أصبحت الجماعات السلفية الجهادية بقطاع غزة لاعباً رئيسياً فى أحداث سيناء الأخيرة، وتحديداً فى السنوات الخمس الأخيرة، بعد سيطرة حركة حماس على القطاع الفلسطينى منذ عام 2007، وتبرز جماعات التوحيد، والجهاد، وجيش الإسلام، وجماعة جلجلت، وجماعة جند الله، كأهم التنظيمات التى باتت تتعاون مع جماعات الجهاد فى منطقة سيناء.
قال الدكتور عبدالرحيم على، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن التعاون بين جماعات سيناء وغزة يهدف لإقامة إمارة إسلامية فى سيناء وأخرى فى غزة من خلال تقديم الدعم اللوجيستى للمجموعات السيناوية، وتقديم المال والسلاح والتدريب، وأضاف: «هذا بفضل الظهير الغزاوى الذى تسيطر عليه حكومة حمساوية تتبع جماعة الإخوان المسلمين».
وتابع عبدالرحيم: إن ما يجمعهم هو السيطرة على مصر لمواجهة إسرائيل، فضلاً عن محاكاة تنظيم القاعدة، وتعاونهما يأتى باتفاق شفوى بين مجموعات غزة ومجموعات سيناء.
وأشار عبدالرحيم إلى أن السلاح الذى يأتى للمقاومة الفلسطينية عبر البحر من إيران تستحوذ عليه «حماس» وتخفيه عبر الأنفاق فى مناطق «ج» و«ب» المصرية التى تبتعد عن سيطرة الجيش بموجب اتفاقية كامب ديفيد، وأضاف: «مقابل هذا الدعم تأخذ الجماعات السيناوية نسبة 25% من السلاح إضافة إلى تلقيها تدريبات ومعونات من الجماعات الغزاوية، فى محاولة منهم لمحاكاة تنظيم القاعدة حيث يؤمنون بمقولات الظواهرى وبن لادن».
500 مصرى فى الجماعات الغزاوية على رأسهم خالد مصطفى وأحمد صديق قادة جماعة التوحيد والجهاد الموجودة على الجانبين
وأكد عبدالرحيم أن التعاون بين المجموعتين بدأ منذ أحداث طابا وشرم الشيخ ودهب والمشهد الحسينى وكنيسة القديسين، وأشار إلى أن عدد المصريين الموجودين فى قطاع غزة ويعملون مع الجماعات المسلحة هناك لا يقل عن 500 فرد على رأسهم خالد مصطفى، وأحمد محمد صديق، وهما قادة تنظيم التوحيد، والجهاد المصرى، وأضاف: «هناك حوالى 1000 عنصر موجودون على أرض سيناء وينتمون لدول مختلفة».
وأوضح عبدالرحيم أن كل العناصر الجهادية فى سيناء تحتمى برعاية ممتاز دغمش، قائد جيش الإسلام، على أن تعاود الظهور مجدداً بعد انتهاء خطة الجيش هناك، والمعروفة بـ«نسر».
وأشار عبدالرحيم إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً بين جيش الإسلام فى غزة بقيادة ممتاز دغمش وبين جماعة التوحيد والجهاد، بقيادة خالد مصطفى وأحمد صديق، منذ عام 2003 عندما كان يقوده خميس الملاحى الذى قُتل عقب هجمات طابا على أيدى القوات المصرية.
محرر "الوطن" في معاقل الجهاديين بعد تصدي الأمن لهم
وفى السياق ذاته قال الدكتور كمال حبيب، المتخصص فى ملف الجماعات الإسلامية، إن توحد الأفكار بين الجماعات السيناوية وجماعات غزة هو السبب المباشر فى التعاون بينهما، وأشار إلى أن عمليات جماعة التوحيد والجهاد المصرية فى أعوام 2004 و2005 و2006 شارك فيها أشخاص فلسطينيون موجودون فى منطقة العريش والشيخ زويد المصرية، وأضاف أن تيارات سلفية وجهادية فى غزة تحمل نفس الأفكار مثل «أنصار بيت المقدس» التى ضربت خطوط الغاز، وهى جماعة لديها رؤية سياسية ولا تنخرط فى أعمال عنف ذات طابع عشوائى.
