كشفت وثائق المخابرات المركزية الأمريكية عن خطورة الأزمة التى تسبب فيها أشرف مروان، مستشار الرئيس السادات ومبعوثه الخاص للدول العربية، بين الرئاسة والجيش عندما كان رئيسا للهيئة العربية للتصنيع.
وكشفت الوثيقة الأمريكية رقم 678 المدموغة بخاتم «سرى للغاية»، بتاريخ 14/2/1976، عن أن «كبار ضباط الجيش المصرى أبدوا استياءهم من تزايد تدخل أشرف مروان، مستشار الرئيس السادات، فى عمليات شراء الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش».
وواصلت: يشغل أشرف مروان حالياً منصب رئيس الهيئة العربية للتصنيع التى تم تأسيسها فى العام الماضى بدعم من مصر والسعودية ودولتين صغيرتين من دول الخليج. وعلى الرغم من أن الهدف الأساسى للهيئة كان تأسيس مصانع لإنتاج وبيع الأسلحة للدول العربية، فإن مهمتها الرئيسية انحصرت الآن فى شراء الأسلحة لمصر، وكان أشرف مروان متورطا بشدة فى كل عملياتها».
وتابعت الوثيقة: «كما أن عدداً من كبار ضباط الجيش، منهم جنرالات فى القوات الجوية ومسئولون عن شراء الأسلحة فى وزارة الحربية، قد أعربوا عن تشككهم وقلقهم من نوعية وجودة المعدات التى يتوسط مروان لشرائها، وأنهم، فى واقع الأمر، لا يتحكمون غالبا فى اختياراته».
واستطردت: «ونمى إلى علمنا أن ضباط الجيش غاضبون من أن رجلا صغير السن، مثل أشرف مروان، لديه سمعة غير طيبة، قد اكتسب نفوذا متزايدا فيما يتعلق بما تجلبه مصر من أسلحة، وتأثير ذلك على تسليح الجيش فى الوقت الراهن وعلى المدى الطويل، كما أن التقارير العسكرية تشير إلى أنهم يلقون باللوم على الرئيس السادات لأنه هو الذى سمح لهذا الوضع أن يتفاقم إلى هذا الحد».
ووصفت الوثيقة أشرف مروان بالداهية الجرىء -حد الصفاقة- الذى اكتسب شهرته الواسعة تلك من جرَّاء ممارساته الفاسدة «عن جدارة» -بحسب نص الوثيقة- كما أسهم اتساع دائرة نفوذه، الذى اكتسبه من خلال عمله مستشاراً للرئيس السادات ومبعوثه الخاص لدى الدول العربية، فى أن يدخل فى صراع مع العديد من الوجوه البارزة فى الحكومة المصرية، من بينها وزير الخارجية إسماعيل فهمى، وحسنى مبارك، نائب الرئيس.
أمريكا توقعت أنه سيكون ثغرة كبيرة لـ«السادات» لو شعر الجيش أن صفقاته تؤثر على القدرات العسكرية لمصر
«ونتيجة لذلك، تمت تنحية أشرف مروان من دوره فى مؤسسة الرئاسة على مدار الأشهر الماضية، ومن المفترض أن يتولى النائب حسنى مبارك كل مهامه فى مكتب الرئيس، إضافة إلى اتصالاته الدبلوماسية مع الدول العربية».
وخلص التقرير الاستخباراتى إلى أن ما حدث مع «مروان» هو أول إشارة إلى أن صهر عبدالناصر قد دخل فى صراع آخر مع أقرانه من العسكريين، وصار أشرف مروان فى حد ذاته بمثابة «قضية سياسية» مثيرة للجدل فى مصر، بسبب ما عُرف عنه من أنه «يحشو» جيوبه -بحسب الوثيقة- من وراء الصفقات التى يعقدها. كل هذا، إضافة إلى الانتقادات التى يوجهها العديد من كبار ضباط الجيش إليه التى يمكن أن تجعل منه ثغرة فادحة للسادات».
وكشفت الوثيقة عن حجم الخطورة التى يمثلها أشرف مروان على علاقة السادات بالجيش عندما قالت: «إنه على الرغم من أن انتقاد الجيش لهذا الأمر حاليا لا يشكل تهديدا على السادات، فإنه من الممكن أن يواجه مستقبلا أزمات أكثر تعقيدا، لو اعتقدت المؤسسة العسكرية أن تحركات أشرف مروان، وسكوت السادات عليها، يمكن أن تؤثر على القدرات العسكرية لمصر».
وتقول الوثيقة رقم 699، الصادرة بتاريخ 22 مارس 1967: «إن الرئيس السادات الآن قد انتهى تماما من إبعاد نفسه عن مستشاره القريب أشرف مروان. وأعلنت إذاعة صوت القاهرة أن أشرف مروان قد تفرغ للهيئة العربية للتصنيع. هذا الانتقال يبدو وكأنه قد أضفى صبغة رسمية على وضع ظل مستمرا لعدة أشهر؛ فسمعة مروان حوّلته إلى نقطة ضعف بالنسبة للسادات، وكان الرئيس يعفيه تدريجيا من مهامه كمستشار للرئيس لبعض الوقت».
الوثيقة678
وانتهت الوثيقة إلى أن «أشرف مروان كان يركز كثيرا على صفقات الأسلحة، وتوقع، على ما يبدو منذ وقت طويل، أنه سيفقد منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية».