بعد مرور عامان على ثورة 25 يناير ..دخلت مصر في مرحلة حراك وتحول سياسي كبير.. وانطلق قطار التغيير ولن يعود إلى محطته السابقة .
ولاشك ان التحدي الأكبر الذي يجابه مصر حالياً هو البحث عن الطريقة المثلى للتحول من حالة الزخم الثوري إلى ديمقراطية آمنة، تكرس تحقيق الأهداف والمبادىء التي قامت من أجلها ثورة الخامس والعشرين من يناير ، والتي قدم شباب مصر وشيوخها أرواحهم فداء تحقيق هذه الأهداف والطموحات لتعتلي مصر من جديد منصة الحضارة والتقدم..
وفى هذا الملف نحاول رصد عددا من المحاور تتضمن ما تحقق من نجاحات ومكاسب بفضل الثورة المصرية - داخليا وخارجيا- وما ترتب عليها من نقلة نوعية في مجالات ومناحي الحياة على أرض مصر، وما أنتجته الصورة الحضارية للثورة من إعادة إنتاج صورة مصر في الخارج ، حيث استحوذت ثورة الخامس والعشرين من يناير على اهتمام العالم كله ، باعتبار أن مصر دولة محورية لها ثقلها الإقليمي ودورها على الساحة الدولية في قضايا ذات تأثير
حيوي .
العودة إلي أعلي
نجاحات ومكاسب ..
رغم الغيوم التى قد تعترى نجاح الثورة الا انه لاشك اننا يمكن ان نرصد بعض المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي قامت أساساً لتكريس مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية وسيادة دولة القانون وتدعيم قيم المواطنة الحقيقية، وهو ما تحقق بدرجة كبيرة خلال العامين المنقضيين، الذي شهدنا خلالهما أحداثاً جساماً وأموراً بالغة الأهمية، وتطورات مثيرة.
ويمكن إبراز أهم النجاحات التي تحققت بفضل ثورة الشعب المصري في الآتي:
اسقاط النظام الفاسد ..
على مدى ما يزيد عن الثلاثين عاماً ظل النظام السابق وحزبه متصدرا للمشهد السياسي المصري، متكئاً في هذا الصدد على دعم أدواته الأمنية، ما كان له عظيم الأثر في إضعاف الحياة الحزبية وإفساد الحياة السياسية وتجفيف منابع المشاركة المجتمعية. كان ذلك هو المسوغ أمام القضاء المصري لإصدار حكمه التاريخي في شهر أبريل 2011 بحل الحزب الوطني الديمقراطي.
محاكمة رموز النظام السابق ..
يضاف إلى مكاسب الثورة تقديم الرئيس السابق ونجليه إلى المحاكمة بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين والتربح والفساد، كما تم أيضًا تقديم العديد من رموز النظام السابق، إلى المحاكمة بتهم الفساد، والرشوة، واستغلال النفوذ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام، وقتل المتظاهرين السلميين.
أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير..
والتى اسفرت عن فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب الرئيس وليكون أول رئيس مدني منتخب لمصر بنسبة
51.73% بنزاهة وشفافية وحرية شهدها العالم أجمع . وأدى الرئيس مرسي اليمين الدستورية في 30/6/2012
الدستور ..
اجراء مؤتمرات الحوار الوطني بمشاركة ممثلي مختلف الأحزاب والقوى السياسية وشباب الثورة والمفكرين والشخصيات العامة وصولاً إلى انتخاب جمعية تأسيسية وضعت الدستور .
• ثم جاء الاستفتاء على الدستور ليسطر مرحلة جديدة في تاريخ مصر، بعد أن قال الشعب كلمته في دستوره الذي حظى بأغلبية قالت نعم للدستور بلغت نسبتها 63.8%
انتخاب برلمان الثورة ..
بدخول مصر مرحلة جديدة من العمل السياسي في أعقاب ثورة 25 يناير ، جاءت الانتخابات البرلمانية في نوفمبر
2011/يناير 2012 لتعكس درجة التحول المجتمعي والتطور الديمقراطي الذي تمر به مصر الثورة ، وأنها اكتسبت أهميتها لكونها أول انتخابات تشريعية تجرى بعد قيام ثورة يناير
و أثبت شعب مصر عبر ثلاث مراحل انتخابية، وجولات الإعادة بها، بالإضافة إلى أربع مراحل تكميلية، أنه قادر
على المضي قُدماً في بناء دولة ديمقراطية حقيقية تعلو فيها كلمة القانون.
حيث تضمن المشهد الانتخابي منذ يومه الأول، في الثامن والعشرين من نوفمبر 2011، وحتى التاسع عشر من يناير، العديد من الملامح منها:
- إقبال غير مسبوق على التصويت، بمعدلات قياسية لم تعرف مصر مثيلاً له في تاريخها السياسي الحديث.
- تصويت المصريين في الخارج ... إيماناً بوجوب مشاركتهم في رسم مستقبل وطنهم.
- الطابع السلمي ... الذي ساهم في مواصلة سير العملية الانتخابية دون تأجيل أو إلغاء.
- الإشادات الدولية .. الرسمية والإعلامية والحقوقية بسير العملية الانتخابية ومدى الشفافية والنزاهة التي تمتعت بها.
- سيادة القانون ... من خلال إصرار أعضاء اللجنة القضائية العليا المشرفة على العملية الانتخابية بتنفيذ كافة أحكام القضاء مهما واجهوا من صعوبات.
واحترامًا لحكم المحكمة الدستورية العليا في يونيو 2012 تم حل مجلس الشعب ، لتستعد البلاد لانتخابات برلمانية جديدة خلال ستين يومًا من بدء العمل بالدستور الجديد.
تجديد الخطاب الإعلامي
لم ترتبط نتائج ثورة 25 يناير بحدود التغيير السياسي فقط، بل تخطت تلك الحدود لتؤثر على خريطة الإعلام المصري وإعادة رسمها، سواء كان ذلك على مستوى الإعلاميين أنفسهم ومواقعهم، أو مكانة الوسائل نفسها. والأهم هو حدود الحرية الممنوحة للإعلام بعد الثورة وغياب العديد من المحاذير والضغوط التي مورست في الفترات السابقة على الإعلام.
ويشهد الإعلام الرسمي حاليا وعلى رأسه الإعلام الحكومي والصحف القومية، اختلافا في المحتوى، حيث تعمل هذه الوسائل لكى تخطو نحو أداء إعلامي متحرر ومعظم للقيم المهنية في ظل محاولات لإصلاح السياسات الإعلامية والهياكل المالية بها.
فخريطة الإعلام أخذت في التغيير، ليس بسبب المنافسة التي تفرض تقديم خدمة إعلامية متميزة فقط، وإنما لأن مساحة الحرية في مصر باتت أكبر بعد ثورة 25 يناير، حيث تشهد الساحة الإعلامية المصرية ظهور كيانات جديدة تعبر عن تيارات سياسية وفكرية مختلفة لم يكن لها منابر إعلامية للتعبير عنها، وكذلك ظهرت مشاريع عديدة لقنوات تعبر عن الأحزاب السياسية المختلفة، وتزايد المساحة المتاحة للمناقشات السياسية والمجتمعية الجادة بشكل مضطرد بالنسبة لقنوات عديدة أخرى ظهرت قبل ثورة يناير، وكذلك رفع القيود الأمنية والإدارية التي كانت تقف عائقا أمام إصدار الصحف في كثير من الأحيان .
العودة إلي أعلي
قالوا عن الثورة ..
كشفت ثورة الخامس والعشرين من يناير عن اهتمام دولي كبير يبدو غير طبيعي في تعامل المجتمع الدولي مع ثورات العالم النامي، هذا التقدير والإعجاب امتد ليشمل العديد من عناصر ومكونات المجتمع المصري بكل شرائحه، إلى الدرجة التي دفعت تحليلات وتقارير إعلامية إلى القول إن الصورة الجديدة لمصر بدأت تجذب السائحين الاوروبيين الذين يرغبون في العودة إلى مصر، فيما عرف بسياحة الثورة.
هذا الزخم الإعلامي واكبه حالة من التقدير الرسمي العالمي في مختلف دوائر صنع القرار، حيث تكشف متابعة
التصريحات الرسمية العالمية، التي واكبت اندلاع الثورة المصرية عن حالات عالية من التقدير والإجلال للثورة
المصرية وشبابها، فقد دعت العديد من قيادات العالم إلى استلهام الدروس من شباب مصر، بل إن بعض الدوائر
السياسية آنذاك طالبت بمنح الثورة المصرية جائزة نوبل للسلام عام 2011.
قالوا عن الثورة ..
أجبرت الثورة المصرية قادة العالم على الإشادة بسلمية الثورة وتحضر الشعب الذي صنعها، وهو ما ظهر جلياً في خطاباتهم وتصريحاتهم التي خرجوا بها على العالم في أعقاب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في الحادي عشر من فبراير الماضي:
الرئيس الأمريكي باراك أوباما :
"يـجب أن نربي أبـناءنا ليصبحوا كشباب مصر".
"هناك لحظات نادرة فى حياتنا نتمكن فيها من مشاهدة التاريخ أثناء صياغته ، وثورة مصر إحدى هذه اللحظات ،
فالناس فى مصر تحدثوا ، وصوتهم سمع ، ومصر لن تكون أبدا كما كانت".
"المصريون ألهمونا وعلمونا أن الفكرة القائلة أن العدالة لا تتم إلا بالعنف هى محض كذب، ففى مصر كانت قوة تغيير أخلاقية غير عنيفة غير ارهابية ، تسعى لتغيير مجرى التاريخ بوسائل سلمية".
"الثورة صوتها مصرى، إلا أنها تذكر العالم بأصداء ثورات سابقة، أهمها ثورة الألمان على سور برلين، وثورة غاندى الذى قاد شعبه إلى طريق العدالة".
"ستظل كلمة التحرير تذكر المصريين بما فعلوه، وبما ناضلوا من اجله وكيف غيروا بلدهم، وبتغييرهم لبلدهم غيروا العالم ايضا".
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون:
"صوت المصريين قد سمع، وأدعو لنقل سلمي حقيقي للسلطة واحترام حقوق الإنسان في هذا اليوم التاريخي، وأهنيء الشعب المصري على نجاحهم في ثورتهم، والأمم المتحدة مستعدة لمساعدة مصر".
رئيس الوزاراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني:
"لا جديد في مصر، فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة" .
ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا:
"يجب ان ندرس الثورة المصريه فى مدارسنا".
هاينز فيشر رئيس النمسا:
"شعب مصر أعظم شعوب الأرض ويستحق جائزة نوبل للسلام".
ستولتنبرج رئيس وزراء النرويج :
"اليوم كلنا مصريون".
فستر فيله وزير الخارجية الألمانى:
"أتطلع إلى زيارة مصر والحديث مع الذين قاموا بالثورة".
السفير الألمانى بالقاهرة:
"الثورة المصرية تشبه ثورة وحدة ألمانيا منذ 20 عاماً، فقد حافظت على كونها سلمية".
العودة إلي أعلي
ثورة يناير فى الاعلام الدولى ..
حضور إعلامي طاغ للثورة المصرية في الإعلام الدولي، حيث لم تتوقف شبكات التلفزة والقنوات الإخبارية والمواقع الاليكترونية عن البث المباشر على مدار الساعة عن الثورة المصرية، كما احتلت أنباء الثورة المصرية صدارة عناوين كبرى الصحف العالمية لأيام طوال، وعلى غير العادة في التقييم الإعلامي، فقد اتسمت تلك التغطيات الإعلامية بأعلى درجات الإيجابية، حيث وصفت افتتاحيات كبريات الصحف العالمية ثورة مصر والمصريين بشكل عام بسمات يندر أن تجدها في الإعلام الغربي، بل ان ثورة 25 يناير كانت بمنزلة دعاية مجانية لمصر في الإعلام الدولي، وأداة من ادوات تغيير صورة مصر، تلك الصورة التي شابها الكثير من السلبيات في فترة ما قبل الثورة.
وفيما يلي عرض موجز لتناول كبريات الصحف العالمية للثورة المصرية وشخوصها، وكذا تناول لأراء عدد من المفكرين الغربيين..
روبرت فيسك الكاتب البريطاني الشهيـر في مقـال بعنـوان (رحيل طاغية ونشوة شعب) لـ "الإندبندنت":
"هب المصريون ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره زعيما معتدلا، نعم ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة علي مواجهة الوحشية وتحديها" "سيعرف هذا الحدث في التاريح باسم ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الثورة، وسيؤرخ له علي أنه اليوم الذي هب فيه شعب مصر".
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية:
"إن عددا كبيراً من الإسرائيليين أبدوا إعجابهم بالثورة المصرية".
ونقلاً عن بن كاسبيت المعلق الإسرائيلي البارز لصحيفة "معاريف": "الأمل والتفاؤل يتدفقان إلى مصر، شجاعة الجماهير جعلتنا نعجب بالمصريين، لقد استطاعوا الوقوف في وجه مبارك، الشعب المصري من أعظم الأبطال، فقد وقفوا في وجه واحد من أقوى الحكام والأكثر كرهاً في التاريخ الحديث لمصر".
صحيفة "الجارديان" البريطانية:
"30 ثانية وضعت نهاية حكم استمر 30 عاماً - في إشارة إلي المدة التي استغرقتها كلمة اللواء عمر سليمان النائب السابق للرئيس والذي أعلن تنحي مبارك - مهما يحدث بعد الآن فإنها بالفعل لحظة تاريخية مهمة، فقد أعادت ترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي والشعب المصري في الصميم الأخلاقي لهذا العالم".
"إنها أعظم ثورة فى التاريخ البشرى بأكملـه".
"أعظم من الثورة الفرنسيـــة والثورة الأمـيريكية".
صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية:
"قوة الشعب تصنع التاريخ في مصر".
شبكة CNN الإخبارية:
"لأول مرة فى التاريخ نرى شعبا يقوم بثورة ثم ينظف الشوارع بعدها".
بولو كويلهو الروائي البرازيلي الشهير:
"العالم يتحول للأفضل لأن هناك شعوبا تخاطر بأرواحها لجعله أفضل .. شكرا يا مصريين ".
"آن لأرواح الشهداء ان تهدأ آن لنا أن نكرم أسرهم ليس أقل من نصب تذكارى لهم في التحرير، هم صنعوا المجد لنا .. هم رسموا المستقبل لأبنائنا بأرواحهم ودماءهم فحق لهم أن يبقوا أحياء عند ربهم وفي قلوبنا".
خوان غويتيسولو الأديب والمستعرب الإسباني:
"المصريون شعروا في الميدان بأنهم ملاك مستقبلهم ومصيرهم وعليهم أن يقولوا كفى
العودة إلي أعلي
الثورة في عيون الشعوب ..