وأوضح حبيب أن جماعة التوحيد والجهاد موجودة على الجانبين السيناوى والغزاوى، أسسها أبومصعب الزرقاوى قبل أن ينضم لتنظيم القاعدة، وأضاف: «التعاون بين العناصر السيناوية والغزاوية، كوّن مجلس شورى المجاهدين، وكانت ثمرة تعاونهما هو الهجوم على الجانب الإسرائيلى فى يونيو الماضى».
وتابع حبيب: «الجماعات الجهادية بها قدر كبير من السرية وتحاول أن تستنسخ من نفسها كأنصار السنة وجيش الإسلام، وجميعها جماعات حديثة النشأة وتتبادل التعاون على مدار اليوم عبر 1200 نفق».
«عبد الرحيم»: 1000 عنصر من جنسيات مختلفة موجودون فى سيناء.. «حبيب»: يتبادلان التعاون عن طريق 1200 نفق.. «النادى»: يرتبطان روحياً وفكرياً بتنظيم القاعدة
وأشار حبيب إلى أن السلفية الجهادية هى الرابط الفكرى المشترك بين الجماعات على الجانبين، والأدبيات المشتركة لهم قريبة من فكر تنظيم القاعدة، وتتمثل فى تكوين نظام عالمى ضد إسرائيل وضد حكومات المنطقة العربية وضد الديمقراطية، وأشار إلى أنها جماعات فوضوية ترفض كيان الدولة وقليلة التنظيم وكياناتها سائلة.
ويرى علاء النادى، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن التعاون بين العناصر الموجود فى منطقة سيناء وبين عناصر قطاع غزة زادت بفعل الفراغ الأمنى بعد الثورة، ومع تشديد حماس قبضتها على جيش الإسلام بقيادة ممتاز دغمش وشقيقه معتز دغمش، وهو ما دفع العناصر الإسلامية فى غزة إلى البحث عن أماكن للحركة كان أقربها وأنسبها منطقة سيناء، وأشار النادى إلى أن توحد الأدبيات التى تقوم عليها الجماعات جعل من تعاونهما أمراً سهلاً، وأضاف: «نفس الأدبيات تجمع بين الجانبين اللذين يرتبطان روحياً وولائياً بأفكار تنظيم القاعدة، ومجال التعاون بينهما يمتد للدعم اللوجيستى والمالى وما يتعلق بالسلاح».
وأوضح النادى أن تلك الجماعات لا تملك هيكل تنظيم كبيراً كالجماعة الإسلامية بل ترتبط بشبكات عنقودية، ولديها مرونة فى الحركة يصعب معها التتبع الأمنى، ولا تجمعهم كيانات موحدة داخل قطاع غزة، وأنهم تحت سيطرة حركة حماس مثل تنظيم «جلجلت»، وجيش الإسلام.
وتابع النادى: «أفكارهم تتمثل فى أن الإسلام مغيّب عن المجتمعات الإسلامية، وأن هذه المجتمعات تعيش فى جاهلية، وهذا يحتم عليهم ضرورة مواجهة الأعداء سواء الأنظمة الحاكمة فى المنطقة العربية والقوى الكبرى المعادية لهم مثل أمريكا وإسرائيل، والظرف السياسى يحدد أولوية العدو بالنسبة لهم، وتنظيم القاعدة مرجع أساسى لهم هو ورموزه، وليس أدبيات سيد قطب كما يُشاع. وأضاف: «هذه الجماعات تنظيمها ليس كبيراً، بل فى الغالب يكون عبارة عن أمير ومعه مجموعة من الأنصار والأتباع، وليس لهم قيادة مشتركة بل شظايا صغيرة».