كأس أمم أفريقيا هي بطولة قارية يشرف على تنظيمها الإتحاد الإفريقي – كاف الذي ولد من رحمها – كل سنتين ، و كأس إفريقيا هي أسم كبير و معنى أكبر لجميع الأفارقة على اختلاف أجناسهم و ألوانهم فهي النقطة الوحيدة التي يلتقون خلالها بعيداً عن الخلافات و النزاعات ، وعلى مدار 56 سنة رسم الأفارقة لهذه البطولة الكثير من التقاليد و القواعد التي جعلتها تتحول إلى علامة بارزة في خريطة البطولات الدولية ،لتصبح من الناحية الفنية البطولة الثالثة بعد كأس العالم و أمم أوروبا .
تعتبر بطولة كأس الأمم الإفريقية هي رابع أعرق بطولة بعد المونديال وأمم أوروبا و كوبا أمريكا ، و ستقام نسختها المقبلة بجنوب افريقيا بداية من 19 يناير و حتى العاشر من فبراير 2013، و حينها سيصل عدد المنظمين إلى 18 بلداً و عدد المنتخبات التي شاركت و لو مرة واحدة 38 منتخباً من أصل 54 بلداً منضوي تحت لواء الاتحاد الإفريقي .
ولادة قيصرية عسيرة
لم يكن تأسيس أمم إفريقيا في العام 1957 بالأمر الهين بل يمكن القول ان ذلك كان شبيها بعملية قيصرية عسيرة كادت تنتهي بوأدها أو على الاقل تأجيل الميلاد لسنوات اخرى ، بالنظر إلى الواقع الذي كانت تعيشه القارة السمراء ، فعلى الصعيد السياسي فإن أغلب البلدان كانت لا تزال محتلة من قبل الأوروبيين أو في احسن الأحوال مستقلة لتوه ، و على الصعيد الاقتصادي فان التخلف الذي كان سائداً – آنذاك – يختلف اختلافاً جذرياً عن الذي تعرفه القارة حالياً ، غير أن الإصرار الإفريقي و الجرأة العربية ساهماً في إنقاد مولود العملية القيصرية من الموت و أصبح للأفارقة إتحادهم الكروي و بطولة تجمع أقوى منتخباتهم و افضل لاعبيهم.
و رغم أن البطولة إفريقية الهوى و الهوية إلا أن فكرتها ظهرت خارج القارة السمراء ، ولعب عرب القارة دوراً محورياً في ظهورها ، إذ اجتمع كل من عبد العزيز عبد الله سالم و محمد لطيف من مصر و عبد الحليم شداد و محمد بدوي و عبد الحليم محمد من السودان والجنوب الإفريقي فريد ويل في فندق افينيدا في السابع و الثامن يونيو عام 1956 في العاصمة البرتغالية لشبونة على هامش عمومية الإتحاد الدولي – فيفا – و ناقشوا فكرة تأسيس إتحاد إفريقي و إقامة بطولة قارية للمنتخبات.
و تولى المصري سالم طرح الفكرة على الفيفا غير أن الكاتبة رأت في الفكرة مجرد هراء بسبب الفكر الاستعلائي لمستعمر الأمس و لم تدرجها ضمن جدول الأعمال ، لكن إصرار سالم على مناقشة فكرته جعله يطرحها على المؤتمرين الذين عارضوا مناقشتها مما دفع بسالم إلى الإنسحاب وقال وهو يهب بالخروج من القاعة تصريحه الشهير بإنه إذا لم يكن جميع الأعضاء على نفس القدر من الاحترام فإنه يفضل الانسحاب و تبعه ممثل السودان ، مما أجبر الفيفا على الرضوخ لمطالبه لتنال الفكرة شرعيتها الدولية من البرتغال و من هناك بدأ الرباعي الإفريقي مصر و السودان و اثيوبيا و جنوب إفريقيا الإعداد لتجسيدها على أرض الواقع في اقرب فرصة ، ثم صادق كونغرس الفيفا في بيرن على إنشاء الكاف ليصبح لإفريقيا ممثلها في المكتب التنفيذي.