بعد منتصف شهر مايو 2011 بدأت في عدة دول أوروبية العديد من المظاهرات، على غرار ماحدث في مصر وبعض الدول العربية المجاورة لها من ثورات ضد الأوضاع المغلوطة والفساد. لكن المظاهرات الأوروبية التي اندلعت في أكثر العواصم شهرة لم تكن بسبب القهر والظلم والفساد، بل كانت بدافع آخر بعيد عن الأذهان وهو سوء
الأحوال الإقتصادية، الأمر الذي قد ينكره البعض على هذه الدول الصناعية ذات الإقتصاديات الضخمة، فقد خرجت الجماهير الأوروبية إلى الميادين الشهيرة بمدنهم الكبرى رافعة العلم المصري إحتجاجاً على سياسات حكوماتهم التقشفية التي أضرت بحقوقهم ومصالحهم، ملوحة في الأفق بالقوة الشعبية التي يمكن للجماهير أن تفعل بموجبها المعجزات كما حدث في الدول العربية، فقد أطلق الأوروبيين على الثورات الناجحة في المنطقة العربية _وعلى رأسها مصر_ مسمى "الربيع العربي"، وتستلهم الشعوب الأوروبية من نظيراتها العربية والمصرية روح النضال،
مقتديةً بما فعله الثوار المصريين من الإحتماء بالمكان (وهو ميدان التحرير الشهير) واحتضان العلم.
كان للثورة المصرية طابعها الخاص في نفوس الشعوب في العالم، فقد اقتدت بها الشعوب لتواجه مشاكلها الخاصة، فتوحدت الوسيلة في تناغم بديع بين الشرق والغرب في مواجهة الغايات المختلفة، وهذه نماذج من الشعوب التي مثلت إنعكاساً للثورة المصرية يجسد رؤيتهم لنا، وصورة ثورتنا في عيونهم:
اسبانيـا:
في إسبانيا اعتصم آلاف من الشباب في الميادين الرئيسية في عدة مدن إسبانية، في أكبر حركة احتجاج تشهدها البلاد منذ إصابتها بالركود الإقتصادي عام 2008، وقد استلهمت تلك الإحتجاجات روح الثورة المصرية في شكلها وجوهرها، حيث نظمها المحتجون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، وعبر تلك المواقع أيضاً وسّعوا دائرة إحتجاجهم لتشمل أقرانهم في مختلف الدول الأوروبية مثل لندن وباريس وروما ودبلن، حيث قامت فيها
مظاهرات مؤيدة للمعتصمين الأسبان أمام سفارات اسبانيا في هذه الدول. وقد اختار المحتجين أحد ميادين العاصمة " مدريد" الشهيرة ليحاكوا به ميدان التحرير، فتجمع نحو ألفي متظاهر في 18 مايو بساحة "بويرتا ديل سول" وسط مدريد للاحتجاج على وصول معدل البطالة إلى 21%، بالإضافة إلى تنديدهم بالسياسات التقشفية التى فرضت عليهم لمواجهة العجز المالى فى الميزانية.
المحتجون لم يخرجوا في مجرد مظاهرة، بل اعتصموا في الساحة ورفضوا الرحيل قبل الانتخابات المحلية والإقليمية كوسيلة ضغط من قبلهم على حكومتهم للإنصياع لرغباتهم، رافعين العلم المصري في وسط العاصمة الإسبانية.
الجدير بالذكر أن حركة الشباب الإسبان أصبحت تعرف بحركة 15 مايو إقتداءً بمصر في نسب الثورة ليوم البدء.
إيطاليـا:
في يوم الجمعة 20 مايو2011 خرجت احتجاجات من 9 مدن إيطالية، من أهمها روما وميلانو وتورينو لتمثل السخط والضجر الشعبي من الحالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد، ضمن موجة إحتجاجات في أوروبا تضع أمامها النجاح الذي لاقته الثورات العربية ولا سيما مصر.
وقد نشر عدد من المتظاهرين الإيطاليين صورة للعلم المصرى بجانب العلم الإيطالى خلال احتجاجاتهم فى شوارع روما ضد رئيس الحكومة الإيطالية آنذاك سيلفيو برلسكونى، وسياسة حكومته، مكتوبا عليها "ثورة مصر ألهمتنا بالمطالبة بالديمقراطية وإقالة نظام برلسكونى"، كما نشر المتظاهرون صور ساخرة من برلسكونى وهو بجانب الرئيس المخلوع حسنى مبارك والرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على.
فرنسـا:
استلهم عدد من الشباب الفرنسي طريقة الاحتجاج المصرية التي ارتكزت على التواصل عبر الشبكات الاجتماعية في الأنترنت، والتي من أبرزها فيسبوك وتويتر، وأسس مجموعة منهم صفحة تدعو لـلثورة' يوم 26 يونيو، ووضع مؤسسو صفحة الثورة الفرنسية شعارات رنانة من قبيل ''الاتحاد يصنع القوة''، وأعلن هؤلاء ميلاد حركة شبابية تدعو للاحتجاج لتأسيس "فرنسا جديدة"، وبرز في نقاشات أعضاء صفحة الثورة الفرنسية الشبابية الجديدة حديث عن غياب الأمل لدى الشباب وشكوى من العنصرية في المجتمع الفرنسي، وفي هذه الصفحة على الفيسبوك قال البعض ''إنه رغم قرب الانتخابات إلا أنه لا يوجد مشروع مجتمع''.
