زوجة الإعلامى تدير منظمة ألمانية تقوم بتمويل سفريات الناشطين عبر منظمات مشبوهة تشرف عليها شخصيات صهيونية
مؤسسة "فريدريش ناومان" تقدم تمويلاتها إلى الحركات السياسية والجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى لخدمة أجندات خارجية
بالرغم من إجادة الكاتب الصحفى والإعلامى المميز بطريقة ثيابه وشاربه الكثيف اللعب دور المناضل الوطنى والناشط السياسى والكاتب الثائر والإعلامى الساخر الذى يعارض النظام دائمًا ويقدم نفسه فى برنامجه الفضائى بأنه لا يخشى سيف المعز ولا يطمع فى ذهبه، وبالرغم من إعلانه الدائم عن مصريته التى لا تقبل أى تدخل خارجى فى الشأن المصرى وانتقاده المستمر لعلاقة الإخوان والرئيس مرسى بالولايات المتحدة الأمريكية وانفراداته التى يعتبرها سبقا إعلاميا، عندما يكشف عن زيارة وفد سياسى أو اقتصادى مصرى للولايات المتحدة الأمريكية أو حتى زيارة إلى السفيرة الأمريكية فى مصر، وهى الزيارات التى يرى "الإعلامى المناضل" معها أنها نوع من توطيد العلاقات التى لابد وأن يصحبها صفقات وتربيطات تضر بالبلاد فى مقابل دعم الحاكم للبلاد وعشيرته، على حد قوله.
إلا أنه من الملاحظ أن الإعلامى الشهير دائمًا ما ينتقد العلاقات الخارجية للدولة وممثليها بالولايات المتحدة الأمريكية فقط، فى حين أنه لم يستنكر ولو لمرة واحدة الأخبار التى تداولت على مدى شهور وربما سنوات عن سفر من يطلق عليهم نشطاء سياسيين إلى تلك البلاد دون أجندة أو إعلان واضح عن ماهية تلك الزيارات التى يشوبها الكثير من علامات الاستفهام، والتى تأتى دائمًا فى إطار غير رسمى، وتكون عادة سفريات مدفوعة الأجر بالكامل، ويتم التنسيق لها عبر منظمات مشبوهة تعمل فى مصر, تشرف عليها فى كثير من الأحيان شخصيات صهيونية معروفة بتطرفها ومحاربتها لكل ما هو عربى ومسلم، وفى أضعف الظروف يكون بعض من هؤلاء مشاركين فى تأسيسها, حيث يقوم بعض هؤلاء النشطاء بالتواصل مع كبار الساسة هناك، إلى أن وصل الأمر فى بعض الأحيان إلى قيام بعض هؤلاء النشطاء بإلقاء خطابات داخل الكونجرس الأمريكى نفسه، باعتبارهم ممثلين للثورة المصرية وللشعب المصرى، هذا فضلاً عما رأيناه مؤخرًا من إرسال ممثلين للبرلمان الأوروبى لحضور جلسات المحاكمات الخاصة بمن يطلق عليهم نشطاء سياسيين، وكان آخرها القضية الخاصة بالناشطة أسماء محفوظ، وذلك لمراقبة سير المحاكمات والضغط على النظام الحاكم.
وهو الأمر الذى لم يلفت انتباه كاتبنا المخضرم الذى لم يفكر حتى فى مجرد التطرق لهذا الأمر ولهذه الظاهرة ولو من بعيد رغم إدانته الكاملة وتشككه الدائم فى الزيارات الرسمية التى يقوم بها المسئولون المصريون، وهو الموقف الذى يثير الكثير من الحيرة والتساؤل حول موقفه من التعامل مع الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، لتأتى الإجابة الصادمة وهى أن الكاتب الوطنى الثائر حتى النخاع تعمل زوجته السيدة "أ.ع" كمنسقة للبرامج الإقليمية فى "مؤسسة فريدريش ناومان" الألمانية، وبالتالى فهى المشرفة على محفظة أموال تلك المنظمة فى مصر والتى تقدم تمويلاتها إلى الحركات السياسية والجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى, ويرتبط هذا التمويل عادة بتنفيذ عدد من الأهداف التى ترغب المنظمة فى تحقيقه عبر تلك الحركات والمنظمات، وتكون تلك الأهداف مكتوبة ومصاحبة لعملية التمويل التى يتم تقديرها وفقا لتوجه وأجندة الجهة المانحة وللأهداف المطلوب تحقيقها.