و لم تقف رغبة سالم في أن تحمل البطولة الفتية أسمه و معارضة البقية عائقاً أمام تنفيذها بعدما توصلوا إلى اطلاق أسمه على أول لقب للبطولة التي تحمل أسم كأس إفريقيا.
و في الوقت الذي تقرر ان تكون مصر مقراً للإتحاد الإفريقي تقرر إسناد تنظيم أول نسخة من البطولة إلى السودان الذي استرجع إستقلاله في يناير 1956 ، و بالمناسبة شيدت حكومة الخرطوم إستاد جديد سعته 30 ألف مقعد افتتح في الثلاثين ايلول 1956 ليكون جاهزاً لضربة البداية و اتفق القائمون على الفكرة ان الدورة الأولى بدون تصفيات و مفتوحة أمام جميع المنتخبات الراغبة في المشاركة .
كما اتفقوا أيضا بان تنظم البلدان المؤسسة البطولة تباعا قبل ان يمنح الشرف لبلد اخر من غير المؤسسين.
و في الثامن فبراير 1957 عقدت الجمعية التأسيسية للاتحاد الإفريقي لوضع اللوائح التنظيمية ، و بعده بيومين افتتحت البطولة بحضور رئيس الوزراء السوداني إسماعيل الازهري ، و شاركت فيها ثلاث منتخبات فقط السودان و مصر و اثيوبيا و انسحبت جنوب إفريقيا في أخر لحظة بعدما رفض اقتراحها من قبل المنظمين الذين لمسوا فيها تمييزاً عنصرياً لا يمكن القبول به ، حيث اقترح ممثلها فريد ويل أن تشارك بمنتخب تعداده أما من السود فقط أو البيض فقط ، و من تم بدأت المقاطعة الإفريقية الرياضية لنظام الابارتيد،وغابت جنوب إفريقيا عن البطولة رغم أنها من مؤسسيها لغاية دورة 1996 .
و هكذا اقتصرت الطبعة الأولى من البطولة على ثلاث مباريات فقط و انتهت بتتويج المنتخب المصري بعد تفوقه على نظيره الاثيوبي برباعية نظيفة و يمكن القول أن الإفارقة نجحوا في إطلاق بطولتهم القارية بغض النظر عن تواضع بدايتها فأصعب الأمور بدايتها.
و بعد سنتين و بالضبط من ال22ـ و حتى 29 مايو 1959 كانت مصر تحتضن الدورة الثانية و هي سيناريو مكرر للنسخة الأولى من حيث المنتخبات المشاركة و حتى نظام المنافسة الذي لم يختلف كثيراً و النتيجة النهائية التي عادت إلى البلد المنظم بعد فوزه في النهائي على جاره السودان بهدفين لواحد .
ومن مفارقات هذه الدورة أن المنتخب الفائز كان يمثل بلداً إفريقيا هو مصر و أخر اسيويا هو سوريا في عهد الوحدة التي تمت بين البلدين .
منعطفات و تحديات تاريخية
بعد دورة مصر الثانية توالت الدورات لتصل في جنوب إفريقيا 2013 الرقم 29 و مع كل دورة كان الإفارقة يتجاوزون عقبات تنظيمية ليجدوا أخرى في طريق إنجاحهم للبطولة لكن مع إنتهاء كل دورة كانوا يشعرون بأنهم قطعوا الاصعب و لم يبقى لهم سوى الصعب و مع نهاية كل دورة كان إصرارهم يزيد على تنظيم الدورة الموالية ، و هو ما جعل البطولة تمر بمنعطفات تاريخية لدرجة يمكن وصفها بانها الأكثر تعرضا للتغيير من أجل التطوير.
فالدورة الثالثة كان يفترض أن تلعب عام 1961 لكنها أجلت للعام الموالي بسبب الإنقلاب العسكري الفاشل الذي عرفه البلد المنظم اثيوبيا و تأخر أشغال إنجاز ملعب الإمبراطور هايلي سيلاسي ، وعلى عكس الدورتين الأوليين فإن الدورة الثالثة شهدت إقامة تصفيات سمحت لتونس وأوغندا ببلوغ النهائيات مع اثيوبيا و حامل اللقب مصر،وعادت الكلمة الأخيرة للمنظمين بعد تفوقهم في النهائي على حاملي اللقب بأربعة اهداف لأثنين.