وفي نهاية شهر مايو2011 فضت الشرطة الفرنسية اعتصاما لنحو 1000 شاب فى ساحة "الباستيل"، حيث تجمعوا على الطريقة المصرية رفضاً للبطالة والظروف المعيشية الصعبة وتدني مستوي المعيشة وسياسة الدولة الرأسمالية وازدياد قضايا الفساد المالي ، وقد فككت عناصر الشرطة الخيام التى أقيمت فى المكان، وأنزلوا الشباب الذين تسلقوا مبنى أوبرا الباستيل.
اليونـان:
كصدى للثورة المصرية، مستلهمين منها روح المقاومة والعدل، تظاهر المحتجين من اليونانيين فى ميدان "سينتاجما" بوسط أثينا، أمام البرلمان اليونانى، احتجاجا على القيادات السياسية التى تحكم، منتقدين صندوق النقد الدولى الذي يطالب بالمزيد من التقشف، ومطالبين الحكومة والتي تواجه أزمة مالية كبيرة بالتخفيف من سياساتها التقشفية التي يدفع ثمنها الشعب اليوناني.
واستنادا إلي تقديرات الشرطة, فقد بلغ عدد المتظاهرين نحو20 ألفا، استجابوا للدعوة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وليس عن طريق أحزاب المعارضة أو النقابات العمالية من أجل التجمع في كل مدن أوروبا للمطالبة بديمقراطية حقيقية.
التشيـك:
هدد اتحاد رابطة النقابات المستقلة في جمهورية التشيك بتنظيم إضراب ووقف حركة القطارات وقطع الطرق إذا لم يبدأ مجلس الوزراء في الحد من خطط الحكومة الرامية لخفض العجز في الميزانية عن طريق إصلاح نظام المعاشات والرعاية برفع الضريبة وزيادة المدفوعات للرعاية الصحية ونظم الإحالة إلي المعاش، متخذين من ثورات "الربيع
العربي" قدوة كباقي شعوب العالم.
بلجيكـا:
تظاهر عشرات الآلاف فى شوارع العاصمة البلجيكية بروكسل احتجاجاً على برامج التقشف التي تدعمها الحكومة خوفاً من أزمة قد تعصف بها على غرار ما حدث في اليونان، ولكن الشعب الذي شاهد أقرانه من العرب والأوروبيين يثورون على الفساد خرج للشوارع ليقول كلمته كما قالها المصريون، واقفاً في وجه الحكومات الي لا تلقي بالاً إلى شعوبها.
الولايات المتحدة:
وفي منتصف مارس 2011 خرج محتجون في ولاية ويسكونسن الأمريكية يرددون شعارات سبق أن أطلقها تيار من تيارات الثورة المصرية إحتجاجاً ضد قانون جديد يحد من الحقوق النقابية لعمال القطاع العام، ويعد أحد أكبر التحديات التي تواجه العمالة المنظمة في الولايات المتحدة منذ عشرات السنين، كانت الاحتجاجات الشعبية الأمريكية في هتافاتها ضد إجراءات النظام الحاكم أقرب ما تكون من هتافات الثوار المصريين في ميدان التحرير ضد فساد النظام
المصري السابق .
التوجهات الإقليمية والدولية ..
جرت العادة أن يُنظر للثورات على أنها حدث جلل ومرحلة فارقة فى تاريخ الشعوب والأمم، تفصل بين مرحلة مضت وما تخللتها من سياسات خاطئة ينجم عنها أثار وتداعيات سلبية وخيمة على كافة المستويات والصُعد سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها فى كافة مناحي الحياة.. وهى بالطبع تمثل الأسباب والبواعث الرئيسية والحقيقية لتلك الثورات... ومن هذا المنطلق سعت السياسة المصرية، وبما لهما من حس وطنى ورغبة حقيقية فى تصويب وتعديل وضع بوصلة السياسة الخارجية، سعياً لمعالجة نقاط الضعف التى تسبب فيها النظام السابق وتمحوره حول تحقيق مصالح وأهداف ضيقة، حيث اقتضت الحاجة بلورة أسس ومحاور جديدة للسياسة الخارجية لمصر الثورة، وبما يساهم فى استعادة مصر لدورها التاريخى المعهود إقليمياً ودولياً، ومن ثم تكثيف جهودها السياسية ومساعيها الدبلوماسية حيال كافة القضايا والإشكاليات سواء تلك التى لها أبعاد إقليمية أو تقتصر على الداخل المصرى
بكافة ملفاته، وبما يلقى بظلاله على الصعيد الاقتصادى والتنموى فى ظل حماية وتأمين المنظومة الشاملة للأمن القومى المصرى بكافة صوره وأشكاله، وعلى رأسها الأمن المائى والغذائى لمصر والمصريين.
