رصدت «الوطن» كواليس 6 ساعات فى محاولة المستشار طلعت عبدالله، النائب العام الجديد، دخول مكتبه، وبقائه قرابة الساعة بانتظار «مفتاح الباب» الذى أحضره المستشار عادل السعيد، النائب العام المساعد شخصيا.
دوّت هتافات المئات الذين تجمعوا أمام دار القضاء العالى لدقائق، منددة بالنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود، ومطالبة بمحاكمته ومنعه من السفر، ثم خفتت بين أحاديث جانبية، قبل أن يشعلها أحد الأنصار بهتاف: «يا نائب يا جديد.. احبس القديم» و«يا زند الدور عليك.. تطهير القضا جاى عليك»، لتتسابق الحناجر لترديد الهتافات الجديدة، حتى تمل وتعود سيرتها الأولى تتداول الأحاديث فى نشوة ظاهرة بقرارات الرئيس.
مع حلول التاسعة والنصف مساء، بدأ الملل ينساب بين المتظاهرين، وأجبرتهم لسعات البرد على التفرق هنا وهناك، ليحتموا بجدران المبنى العالية من برودة الجو، ولم تمر دقائق حتى تسرب خبر بأن النائب العام الجديد فى طريقه لمكتبه، انفرد عدد من المحتشدين لإجراء اتصالات هاتفية للتحقق من النبأ، وفجأة دوى هتاف «الله أكبر» وأعلن أحد المحمولين على الأعناق النبأ على الجميع، فتجمعوا من أشتاتهم وانهمكوا فى ترديد الهتافات وارتفعت أصواتهم بالتهليل والتكبير وسب النائب العام السابق والمطالبة بتطهير القضاء من الفلول وأذناب النظام السابق، وتوجه أحدهم إلى المدخل الرئيسى لإخلاء المتظاهرين حتى يتسنى لـ«طلعت» الدخول، ثم دارت حوارات جانبية انتهت بتعليمات من الدكتور محمد البلتاجى، القيادى بجماعة الإخوان، الذى كان قد رحل لتوه، بأن النائب العام سيدخل مكتبه من الباب الخلفى، مع مطالبة الحشد بإحكام السيطرة على المدخل الأمامى.
العاشرة والربع
بدأت علامات الترقب تظهر على وجوه المتظاهرين، بعدما تلقوا اتصالات بالاستعداد والتأهب لوصول «طلعت».
العاشرة والنصف
يسود توتر مصحوب بتحركات سريعة لحرس المحكمة أمام المدخل الخلفى، وتصطف 4 سيارات أمن مركزى فيما يشبه نصف قوس أمام المدخل، مجندون وضباط ينتشرون فى كل مكان مسلحين بهراوات وعصى «الدنك» المخصصة لفض الشغب، بينما الضباط المكلفون بقيادة مجموعات التأمين يتلقون اتصالات هاتفية لسماع التعليمات وأوامر القيادات الأمنية، فى حين أنهى أحد الضباط مكالمته وتوجه مسرعا لإبعاد 3 سيارات عن المدخل والإبقاء على واحدة فقط.
العاشرة و40 دقيقة
يصل موكب من 3 سيارات إلى دار القضاء العالى، تدلف من البوابة المشرعة إلى بهو المدخل الخلفى ثم يغلقها الحراس بسرعة، يترجل المستشار طلعت عبدالله ويحكم أزرار بدلته السوداء، ويصعد الدرج فى حراسة عناصر من الحرس الجمهورى والمخابرات والأمن الوطنى، ويختفى فى ردهة الطابق الأرضى، فى الوقت الذى تعالت فيه الهتافات خارج المحكمة مرحبة بقدومه، بينما تجمع الصحفيون والإعلاميون أمام البوابة فى انتظار التصريح لهم بالدخول لحضور مؤتمر صحفى مرتقب مع النائب الجديد.
الساعة 11٫15
يطول انتظار الصحفيين والإعلاميين أمام البوابة بلا جدوى، فيما يبدأ عشرات المتظاهرين التسلل إلى البوابة الخلفية، ثم يعلن أحدهم أنهم فى الداخل يمنعون النائب العام من دخول مكتبه.
الساعة 11٫30
يتأكد خبر منع النائب العام من دخول مكتبه، لعدم وجود مفاتيح الأبواب، فيضطر للانتظار فى غرفة العقيد عبدالعزيز سليم، رئيس مباحث الترحيلات بالمحكمة، بالطابق الأرضى، ويمنع حراسه من رئاسة الجمهورية دخول حرس المحكمة، والمفارقة أن النائب العام الجديد قضى أولى لحظات وجوده فى دار القضاء العالى فى غرفة ضابط وُجهت إليه من قبل اتهامات بقتل الثوار.
الساعة 11٫45
يصل المستشار عادل السعيد، النائب العام المساعد، إلى مقر دار القضاء العالى بصحبة أحد معاونيه وحرسه الخاص، كان يشق طريقه بعصبية بعد تلقيه اتصالات من حرس المحكمة ورئاسة الجمهورية بتسليم المفاتيح، وصاح فى المصورين: «مش عايز تصوير.. مش عايز حد يصورنى».
الساعة 12 منتصف الليل
«السعيد» يصطحب النائب العام الجديد إلى مكتبه، ويعقدان اجتماعا مغلقا، ليتعرف خلاله النائب الجديد على طرق سير العمل، ويبدآ الإعداد لكلمة يبثها الأخير عبر التليفزيون، وفى ذات الوقت ترددت شائعات عن صدور قرار من النائب العام الجديد بمنع سلفه من السفر لتشتعل الهتافات: «يا نائب يا جديد.. عايزين نعدم القديم».
حتى الواحدة صباحاً
يستمر الاجتماع المغلق، ويتسلم النائب العام كشوفا بالقضايا الموجودة بحوزة النائب العام المقال، ويصدر قرارا بعرض ملفات قضايا قتل المتظاهرين عليه شخصيا السبت.
الواحدة والربع
تدخل كاميرات التليفزيون المصرى مكتب النائب العام، وتسجل كلمة مدتها 3 دقائق، ثم يبثها التليفزيون فى الواحدة والنصف مقتضبة فى دقيقة ونصف دقيقة بعد مشاورات رئاسية ومع المستشار عادل السعيد.
من الثانية حتى الرابعة فجراً
يبقى النائب العام فى مكتبه، ثم يغادر فى الرابعة بصحبة مساعديه.