و اقيمت الدورة الرابعة عام 1963 بغانا و هي أول دورة تستضيفها دولة غير مؤسسة للكاف ، و ارتفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى ستة ، و لعبت البطولة بصيغة المجموعتين ، ومن غرائب الكرة الإفريقية أن المجموعة الأولى ضمت حامل اللقب اثيوبيا و البلد المنظم معاً إلى جانب تونس ، و تصدرت ترتيبها النهائي غانا ، و ضمت الثانية مصر و نيجيريا و السودان الذي حل في الريادة ليقابل أصحاب الضيافة في النهائي الذي عاد لمنتخب النجوم السوداء بثلاثية نظيفة.
و منح الكاف شرف تنظيم البطولة الخامسة لتونس سنة 1965 ، و عرفت اختلاط الرياضة بالسياسة حيث تسبب خطاب الرئيس التونسي الراحل حبيب بورقيبة في الضفة الغربية عن فتح المفاوضات مع اليهود تسبب في إنسحاب مصر و السودان ، و عدل الكاف من أسم البطولة من كأس إفريقيا إلى كأس إفريقيا للأمم ، و حضرت البطولة ستة منتخبات وضعت في فوجين ، الأول ضم ساحل العاج و الكونغو غانا التي مرت للنهائي بسهولة لتقابل متصدر الفوج الثاني تونس الذي تأهل على حساب السنغال و اثيوبيا ، و رغم تعادله في رصيد النقاط مع السنغال إلا أن قرار من الكاف منح تأشيرة النهائي للمستضيف الذي خسر النهائي من غانا بثلاث أهداف لاثنين ، ليستمر سجل غانا خال من الهزيمة في دورتين متتاليتين.
و عاد المؤسسون لإستضافة البطولة حيث اقيمت في اثيوبيا للمرة الثانية و قرر الكاف أن تقام في السنوات الزوجية لتلعب سنة 1968 ، و ارتفع عدد المشاركين في النهائيات إلى ثمانية ، كما سمح الكاف للمنتخبات بإشراك لاعبين أثنين من يلعبان خارج البلد بعدما اقتصرت المشاركة في الدورات السالفة على اللاعبين المحليين.
و شارك في التصفيات 20 منتخبا ، ليتأهل إلى النهائيات ستة يضاف إليهم منتخبي أثيوبيا و حامل اللقب غانا ، و وزعت على مجموعتين ، حيث يتأهل الأول و الثاني من كل فوج إلى الدور النصف النهائي و هو النظام الذي استمر لغاية عام 1992، وعرفت الدورة أول مشاركة للجزائر ، وعرف المربع الذهبي تأهل كل من اثيوبيا و ساحل العاج و غانا و الكونغو كينشاسا اللذان بلغا المباراة النهائية حيث عرفت أول خسارة لغانا و أول تتويج للكونغو.
و انضم منتخب صقور الجديان إلى المؤسسين المتوجين بالبطولة بعدما نظمها للمرة الثانية عام 1970 بعد تفوقه في النهائي على غانا بهدف للاشىء ، وعرفت البطولة إنضمام منتخب جديد ممثلاً في الكمرون، و عرفت أيضاً تدشين البث التلفزيوني لمبارياتها.
و شهدت عشرية السبعينات انتظام في تواريخ إقامة البطولة مع تنوع في الأبطال و المنظمين و زيادة الرغبة في المشاركة دون أن ترافقه زيادة في عدد المقاعد النهائية ، و هكذا استضافت الكاميرون دورة 1972 التي غابت عنها مصر للمرة الأولى و عاد اللقب لمنتخب الكونغو الفائز على مالي بثلاثية لاثنين .
ثم عادت مصر لتشارك في البطولة الموالية عام 1974 التي اقيمت على أراضيها لكن اللقب ذهب للزائر الفائز في النهائي المعاد على زامبيا المشاركة للمرة الأولى بثناية نظيفة بعدما تعادلا في النهائي الاول بهدفين لمثلهما و هي المرة الأولى و الأخيرة التي يعاد فيها النهائي.