وتهدف مؤسسة "فريدريش ناومان" كما كتب عبر موقعها الرسمى إلى تعزيز الأفكار والمفاهيم الليبرالية وتقوية المجتمع المدنى والأحزاب السياسية الليبرالية والسعى نحو الجمع بين الشباب الليبرالى المصرى ونظيره الأوروبي، والمؤسسة تتبع مبادئ القس فريدريش ناومان المفكر والسياسى الليبرالى الألمانى، الذى ولد فى 1860 فى مقاطعة ساكسونيا فى ألمانيا، وكان والده قسيساً بروتستانتيًا.
وقد سار فريدريش ناومان على تقليد وتراث عائلته عندما درس اللاهوت مثل والده، ثم عمل قسيساً فى مقاطعة ساكسونيا، ثم بعدها أنشأ ما يسمى “المؤسسة الليبرالية” ذات الطابع الليبرالى اليسارى.
كما نجح فى تشكيل “حزب التجمع الليبرالى اليساري”، وبالرغم من ذلك قام فى الوقت نفسه بدعم سياسة الإمبراطور "فيلهلم" الاستعمارية والعسكرية من أجل الحصول مقابل ذلك على تنازلات حقيقية من قبل الطبقة الحاكمة "أى أنه شخص نفعى مستغل".
وبالرغم من شكوى كاتبنا من الدستور خاصة فيما يتعلق بحرية الصحافة، والتى يرى أنها وفقا لهذا الدستور قد انتهكت وصارت أسوأ من عهد المخلوع الذى لم يسجن فى عهده صحفى - على حد قوله - إلا أننا نكتشف أن هذا لم يكن موقفه فى 2010، أو بالأحرى موقف "زوجته" التى قامت فى ذلك الوقت بإصدار كتاب عن حرية الصحافة فى مصر، وهو بالطبع كتاب مدفوع الأجر، حيث كان الناشر للكتاب هو "الشبكة العربية لحقوق الإنسان"، والتى تعد منظمة فريدريش ناومان أحد مصادر تمويلها وتم توزيع نسخ الكتاب بالمجان عبر نفس الشبكة.
وانتقدت من خلاله وضع الصحافة فى مصر، حيث نشرت فى هذا الكتاب إحصائية تؤكد من خلالها أن مصر تعد واحدة من الثلاث عشرة دولة الوحيدة فى العالم التى لا يزال يسجن فيها الصحافيون بسبب آرائهم.
كما أشارت فى نفس الكتاب إلى أن مصر تحتل المركز السابع فى قائمة أسوأ عشر دول تدهورت فيها حرية الصحافة, مشيرة إلى أنه فى سنة 2007 وحدها كان هناك أكثر من ألف استدعاء, ونحو خمسمائة محاكمة للصحفيين.
ونتيجة لتلك المحاكمات المتكررة والأحكام بالسجن التى تصدر ضد الصحفيين قررت 22 صحيفة مستقلة ومعارضة فى مصر فى ذلك الوقت الاحتجاب يوم 7 أكتوبر 2007 لمدة يوم واحد, وقد اتخذ القرار من قبل مجموعة من رؤساء تحرير الصحف بعد اجتماع عقد فى مقر الحزب الناصرى.
ولم يتوقف الكتاب عند نقد الوضع الصحفى فى مصر فقط فى ذلك الوقت, بل تطرق إلى منصة القضاء الذى يتحدث "الإعلامى المناضل" عن نزاهته الآن وقوله الشعر فى المستشار الزند وموقف نادى القضاة من الأحداث، والذى اعتبره صاحبنا موقفاً مشرفاً لقضاء مصر الشامخ.
حيث وصفت زوجته فى كتابها أن طريقة التعاطى مع قضية رؤساء التحرير الأربعة المتعلقة بشائعة صحة الرئيس فى ذلك الوقت، ومن بينهم زوجها يشوبها ثمة إساءة تامة فى طريقة التعاطى مع الإجراءات القانونية بشكل مخالف.
واعتبرت أن موافقة المحكمة على هذه الدعاوى القضائية يعد انتهاكا للمادة 251 المعدلة فى 1998 من قانون الإجراءات الجنائية - إذ وفقاً لهذا القانون لا يسمح برفع دعوى إذا لم يكن مقدم الطلب قد تعرض مباشرة لضرر شخصى.
وهذا الكلام يؤكد أن السيدة "أ" كانت تشكك فى نزاهة القضاء فى ذلك الوقت، وتعتبره يسىء استخدام القانون وما لديه من سلطات.
واضافت: من الواضح أيضًا أنه فى كل هذه القضايا، افتقرت المحكمة إلى الخبرة الفنية المطلوبة للتعامل مع جرائم الصحافة والنشر.. ففى معظم حيثيات الأحكام كان هناك خلط بين ماهية الأخبار والمعلومات وبين رأى الكاتب، واستهدفت القضايا الصحف المستقلة والمعارضة فقط، حيث لم تكن هناك دعاوى قضائية ضد الصحفيين من الصحف التى تسيطر عليها الحكومة.