وانطلاقاً من رؤية مؤداها أن قضية مياه النيل تعد واحدة من أخطر وأهم ملفات الأمن القومى المصرى، توافقت السياسة الخارجية لمصر الثورة فى ثوبها الجديد وبجناحيها (الدبلوماسية العامة، والدبلوماسية الشعبية) على أهمية المعالجة الحكيمة لهذا الملف، فى إطار من التوجه الاستراتيجى نحو أفريقيا تحكمه لغة المصالح المشتركة والتعاون الوثيق بين مصر ودول القارة، ولاسيما دول حوض النيل، والتى يربط مصر بها نهر النيل الذى يعد شريان الحياة فى
ظل قواعد واتفاقيات تنظم توزيع أنصبة المياه بين مختلف دول الحوض العشر، بيد أنه مع تزايد الحاجة للمياه، بدأت دول المنبع، وكذا السودان تنفض يدها من اتفاقيات 1959، وغيرها من الاتفاقيات المنظمة لاستخدام مياه النيل لخلق واقع مائى جديد، إلا أن النظام السابق لم يحرك ساكناً وبما يعكس الإدراك التام للمتغيرات والمستجدات على صعيد تلك القضية. وتراخيه فى الاهتمام بتعزيز العلاقات مع دول حوض النيل.. ومن هذا المنطلق وقع على كاهل السياسة الخارجية المصرية عبء معالجة سياسات النظام السابق الخاطئة.
ومن هنا واستشرافاً لخطورة الموقف المائى، توالت البعثات الرسمية والشعبية إلى دول حوض النيل شمالاً وجنوباً، وكذا دول المنبع، وبدأت سيناريوهات توثيق العلاقات المصرية مع أثيوبيا وأوغندا بزيارة الرئيس محمد مرسي لكل من الدولتين في 15/7/2012 و 9/10/2012 على التوالي والتى تؤكد على الرؤية والتعامل الجديد لمصر فى هذا الصدد، ومن ثم وضع خريطة طريق وما تحويه من دعم ومساندة المصالح المشتركة بين دول حوض النيل الأحد
عشر، تأكيداً على أن السياسة الخارجية المصرية تشهد توجهاً جديداً يعتمد على بناء خطط متكاملة للتعاون المصرى – الأثيوبى أو التعاون المصرى – الأوغندى .
وفي سياق الجهود السياسية والدبلوماسية المصرية لتصحيح مسار العلاقات التاريخية التي تربط القاهرة بالعواصم الإفريقية جاءت الجولة التي قام بها وزير الخارجية محمد كامل عمرو في يناير 2012، في عدد من دول حوض النيل شملت كينيا، وتنزانيا، ورواندا، والكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، والسودان، لدعم جسور التعاون المشترك بين مصر ودول الحوض في المجالات المتعددة ويأتي على رأسها التعاون المائي ووضع استراتيجية جماعية للتعاون بين دول حوض النيل .
وبشكل مواز ومكمل للدبلوماسية العامة، وفى إطار كونها إحدى أدوات السياسة الخارجية، أخذت الدبلوماسية الشعبية على عاتقها الاضطلاع بدور وطنى ملموس يعكس استيعابها لمجمل الأبعاد الحقيقية لتلك القضية المحورية وما يحيطها من أخطار مائية على مصر، فكانت جولاتها وتحركاتها فى كل من السودان وأثيوبيا وأوغندا سعياً لإيجاد حل إزاء اتفاقية عنتيبى الإطارية والخاصة بإعادة تقسيم مياه النيل والتى وقعها فى 14 مايو 2010 أربع دول نيلية (
أوغندا – أثيوبيا – رواندا – تنزانيا) وتلاها توقيع كل من كينيا وبروندى لتبلغ الاتفاقية نصابها القانونى والمتطلب توقيع ست دول حتى يمكن إقرارها والعمل بها... وتمكنت تلك الدبلوماسية من تحقيق عدد من النتائج الايجابية،تمثل أبرزها فى :
• على صعيد زيارة أوغندا؛ تأكيدات الرئيس الأوغندى موسيفينى على ضرورة بدء صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين، وكذا تأكيده على أن أوغندا لا يمكن أن تكون شريكاً فى أى عمل يضر بمصر ومصالحها. وأيضاً استجابة لطرح وفد الدبلوماسية الشعبية والخاص بتأجيل التصديق على اتفاقية عنتيبى لمدة عام وحتى يكون لمصر برلمان منتخب ورئيس منتخب أيضاً، وكذا وعده ببذل أقصى جهد له فى هذا الشأن فى محاولة لإقناع قادة دول الحوض بذلك.
• على صعيد زيارة أثيوبيا؛ أوقف ميليس زيناوى رئيس الوزراء الراحل التصديق على اتفاقية عنتيبى لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى مصر مع الوعد بدخول فريق من الخبراء المصريين والسودانيين بجانب خبراء أثيوبيا لدراسة الآثار التى يمكن أن تنجم عن بناء "سد الألفية" وتقييمه لمعرفة مدى تأثير إنشائه على مصر.
• وعلى صعيد زيارة السودان؛ أعلن الرئيس عمر البشير أن مصر – بعد ثورة 25 يناير – عادت لوضعها الطبيعى والطليعي فى العالم العربى، كما عاد دورها الأفريقى ليبرز من جديد وليعيد للذاكرة الأفريقية عقد الستينيات من القرن الماضي وما تميز به من دور مصر الرائد سواء على صعيد حركة عدم الانحياز أو المساهمة فى دعم ومساندة الحركات الثورية الأفريقية الساعية نحو تحرير دولها من أسر الاحتلال الأجنبى.
