الشيخ الحصري.. 55 عاما في رحاب القرآن

عشق وآمن بروعة الحياة مع كتاب الله، وصدق فيه قول الرسول ''مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجَّة، ريحها طيب وطعمها طيب''، تمكن من القراءات العشر للقرآن، وكان أول من قرأ آيات الله في القصر الملكي بلندن وبالبيت الأبيض والكونجرس الأمريكي .. في ذكرى شيخ المقرئين ''محمود خليل الحصري'' نعرض أهم محطات حياته ورحلته مع كتاب الله.

ولد الشيخ ''الحصري'' في 17 سبتمبر 1917 بمدينة طنطا - الغربية، وأدخله والده ''الكُـتّـاب'' ليحفظ القرآن، وأتم حفظه في سن الثامنة، ليلتحق بالمعهد الديني بطنطا في سن الـ12، ويتخرج فيه حاصلا على شهادة ''علم القراءات''، ويكرس حياته لدراسة علوم القرآن، حتى يأتي عام 1944 ويقرر فيه التقدم لامتحان الإذاعة المصرية لمقرئي القرآن الكريم، وينجح فيه بجدارة حائزا المركز الأول بين المتقدمين المجتازين للاختبار.

بعد سنوات، يعمل مقرئا ومؤذنا في مساجد الغربية، ويكلف بالإشراف الفني على مقارئ المحافظة، وتعينه الأوقاف قارئا للقرآن بالمسجد ''الأحمدي والسيد البدوي''، أحد كبار المساجد وأشهرها بطنطا، ويأتي للقاهرة عام 1955 ليعين قارئا في ''مسجد الحسين''، ويذيع صيته بين مشايخ القراء الكبار والشباب، و بين عشاق الاستماع لتلاوات القرآن الكريم، ويكون ''الشيخ الحصري'' أول من سجل القرآن مرتلا بروايات ''حفص عن عاصم''، ''ورش عن نافع''، ''قالون''.

في عام 1959، عينته ''مشيخة الأزهر الشريف'' مراجعا ومصححا للمصاحف، وكان قبلها تخصص في علوم القراءات العشر الكبرى وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها بشهادة من الأزهر نفسه، وفي 1962 يصبح نائبا للجنة المراجعة والتصيح ثم رئيسا لها بعد ذلك، إلى أن يصبح ''رئيس اتحاد قراء العالم'' في 1967، وهو أول من نادى بإنشاء ''نقابة لقراء القرآن الكريم''.

يذهب إلى ''الامم المتحدة''، ويرفع الآذان للصلاة ويرتل القرآن هناك لأول مرة عام 1977، والعام التالي ذهب للقصر الملكي بلندن لقراءة القرآن الكريم، و هو أيضا أول قارئ يقرأ القرآن في البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي، وفي ماليزيا، تحمل الجماهير سيارته وهو بداخلها على أعناقهم ويرفضون أن تمشي على الأرض لشدة حبهم لخادم القرآن ومدرسة التلاوة ''الشيخ الحصري''.

منحته الدولة ''وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى'' في عيد العلم عام 1967، وقدم للمكتبة الإسلامية ذخرا من المؤلفات، منها على سبيل المثال لا الحصر ''مع القرآن الكريم، أحكام قراءة القرآن الكريم، النهج الجديد في علم التجويد، رحلاتي في الإسلام، معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء''.

حرص الشيخ الكبير على أن تكون رسالته الأسمى ''حمل كتاب الله''، وأن يصله بصوته طالما أبقى الله له من أجل في الدنيا، وظل يعمل طوال حياته حتى انتقل إلى جوار ربه في 24 نوفمبر 1980، بعد 55 عاما من مرافقة آيات الله وإمتاع القلوب قبل الآذان بها.