و عادت اثيوبيا لتستضيف البطولة للمرة الثالثة عام 1976 ، و في هذه الدورة عدل الكاف من نظام البطولة حيث تقرر أن تلعب المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي دوري مصغر في ما بينها و صاحب أكبر رصيد من النقاط يتوج باللقب الذي عاد وللمرة الأولى للمنتخب المغربي .
و عادت غانا لتنظم بطولة 1978 و تفوز بها على حساب أوغندا بثنائية مع عودة نظام المنافسة الاسبق و احتفظت غانا نهائياً باللقب الذي يحمل أسم المصري عبد العزيز سالم .
و استضافت نيجيريا و للمرة الأولى دورة 1980 و فازت بها على حساب الجزائر – التي تشارك للمرة الثانية و تصل النهائي لأول مرة – بثلاثية نظيفة، و حضر الدورة أكبر عدد من الجمهور بلغ في المجموع 735 ألف متفرج .
و استقبلت ليبيا ضيوفها الأفارقة عام 1982 على ملاعب بأرضيات صناعية و نشط النهائي فرسان المتوسط و النجوم السوداء الذين تمكنوا من إضافة لقبهم الرابع بفضل ركلات الترجيح و عرفت تلك الدورة إنسحاب مصر بعد اغتيال رئيسها أنور السادات و عوضتها تونس التي غابت عن البطولة لغاية 1994 ، كما اقر الفيفا قرار يسمح لأي منتخب بإشراك جميع لاعبيه سواء محليين أو محترفين ليدخل الكاف والمنتخبات الإفريقية في صراع مع الأندية الأوروبية الرافضة تسريح لاعبيها الاجانب الافارقة.
و منح الكاف تنظيم بطولة 1984 لساحل العاج و فاز بلقبها منتخب الكاميرون على حساب نيجيريا بثلاث أهداف لواحد ، ثم عادت مصر لتستضيف النهائيات عام 1986 و تفوز بها بركلات الترجيح أمام الكاميرون الذي استعاد لقبه بعدها بعامين بالمغرب.
ونالت الجزائر شرف تنظيم البطولة عام 1990 و تمكنت من التتويج بها على حساب نيجيريا بهدف للاشىء .
و شهدت دورة 1992 بالسنغال رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات من 8 إلى 12 ، و اقيمت بين أربع مدن ، وزعت على أربع مجموعات يتأهل من كل واحدة الأول و الثاني إلى الدور الربع النهائي ، كما عدل الكاف من توقيت البطولة حيث لعب في شهر يناير بدلا من مارس ، و شارك في البطولة نخبة من أفضل الأسماء الأفارقة ممن كانوا يلعبون في أوروبا ،وحصل فيلة ساحل العاج على أول لقبهم بعد تغلبهم على غانا بركلات الترجيح بعد أن أنتهت الأشواط بالتعادل السلبي للنهائي.
و اقيمت الدورة الموالية عام 1994 بتونس بنفس نظام دورة السنغال و عاد شهر مارس ليفرض نفسه على تاريخ البطولة ، و تأهل للنهائي منتخبي نيجيريا و زامبيا للمرة الثانية في تاريخهما ، وفاز النسور الخضر بهدفين لواحد.
و كانت النسخة الموالية عام 1996 تاريخية بأتم معنى الكلمة ، حيث عرفت عودة جنوب أفريقيا إلى احضان الكرة الإفريقية بعد غياب طويل و بعد إنقضاء نظام الابارتيد ، كما قرر الكاف رفع عدد المقاعد النهائية إلى 16 موزعة على أربعة مجموعات كل واحدة من أربع منتخبات يتأهل الأول و الثاني إلى الدور الربع النهائي ، غير ان المشاركة اقتصرت على 15 منتخباً فقط بعد انسحاب حامل اللقب نيجيريا لأسباب سياسية .
ولم تكتفي جنوب إفريقيا بتكريم الضيوف بل فازت أيضاً باللقب على حساب تونس بثنائية نظيفة لتكون أخر بلد مؤسس للبطولة ينظمها و يتوج بها ، و شهد النهائي صورة معبرة و مجسدة لإنتهاء عهد التفرقة العنصرية حيث سلم الرئيس نيلسون مانديلا السود الكاس لقائد منتخب بلاده الابيض.
