حصلت "اليوم السابع" على التفاصيل الكاملة لمقترح تأجير الآثار المصرية، لإحدى الدول الخليجية، والذى انفردت "اليوم السابع" بنشره، وهو الخبر الذى نفاه فى بداية الأمر عادل عبد الستار أمين عام المجلس الأعلى للآثار، مؤكدا أن هذا الكلام غير صحيح، وهو ما دفع الجريدة لوقف نشر الخبر رغم أن المصادر الموثوق بها أكدت الخبر، لكن الأمانة المهنية أجبرتنا على تأجيل نشر الخبر لحين الحصول على المستندات الرسمية.
وبعد ذلك حصلنا على كافة المخاطبات التى تمت منذ يوم 15 يناير 2013، وحتى 21 فبراير، بخصوص المقترح الذى تقدم به أحد المواطنين المصريين لوزارة المالية يقترح تأجير بعض الأماكن الأثرية مقابل 200 مليار دولار، وعاودنا الاتصال بعادل عبد الستار وأخبرناه أننا حصلنا على المستندات التى تؤكد الخبر، وهنا قال عبد الستار، إن هذا لن يحدث، وإنه لن يسمح بتأجير الآثار المصرية، وهنا سؤال، "لماذا أخفى عبد الستار الأمر إن كانت الوزارة تتجه لرفض المشروع؟".
الغريب فى الأمر، أن وزارة الآثار أصدرت فى الأربعاء الماضى بياناً، بعد نشر خبر مشروع التأجير أكدت فى أوله رفضها لتأجير الآثار المصرية، وأرسلت معه ورقة رسمية من الوزارة موجهة إلى وزير المالية تخبره رفضها للمشروع، وفى البيان تصريح من وزير الآثار الدكتور محمد إبراهيم، يقول فيه، إن أثار مصر ثروة تاريخية لا يحب التفريط فيها، وإنها تعلن رفضها مشروع التأجير، وفى أخر البيان تصريح آخر على لسان عادل عبد الستار أمين عام المجلس الأعلى للآثار، الذى نفى الخبر فى البداية ثم أكده.
قال إن ما نشر عن تأجير الآثار غير صحيح، وهنا سؤال آخر للأستاذ عادل، "نفيت الخبر ثم أكدته ثم نفيته، أيهم نصدق؟"،
وقال مصدر من داخل مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، كان حاضرا فى جلسة مناقشة المقترح أن المقترح كان يتضمن تأجير الآثار الثابتة فى مصر، مثل الأهرامات الثلاثة وأبو الهول ومعبد أبو سمبل ومعابد الأقصر، على أن يتم استغلال هذه المناطق فى إقامة الحفلات العالمية لشتى دول العالم، بالإضافة إلى إقامة دور سينما للأجانب بجوارها، ومسارح لعرض المسرحيات العالمية، بالإضافة إلى إنتاج أفلام وثائقية عن الآثار المصرية.
موضحا أن الأخطر من ذلك هو أن العرض كان يتضمن أيضا حق انتفاع للأبحاث العلمية الأثرية، والتى تعتبر ملك لدولة مصر ولوزارة الآثار وحدها، ونقل كل القطع الأثرية المنقولة وغير الثابتة إلى الدول المختلفة لإقامة معارض للآثار المصرية فى دول العالم، لكن بالطبع تحت إشراف الشركة الأجنبية التى ستحصل على حق الانتفاع وفقا للمزاد الذى سيقام.
موضحا أن هذا المزاد قد تدخل فيه شركات إسرائيلية، أو شركات متعددة الجنسيات، وهو ما يثير الشكوك، خاصة وأن البعض داخل اجتماع مجلس الإدارة أوضح أنه من المعلوم مسبقا أن المزاد سوف يرسى على دولة خليجية، هى من قدمت المشروع من البداية، وتحاول حاليا ضخ الاستثمارات فى مصر.