• وعلى صعيد الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية، باعتبارها حلقة من سلسة حلقات دعم قيام الدولة الفلسطينية: حيث تعكس المصالحة دور مصر الداعم للقضية منذ بدايتها الأولى، وكذا دورها المركزى والمحتضن للحوار الوطنى الفلسطينى بكافة جولاته تحت شعار أن مصر تقف على مسافات متساوية من كافة الفصائل وألوان الطيف السياسي الفلسطينى، فالغاية المُثلى لم شمل الفلسطينيين، ومن ثم دحض أو إسقاط مزاعم الإسرائيليين بأنهم لا يجدون مفاوضاً فلسطينياً واحداً يتحدث باسم جميع الفلسطينيين .. وكللت مساعي وجهود السياسة الخارجية المصرية، بالنجاح، فالمصالح والأهداف ترتبط ارتباطاً وثيقاً لا يقبل الانفصال أو تجزئة عراه... وتأتى القضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة المصرية، ناهيك عن كون فلسطين تمثل عمقاً استراتيجياً لمنظومة الأمن القومى المصرى، مما كان دافعاً ومبعثاً قوياً لإقناع حركتي فتح وحماس للجلوس معاً وكذا التنازل – إذا اقتضت الضرورة – من قبل أى طرف، فهو تنازل من أجل الشعب الفلسطينى وقضيته التى تعد الأهم فى رؤى وتوجهات أى من الطرفين.
وفى أوائل مايو 2011 نجحت القيادة المصرية فى مساعيها بتوقيع حركتي فتح وحماس لبنود المصالحة بينهما الذى رعته مصر ومثّل مع توحيد الكلمة الفلسطينية دوراً كبيراً فى نيل فلسطين عضويتها – مؤخراً – فى منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة اليونسكو. ومن بعدها نيل فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة في نوفمبر
2012 .
وفي نوفمبر 2012 نجحت جهود مصر في وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة .
وعلي صعيد استعادة دور مصر الاقليمي والدولي برزت الجهود الحثيثة من جانب الرئيس محمد مرسي منذ توليه المسئولية على استعادة هذا الدور وتعميق التعاون بين مصر وعدد من دول العالم .. فكانت جولاته المتعاقبة في كل السعودية 11/7/2012، وايران في 30/8/2012 ، والصين في 28/8/2012 ، وتركيا في 30/9/2012 .
العودة إلي أعلي
رؤية مستقبلية
التحديات ..والمواجهة ..
كان من الطبيعى أن تواجه الثورة منذ ولادتها فى الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتى الآن جملة من التحديات الثورة فى حد ذاتها وأهدافها بريئة تماماً منها.. ولكن علينا أن نتعامل ونجتهد فى وضع الحلول لكافة المشكلات التى أصبحت تواجه مصر وتتطلب تضافر جهود كل المصريين لحلها.
أول هذه التحديات يتمثل فى كيفية إعادة الانتعاش للاقتصاد بعد زيادة عجز الموازنة إلى حوالى 168 مليار جنيه وانخفاض احتياطى النقد الأجنبى إلى حوالي 15مليار دولار، والقصور الذى شاب دوران عجلة الإنتاج.. صحيح أن التدهور الاقتصادى بدأ منذ عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، ولكن سبب حدوث المزيد من التدهور خلال العام الماضي بعد قيام الثورة يعود فى أساسه إلى الانفلات الأمنى، وإرتفاع سقف المطالب الفئوية وتعجل الحصول على نتائج فورية للثورة.. وهذه فى مجملها عوائق تؤثر على الاقتصاد وتؤخر العمل من أجل البناء.
كما أدت الأحداث التى شهدتها الثورة على مدار عامين كاملين من الانفلات الأمنى إلى انخفاض عائد السياحة فضلاً عن إحجام الاستثمارات المباشرة الجديدة عن المجئ لمصر، وخروج الأموال الأجنبية التى كانت تستثمر فى البورصة، وهو ما أدى إلى حدوث ضعف مباشر فى الاستثمارات.. الأمر الذى يؤكد أنه لا شيء الآن أهم من إعادة الاستقرارالسياسي و الأمنى للبلاد.. وأن يشعر به المواطن فى الداخل ويرى أثره على أرض الواقع المستثمرون ورجال الأعمال فى الخارج.. فبدون أمن لن يقبل مستثمر أجنبى ولا محلى على المخاطرة بإقامةمشروع فى مصر وهو غير متأكد من أن رأس ماله لن يمسسه أحد.. ولعلنا نرى فى هذه الآونة اهتماماً من الحكومة بعودة الإستقرار إلى البلاد فهذا الموضوع أصبح هو القاسم المشترك فى كل توجهات الدولة الأمر الذى يمكن أن يلمسه المواطن الآن على أرض الواقع وهو يرى الجهود التى تقوم بها الدولة والشرطة لإعادة الأمن إلى الشارع المصرى.