و نظمت بوركينافاسو البطولة الموالية عام 1998 و فازت مصر بتاجها على البفانا بفانا بهدفين لصفر .
و في عام 2000 حدث تغير في التنظيم حيث قرر الكاف و للمرة الأولى إسناده لبلدين هما غانا التي استضافت المباراة الافتتاحية و نيجيريا التي استضافت النهائي ، وعادت الكاميرون بجيل ذهبي مميز لتفوز باللقب على حساب النسور الخضراء بركلات الترجيح بعدما تعادلاً بهدفين لمثلهما و احتفظ الاسود باللقب نهائياً و الذي يحمل أسم كاس الوحدة الإفريقية ثم فازت الكاميرون في الدورة الموالية بمالي عام 2002 بالتاج على حساب السنغال بركلات الترجيح أيضاً بعد تعادلهما سلباً.
و استعاد العرب سيطرتهم في الدورات الموالية اذ نظمتها تونس عام 2004 و فازت بها على حساب المغرب ثم توجت بها مصر ثلاث مرات متتالية في سابقة تاريخية ، 2006 على أراضيها و على حساب ساحل العاج بركلات الجزاء ، و 2008 على الأراضي الغانية امام الكاميرون بهدف للاشىء،و هي الدورة التي عرفت تسجيل أكبر عدد من الأهداف ب99 هدف ، ثم تكرر نفس النهائي عام 2010 بأنغولا محتفظة على غرار غانا و الكاميرون بالكأس نهائياً..
و في الدورة الاخيرة عام 2012 منح الكاف تنظيم البطولة للغابون و غينيا الأستوائية و عرفت غياب أقوى المنتخبات الافريقية على غرار الجزائر و مصر و الكاميرون و نيجيريا ، و فاز بلقبها و للمرة الأولى منتخب زامبيا اثر تغلبه على ساحل العاج بركلات الترجيح و هي المرة الأخيرة التي تقام فيها البطولة في السنوات الزوجية.
و منذ أن سمح الفيفا للمنتخبات الإفريقية بإشراك لاعبيها المحترفين في أمم افريقيا عام 1982 بدا الصراع مع الأندية الأوروبية يشتد من دورة لأخرى ، واخذت الأندية تساوم اللاعبين الافارقة المعنيين بفسخ عقودهم و إبقائهم على دكك الاحتياط مما أجبر الكثير منهم على الرضوخ و غابوا عن الكان التي اصبحت تراهن عليهم كثيرا لإنجاح العرس، و من حسن حظهم ان الفيفا عدل من لوائحه و اصبح السماء لهؤلاء بالحضور أمرا قانونياً بما أن الكان تدخل ضمن أجندته .
ورغم ذلك استمرت الأندية الأوروبية في مساوماتها و في ضغوطاتها على اللاعبين و على الإتحادات الوطنية خاصة بعد رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 16 مما رفع من عدد اللاعبين المعنيين بالغياب عن انديتهم و خصوصا أن المنتخبات الإفريقية اصبحت تراهن عليهم كثيراً ، و بعدما كانت الامر يخص فقط الأندية الفرنسية فإن دائرة الضغوطات توسعت لتشمل الإنكليزية و الإسبانية و الإيطالية و غيرها في ظل الانتشار الرهيب للاعب الإفريقي في القارة العجوز.
و تمكن الكاف و رئيسه الكاميروني عيسى حياتو من تجاوز الضغوطات التي كانت تمارس عليه في شكل مقترحات لتقليص تأثيرات غياب الأفارقة عن الأندية الأوروبية التي اقترحت عليه إقامة البطولة كل أربع سنوات لكنه رفض لان البطولة كل عامين مردها عوامل اقتصادية أكثر منها رياضية و تسمح بتدوير سريع في تنظمها و تطوير البنية التحتية للبلدان المتخلفة ، كما رفض تعديل توقيت إقامتها بإجرائها في نهاية الموسم بدلاً من منتصفه لأسباب مناخية ، قبل ان يقبل في العام 2011 بعد تزايد حدة الانتقادات وبعد رضوخ إتحاد أمريكا الجنوبية و الاتحاد الاسيوي رضخ و قرر ان تقام البطولة في السنوات الفردية بدلا من السنوات الزوجية و هو ما قرار يخدم المنتخبات الإفريقية أكثر مما يخدم الأندية الأوروبية.
