احتفلت جمهورية كازاخستان بعيد الاستقلال الـ20، وأكدت وزارة خارجية كازاخستان، أن الاحتفال هذا العام يأتى فى وقت تتحول فيه دولتهم إلى دولة حديثة، فمنذ أن حصلت على استقلالها رسميا عام 1991 تعتبر هذه المدة الزمنية عصرا كاملا خاصا بإنشاء الدولة وترسيخ جذورها فى أعماق التاريخ المعاصر، وهى أيضا تعد بمثابة فترة التغلب على كافة الصعوبات التى جابهتها الدولة لانطلاقها إلى مسار التقدم وتحليقها فى مدار الدول المتقدمة.
وتحدث السفير الكازاخى بالقاهرة بيريك أرين بمناسبة الاحتفال عن العلاقات المصرية الكازاخستانية، وقال إن المحادثات رفيعة المستوى التى عقدها الرئيس نور سلطان نزارباييف خلال زيارته إلى مصر وكذلك زيارات كبار المسئولين المصريين لكازاخستان أكدت تزامن التطلعات الإستراتيجية للبلدين على المسرح العالمى، وفى إطار منظمة التعاون الإسلامى، مشيرا إلى أن القاهرة تشارك فى أعمال مؤتمر التفاعل بناء تدابير الثقة فى آسيا (CICA) ومؤتمر زعماء أتباع الأديان العالمية والتقليدية، كما رحبت باليوم العالمى لنزع السلاح النووى 29 أغسطس، وكانت مصر من أوائل الدول التى دعمت ترشيح عاصمة كازاخستان - أستانا لاستضافة مغرض دولى متخصص EXPO -2017.
وتشير التقارير إلى الدور الذى لعبه رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف، لخدمة المواطنين والاهتمام بالنهوض بالبلاد، وقالت الخارجية الكازاخية فى تقرير لها صدر مؤخرا إنه على سبيل المثال، يمكننا أن نذكر له كيف خرج بالدولة من النفق المظلم والذى كان يتمثل فى تهديد الانزلاق إلى حافة عدم الاستقرار المدنى فى أعقاب الاستقلال، عندما دق ناقوس الشعارات الانفصالية القومية، ولولا وجود سياسته الشاملة للتحديث لظلت كازاخستان كيانا على الهامش الدولى، ومرتعا عالميا لاستخراج المواد الخام".
وسبق للرئيس نزارباييف، أن أصدر قرارا وصف حينها بالتاريخى كونه قضى بإغلاق موقع التجارب النووية بمدينة سيميبالاتينسك، وكذلك التخلى الطوعى عن الترسانة النووية كأكبر رابع ترسانة عالمية والموروثة عن الاتحاد السوفيتى، وهو القرار الذى لقى صدى عالميا كونه سيحقق الأمن الدولى والإقليمى عامة والأمن المحلى خاصة، وتشير الخارجية إلى أن هذا القرار أتاح لكازاخستان فرصة سانحة لتتمكن من الحصول على ضمانات السلامة النووية من أعضاء "النادى النووى"، وهم روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، ولاحقا تبنت أستانا مبادرة لاعتبار آسيا الوسطى منطقة خالية من الأسلحة النووية، بهدف منع التحديات الأمنية المحتملة فى المنطقة، وبناء على هذه المبادرة فقد صدر قرار بموافقة الإجماع الدولى واعتبار يوم 29 أغسطس من كل عام يوما دوليا لنزع الأسلحة النووية.
وحول السياسيات الداخلية التى قام بها نزارباييف، أشارت وزارة الخارجية إلى أنه "فى عام 1995 تم وضع دستور ديمقراطى لإرساء أسس التنمية المستقرة، وفى عام 1997 وضع الرئيس نزارباييف إستراتيجية التنمية فى كازاخستان 2030" لتكون مرجعا هاما لتطبيق أساليب التنمية وتطوير مجالات الاقتصاد الكازاخى، وبحلول عام 2030 تكون كازاخستان قد وصلت بكل التأكيد إلى الازدهار الدائم والمتكامل، وبذلك تكون إستراتيجية التنمية فى كازاخستان 2030 قد سمحت للبلاد بأن تصل إلى درجة مرموقة من الوعى لإدراك مكانتها وتحديد آلية دورها فى هذا العالم الديناميكى المتطور، تحقيقا للأهداف الأساسية لكل من الاستراتيجيات طويلة الأمد والمبادئ التوجيهية اللازمة والضرورية للوقت الحاضر"، مشيرة إلى أنه نتيجة تطبيق هذه الإستراتيجية أصبحت نموذجا دوليا يحتذى به للتخطيط الاستراتيجى لعدة عقود.