وفى محاولة جادة لإنقاذ السياحة فى مصر وتجاوز التراجع الذى حدث فى أعداد السائحين بسبب ظروف البلاد بعد أحداث ثورة 25 يناير.. وضعت الحكومة خطة عاجلة عبر العودة السريعة لحركة السياحة .
ورغم حالة الارتباك السياسى والاقتصادى التى شهدتها مصر عام 2011، إلا أن هناك توقعات بين المراقبين أن يكون عام 2013، وهو بداية العام الثالث لثورة 25 يناير ، هو الأفضل لمصر. فعلى المستوى السياسى أصبح لمصر دستورًا ومن بعده ستجرى انتخابات مجلس النواب الجديد ، ومن قبل ذلك أجريت الانتخابات الرئاسية وأصبح لمصر رئيسًا مدنيًا منتخبًا .
أما على المستوى الاقتصادى فرغم الصعوبات التى تواجه الاقتصاد المصرى فإن المؤشرات تؤكد أنه سيظهر بوادر انتعاش فى الاقتصاد مع نهاية العام الثالث للثورة، حيث يتوقع المراقبون أن يعود الاقتصاد إلى معدلات النمو مرة أخرى، ولكن ذلك كله مرهون بعودة الأمان والاستقرار لمصر، وترسيخ الهدوء وإعطاء الأولوية للإنتاج.
ويجمع المراقبون فى الداخل والخارج على أن الاقتصاد المصرى يمتلك من المقومات ما يمكنه من تجاوز الأزمة الحالية وأن المضى قُدماً على طريق بناء ديمقراطية حقيقية يستتبعه بالضرورة عودة السياحة والاستثمارات الأجنبية.
رؤيـة مستقبليـة ..
ونحن نحتفل بالعيد الثانى لثورة 25 يناير، التى تمثل مرحلة مفصلية فى تاريخ مصر المعاصر، والتى يعلق عليها ملايين المصريين آمالاً عريضة على صعيد التحول الديمقراطى، وما إستتبعه من وجود سلطة مدنية منتخبة انتخاباً حقيقياً ومعبراً عن إرادة الأمة المصرية ورغباتها.
وفى ظل تعددية حزبية حقيقية لها وجودها ومشاركتها فى مجريات الحياة السياسية المصرية. وسعياً لإعادة ترتيب البيت المصرى فى أعقاب الثورة لاسيما بعد حل المؤسسات الحاكمة لإدارة شئون البلاد فى ظل النظام السابق، ومنها البرلمان بغرفتيه– الشعب والشورى– وقبلها سقوط النظام– رأسا ورموزاً– وما تلاها من فراغ أمنى فى البلاد، أثر سلباً على معدلات النمو والسياحة، وضخ الأموال اللازمة للمشروعات الاستثمارية، وكذا من منطلق حسه الوطنى
المسئول والواعي لجملة المشهد المصرى سواء السياسي أو الاقتصادى أو الأمنى.
تتمثل أبرز معالم خريطة الطريق القادمة – فيما يلى:-
-إجراء انتخابات برلمانية جديدة (مجلس النواب)
- تلمس الطريق نحو إيجاد حياة سياسية متكاملة الأركان، ومختلفة عما كانت موجودة عليه فى عهد النظام السابق.
- زيادة أهمية وقيمة الرأى العام، وكذا المشاركة الشعبية التى تساهم فى وجود مؤسسات قوية تنطلق من خلالها مصر
نحو استعادة ريادتها ودورها الإقليمى، ويحفظ مكانتها الإقليمية والدولية.
- السعى نحو عودة الاستثمارات واستقبال مزيد من الأموال لتوظيفها فى العديد من المشروعات الاستثمارية داخل مصر، وبشكل موازٍ استعادة الحركة السياحية لعافيتها وبما يعود بالنفع العام على الاقتصاد وخزينة الدولة.
- وعلى المستوى الإعلامى، وجود إعلام حقيقى يخدم الدولة المصرية، وليس إعلاماً تُسخّر أدواته وآلياته لخدمة النظام الحاكم .
لقد فرغنا من وضع أولى لبنات الصرح الديمقراطى المنشود، والمتمثلة فى انتخابات الرئاسة واقرار الدستور وبما يعكس استيعاب المواطنين لطبيعة ومقتضيات المرحلة الفارقة فى حياتنا، وتأصيلاً لمبدأ المشاركة السياسية ومساهمتها فى اختيار برلمان للثورة، وبما يضمه من تيارات وقوى سياسية جديدة تعمل وفق منظومة متناغمة، واضعين فى اعتبارهم فقط مصالح البلاد والمواطنين.
وأخيرا فإن استرجاع المعاني العظيمة لثورة 25 يناير 2011 هى ما يجب أن نلتف حوله حتى يكون مناسبة احتفالية وفرصة للتوافق وبداية تحول مصر إلى عهد جديد يجمع كافة ما سبق من سمات إيجابية شهدتها الثورة المصرية.ولابد من تكاتف كافة فئات الشعب ومضيهم علي قلب رجل واحد للنهوض ببلد كرمه المولي عز وجل في كتابه الحكيم، وصانه وحفظه علي مر العصور.