معدن النجوم الخالص
أكثر ما يحسب لكأس أمم إفريقيا خاصة في الدورات العشرين الأولى هو أنها كانت دوما تنجب نجوم ترسخت أسمائهم في الذاكرة ، فالبطولة كانت الفرصة المناسبة للاعب الإفريقي لتفجير مواهبه خاصة أنها كانت فقط لمن يلعب داخل بلده ، و هكذا كانت كل دورة تنتهي إلا و يعلن معها عن ميلاد نجم جديد يضاف إلى قائمة النجوم الذين سبقوه ، فالجميع يبقى يتذكر أسماء لمعت و تركت بصمات لا يمكن محوها،والجميل في كأس إفريقيا هو النجوم ظهروا مع أول دورة حيث فرض المهاجم المصري محمد الديبة نفسه بطلاً و نال لقب الهداف بتسجيله خمسة اهداف في مبارتين فقط منهم رباعية في النهائي، غير الموهبة الإفريقية لم تكشف عن نفسها إلا في دورة اثيوبيا 1968 مع الثلاثي المحترف الذي كان يضمه منتخب الكونغو كينشاسا و بفضله توج بطلاً و هم كاسانغو و كابامبا و مولونغو ،و بفضلهم تذوقت غانا مرارة أول هزيمة ، و معهم برز أيضاً مهاجم الفيلة لورون بكو الذي سجل ثمانية أهداف ليصبح أول لاعب يسجل هذا العدد في دورة واحدة ثم أضاف في البطولة الموالية ستة أهداف ليصبح أكثر اللاعبين تسجيل للأهداف في أكثر من دورة لمدة 38 سنة قبل أن يحطم الرقم الكاميروني صامويل ايتو في 2008 بعدما وصل إلى حدود 18 هدفا،كما برز في دورة 1974 مهاجم الزايير نداي مولومبا الذي قاد منتخبه لإحراز اللقب بعدما سجل تسعة اهداف و هو مجموع ما سجله المنتخب ككل.
وفي البطولة الموالية سطع نجم المغربي أحمد فاراس الذي منح لبلده اللقب الإفريقي الوحيد في تاريخ لغاية اليوم.
و في عشرية الثمانينات برزت أسماء اخرى فمن الكاميرون كان هناك الراحل تيوفيل ابيغا نجم دورة 1984 و مواطنه الثعلب روجي ميلا نجم دورة 1988 ، و من العرب كان هناك محمود الخطيب و طاهر ابو زيد ومجدي عبد الغني و مصطفى عبده أبطال 1986 ، و لخضر بلومي و رابح ماجر و سي الطاهر شريف الوزاني و شريف وجاني و فضيل مغارية من الجزائر و الراحل رشيدي ياكيني و ستيفان كيشي من نيجيريا و كالوشا بواليا من زامبيا .
و في عشرية التسعينات برزت أسماء أخرى غير أن بروزها في أوروبا سبق تألقها في إفريقيا على غرار ابدي بيلي و ييبوواي من غانا ، وجوال تيهي و الان غواميني من ساحل العاج ، و بيير عيسي و مارك فيش من جنوب إفريقيا ، و امونيكي و اكبيبيا و سياسيا من نيجيريا.
و في العشرية الاخيرة فرض نجوم المنتخب المصري خاصة ابو تريكة و أحمد حسن و عصام الحضري و عماد متعب و عمرو زكي و حسني عبد ربه – أفضل لاعب في 2008- ، و معهم نجوم الكاميرون ايتو و مبوما و سونغ ، و كاتنغو من زامبيا ، و دروغبا و توري فرضوا أنفسهم ابطال خاصة أن تألقهم في الكان تزامن مع تألقهم مع أنديتهم الأوروبية أو الإفريقية بالنسبة للأهلي المصري.