وأوضح المصدر، أن هناك خطرا حقيقيا على الآثار المصرية، خاصة وأن هناك دولة خليجية أنشأت بالفعل صندوقا للكشف عن الاكتشافات الأثرية والتنقيب فى السودان، وأن هذه مقدمة مهمة جدا ومثيرة للانتباه، فقد يكون هناك نية لعمل مثل هذا الصندوق فى مصر، والذى بموجبه تقوم هذه الدولة بتشكيل بعثات خاصة تنقب عن الآثار وتكتشفها، وهو ما يجعلنا نتوقف عند عرض تأجير الآثار.
واستطرد المصدر، أن وزارة الآثار كانت فى طريقها إلى الموافقة على الاقتراح الذى قدمته وزارة المالية لها، وأن ما قيل داخل اجتماع مجلس الإدارة يوم 21 فبراير الجارى بمناقشة المشروع، وإعداد دراسة مبدئية عنه، يشير إلى موافقة الآثار عليه، وأن وزارة الآثار وقعت فى عدة أخطاء تكشف عن نيتها فى الموافقة، الأول أن وزير الآثار لم يرفض بشكل قاطع ورسمى يوم أن عرض عليه المشروع، وقال "نقرر فى اجتماع مجلس الإدارة"، رغم أنه من اختصاصه كوزير أن يرفض، ثانيا إنكاره للموضوع والتعتيم عليه، والثالث إعلان الوزارة الرفض يوم 27 فبراير، أى بعد مرور أكثر من عشرين يوما على دراستها للمقترح.
مؤكدا أن هذا الرفض تم الإعلان عنه بعد أن نشرت اليوم السابع تفاصيل الصفقة.
وقال المصدر، إن بعض الشخصيات من مجلس الإدارة سألت من هو هذا المواطن الذى قدم الاقتراح فلم تكن هناك إجابة شافية حتى أنهم اكتشفوا أن مقدم الاقتراح لم يوقع بخط يده على الطلب المقدم لوزارة المالية، والذى أوصت الوزارة بالموافقة عليه لسد عجز الموازنة فى مصر، خاصة وأن معظم من حضر الاجتماع، وهم الدكتور محمد إبراهيم وزير الدولة لشئون الآثار، وعادل عبد الستار أمين عام المجلس الأعلى للآثار، ورؤساء القطاعات بالوزارة ومستشار أمن مجلس الدولة، ومستشار من وزارة المالية، كانوا جميعهم على يقين بنية الوزارة فى الموافقة على التأجير، لولا فضح اليوم السابع لأمرهم، والإعلان عن مشروع التأجير، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التى يقدم فيها هذا المقترح.
فقد قدم الدكتور محمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فى النظام السابق، مقترحا للدكتور الراحل جاب الله على جاب أمين عام المجلس الأعلى للآثار، وهو المشروع الذى رفضه جاب الله، وقال إنه غير قانونى، كذلك هناك مقترح فى قانون الآثار الجديد الذى تمت مناقشته ورفضه فى 2010، ببيع الآثار المصرية، وهو ما يعنى أن فكرة البيع والتأجير مطروحة وتطرح من فترة لأخرى ويجب الانتباه لها جيدا، وأنه يبدو أن هناك من يضع الموضوع فى رأسه ويتابعه من فترة لأخرى، ويختلق الأسباب لإعادة فتحه، مثلما حدث هذه المرة عندما طلبت وزارة الآثار زيادة مرتبات العاملين بها ودعم مالى لإتمام بعض المشروعات الأثرية المتوقفة لنقص التمويل فكان الرد أن وزارة المالية لديها عجز فى الموازنة، وأن مواطن تقدم بمشروع تأجير الآثار.
ويمكن لهذا المشروع حل العجز فى الموازنة، لذا نرجو دراسة العرض والتنسيق مع وزارة السياحة بخصوص هذا الشأن، وهو العرض الذى كان ستتم الموافقة عليه لولا نشر "اليوم السابع" له.