظة من اللحظات يتجه لدولة غير مدنية وقتها لن يمكننى أن أقاوم تلك الضغوط حتى النهائية، لأن المجمع المقدس للكنيسة وليس الشعب القبطى فقط سيرفض استمرار عملنا داخل الجمعية، وإذا صدر قرار من المجمع المقدس بانسحابنا سيحدث هذا لأنى كلفت من المجمع المقدس بالاشتراك فيها، واستمرارى مرهون بموافقتهم، فأنا لا أمثل ذاتى ولكن أمثل الكنيسة الأرثوذكسية.
* لماذا رفضت الكنيسة الجلوس مع وزيرة الخارجية الأمريكية فى زيارتها الأخيرة لمصر رغم توجيه الدعوة لكم؟
أتعرض لضغوط شديدة لكى أنسحب من التأسيسية وقرارى مرهون بالمجمع المقدس.. ولن أشارك فى دستور يؤسس لدولة دينية
- أمريكا لا تعمل لصالح مصر ولا لصالح المصريين والأقباط، فالسياسة الأمريكية فى خدمة أمريكا وإسرائيل فقط، وليست داعمة للديمقراطية أو لحقوق الأقباط وإنما هى داعمة لسياساتها فى المنطقة وستظهر الأيام ماذا تريد أمريكا من هذا الدعم.
أمريكا لا تعمل لصالح الأقباط أو الديمقراطية وإنما لصالح إسرائيل وسياساتها فى المنطقة
* من أين تمول الكنيسة أنشطتها المختلفة؟
- من العشور الذى يماثل الزكاة للمسلمين، وإيرادات الكنيسة من العشور تظهر أن أكثر الفئات التى تحرص على دفعها للكنيسة هم الفئات البسيطة بالمجتمع.
* وماذا عما يقال عن وجود تمويلات للكنيسة تأتى من الخارج؟
- لا يمكن أن ننفى وجود تمويلات من الخارج، لكن يحدث ذلك من المصريين بالخارج، وليس من أى جهة أو مؤسسة، ولأنه ممنوع حمل أموال سائلة فى التنقل بين المطارات يجرى تحويل تلك التبرعات من مصريين بالخارج إلى آخرين بالداخل أو توضع فى حسابات الكنيسة أو الأساقفة لدعم أنشطة الكنيسة بها، وتلك التمويلات لا تأتى من أى جهة أمريكية أو أوروبية ولكن من مصريين يقيمون بالخارج، ونطالب المصريين بالصلاة من أجل أن يزيد أقباط المهجر تبرعهم للكنيسة لأن ذلك فى صالح مصر، إذ تُضخ عملة أجنبية لصالح الاقتصاد المصرى.
* أين دور لجنة المواطنة بالمجمع المقدس للكنيسة الآن؟
- اللجنة متوقفة الآن، وظهرت بعد أحداث ماسبيرو وبعد وقوع حالة من الإحباط الشديد للأقباط على مدى عقود طويلة، لذلك كان لا بد من تعزيز الباعث الوطنى عند الأقباط، وهذا هو دور لجنة المواطنة بالكنيسة منذ اللحظة الأولى، وشرفت بتكليف البابا الراحل برئاستها.
* اللجنة وضعت قائمة بمرشحين بالبرلمان المنحل لدعمهم، كيف تفسر ذلك؟
- هذا كان من دور اللجنة لتوحيد الصف القبطى، أما الآن فإن الأقباط انتشروا فى مختلف الأحزاب السياسية وليسوا فى حاجة لتوحيد صفوفهم مرة أخرى.
* هل الكنيسة لن تتدخل فى الانتخابات البرلمانية القادمة وتضع قائمة بمرشحين لدعمهم مجدداً؟
- لا أعتقد فى المرحلة الراهنة، لكن من الممكن أن يحدث حسب الظروف.
* أليس هناك ازدواجية فى عمل الكنيسة، تطالب بعدم خلط السياسية بالدين وهى تلعب دورا سياسيا بغطاء دينى؟
- هناك فرق كبير بين أن يعمل رجال الدين فى السياسة، وبين أن ينصح رجال الدين أولادهم بممارسة السياسة، فخلط الدين بالسياسة هو ترشح رجال الدين لمناصب سياسية، لكن النصيحة ليست عملاً بالسياسة، والكنيسة احتارت إذا نصحت الأقباط بالمشاركة فى الحياة السياسية نقول إن ذلك عمل بالسياسة، وإذا لم نفعل تتهم بالسلبية، والأقباط كانوا سلبيين على عقود طويلة لإحساسهم بأن نتيجة الانتخابات محسوم أمرها، بالإضافة لمعاناتهم وعدم حصولهم على حقوقهم، ونحمد الله أننى نجحت فى إخراج الأقباط من السلبية ومن إحباطات أزمة ماسبيرو.
* كيف ترى تعامل البابا الجديد مع الرئيس مرسى؟
- المسيحية تلزمنا بالخضوع للرئاسات والسلطات وتجبرنا على الصلاة يوميا من أجل الرئيس بغض النظر عن انتماءاته السياسية والدينية، فهو أصبح رئيسا للدولة ولابد أن نخضع له وأن نكون أكثر الوسائل دعما له لإنجاح مسيرته لأن نجاحه سينعكس على كل المصريين.
* كيف تفسر التناقض فى مطلبى الأقباط، أولهما إقالتك من المجلس الاكليريكى للكنيسة، والآخر اختيارك سكرتيرا للمجمع المقدس للكنيسة؟
- أولا أشكر الله أنه اختارنى فى تلك الفترة من الانتخابات البابوية، وأن أسهم فى إدارة العملية الانتخابية، وأنا واحد من ضمن فريق عمل كبير جداً، وبمجرد أن ينصب البابا الجديد سأعود إلى مهامى مرة أخرى بإيبراشية طنطا، ولا نستطيع أن ننكر جهد الأنبا بيشوى فى منصب سكرتير المجمع المقدس طوال السنوات الماضية وهو الأمر الذى سيصعب العملية على من يأتى بعده.
* كيف ترى اتهامات بعض نشطاء الأقباط للأساقفة بإهدار أموال الكنيسة فى سفرياتهم للخارج؟
- هذه اتهامات غير منطقية وغير مقبولة لأن هؤلاء الأساقفة يسافرون من أجل إتمام عملهم داخل الكنيسة ومتابعة أبنائهم بالخارج.