وقد أصدر نزارباييف فى ديسمبر 2001، أول خطة إستراتيجية تحت اسم "الخطة الإستراتيجية لتنمية كازاخستان حتى عام 2010"، حددت الخطة مهمة خلق اقتصاد سوق تنافسية ونمو الإنتاج الصناعى والزراعى، وكذلك تحسين فرص الحصول على الخدمات الاجتماعية، وفى فبراير 2010، وضع الرئيس الخطة الثانية للتنمية وهى "الخطة الإستراتيجية للتنمية حتى عام 2020 فى كازاخستان"، وحددت المجالات الرئيسية التى تتضمنها وهى الإعداد لمرحلة ما بعد الأزمة والتنويع لتنمية اقتصاديات السوق المطردة، وتطوير الخدمات للمواطنين، وتحقيق الوئام الدولى والأمن، والاستقرار فى علاقات كازاخستان الدولية، وقد اندرجت كجزء من الخطة الرئيسية العديد من البرامج الفرعية فى اتجاهات ومدد محددة، وضعت بنجاح لنقلها إلى الواقع العملى، ومنها برنامج "التنمية الصناعية العاجلة المبتكرة 2014" و"مفهوم السياسة القانونية 2020" و"مفهوم سياسة الشباب 2020" و"برنامج تنمية التعليم حتى عام 2020" وبالنسبة للرعاية الصحية "برنامج تنمية الصحة سالاماتى كازاخستان 2015" و"برنامج التوظيف 2020" و"برنامج إسكان مخفض التكاليف 2020" وغيرها من البرامج الكثيرة.
وسبق للرئيس نور سلطان نزارباييف، أن كتب مقالة فى 10 يوليو 2012 بعنوان: "التحديث الاجتماعى لكازاخستان.. 20 خطوات إلى مجتمع العمل الجماعى"، حدد فيها الاتجاه السياسى الجديد إلى تحديث اجتماعى على نطاق واسع، خاصة ما ينبغى على الحكومة القيام به لمواجهة المشكلات المتمثلة فى كيفية الاستمرار فى تحسين نوعية الحياة الاجتماعية للمواطن وفقا للمعايير الأوروبية وتطوير المجال الاجتماعى، على حد سواء دون توليد التبعية الاجتماعية.
ووفقا للتقرير تعتبر كازاخستان من أنجح بلدان رابطة الدول المستقلة فى الانتقال إلى اقتصاد السوق، حيث يوجد اليوم لدى كازاخستان أكثر من 700 ألف شركة صغيرة ومتوسطة بالمقارنة لما كانت عليه هذه الشركات أثناء حقبة التسعينيات، حيث لم يتجاوز عددها 20 ألف شركة.
وقال السفير بيريك أرين، إن كازاخستان تحافظ على استقرار مالى واقتصادى جيد فى مرحلة نشطة من عملية التصنيع مع التحول إلى اقتصاد مبتكر، فقد منح المنتدى الاقتصادى العالمى لكازاخستان المرتبة 51 فى مؤشر التنافسية العالمية 2012-2013، بينما كان ترتيبها مسبقا فى عام 2011 فى المرتبة 72، مشيرا إلى أنه خلال سنوات الاستقلال اجتذب الاقتصاد الكازاخى حوالى 160 مليار دولار، وذلك بفضل التعاون البناء مع كبار المستثمرين فى العالم، علاوة على تطور وازدياد القوة الاقتصادية للشركات القومية فى كازاخستان.
ولفت السفير بيريك أرين، إلى أن موقف العملة الوطنية مستقر ومعدلات التضخم تتراوح من خلال الحدود الدنيا، حيث بلغ معدل التضخم هذا العام ما يربو قليلا عن 6٪، كما أن الاحتياطيات الدولية لكازاخستان بما فى ذلك الصندوق الوطنى الذى أنشئ لتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد فى أوقات الأزمات، زادت بنسبة 10.9 مليار دولار من بداية عام 2012، واليوم فإن الاحتياطى الدولى الكازاخى قد وصل إلى إلى 85 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلى هذا العام إلى 12 ألف دولار، وهو ما يزيد بمقدار 17 ضعفا عن مستوى نصيب الفرد عام 1993، حيث كان يعادل 700 دولار.
ومن المتوقع فى عام 2017 أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلى إلى 24 ألف دولار.
وأكد السفير الكازاخى لدى القاهرة، أنه خلال سنوات الاستقلال أحرزت كازاخستان تقدما ملحوظا فى المجال السياسى والاجتماعى، حيث يوجد نظام برلمانى متعدد الأحزاب، وقد تولى حزب "نور أوتان" مسئولية تنفيذ سياسة رئيس الجمهورية، حيث يضع الحزب على عاتقه مهمة تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى كازاخستان، كما أنه فى إطار الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تم انتخاب كازاخستان عضوا فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال فترة 2012-2015. ولدى كازاخستان أكثر من 5000 منظمة غير حكومية تشكل المجتمع المدنى المحافظ على السلام القومى، كما يوجد أكثر من 2500 وسيلة إعلامية.
وقال إن كازاخستان تشهد الآن تحولا عميقا فى مجال إنفاذ القانون ومكافحة الفساد، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية رفعت كازاخستان مؤشراتها فى الترتيب العالمى لمكافحة الفساد لتصل إلى المرتبة 45، كما نجحت فى تنمية وتطوير مشروع الحكومة الإليكترونية، ووفقا لتقارير الأمم، وتحت عنوان تطوير الحكومة الإليكترونية عام 2012 حصلت كازاخستان على المرتبة 38 من بين 190 دولة شاركت فى التصنيف.