أعلن المجلس الأعلى للصحافة عن تقريره الأول بعد ثورة 25 يناير عن الممارسة المهنية للصحف المصرية، حيث كرم جريدة "اليوم السابع"، لحصولها على أكثر الصحف التزاما بالمهنية والأخلاقية، من الصحف الخاصة، وجريدة الشروق من ضمن الصحف الخاصة أيضاً، وجاءت جريدة الأهرام كأكثر الصحف التزاما بالمعايير المهنية والأخلاقية كجريدة قومية.
وأكد المجلس الأعلى للصحافة فى تقريره الذى عقده صباح اليوم بمقر وكالة أنباء الشرق الأوسط، صباح اليوم الثلاثاء، أن جميع الصحف التى خضعت للتحليل بغض النظر عن طبيعة ملكيتها أو توجهها السياسى انتهكت المعايير المهنية والأخلاقية للصحافة، وإن كانت بدرجات متفاوتة على نحو ملحوظ، مؤكدين أن ارتفاع معدل انتهاك جريدة الأهالى وضعها فى فئة واحدة مع الصحف الخاصة الأكثر انتهاكا للمعايير، واحتلت جريدة الدستور هى أكثر الصحف المصرية انتهاكا للمعايير المهنية والأخلاقية بإجمالى عدد انتهاكات بلغ (210) انتهاكا بما يعادل 28% تقريبا من إجمالى الانتهاكات التى وقعت فيها جميع الصحف التى خضعت للتحليل.
واحتلت جريدة الكرامة أكثر الصحف الحزبية التزاما بالمعايير هى الكرامة لسان حال حزب الكرامة والتى صدرت كصحيفة خاصة، يليها صحيفة الحرية والعدالة ثم الوفد وأخيرا الأهالى، فيما احتلت جريدة الفجر الموقع الأول فى معدل انتهاكها للمعايير المهنية والأخلاقية بمتوسط بلغ (12.25) انتهاكا فى النسخة الواحدة، واحتلت صحيفة الدستور المرتبة الثانية من حيث درجة انتهاكها للمعايير المهنية والأخلاقية بمتوسط (10) انتهاكات فى النسخة الواحدة، وجاءت صحيفة روزاليوسف فى الترتيب السادس بمتوسط (3.90) انتهاكا فى النسخة الواحدة، فيما احتلت صحيفة الوطن المرتبة الخامسة بمتوسط (3.50) انتهاكات فى النسخة الواحدة، وجاءت صحيفة الوفد فى الترتيب السابع بمتوسط (2.50) انتهاكا فى النسخة الواحدة، وجاءت صحيفة الحرية والعدالة فى الترتيب الثامن بمتوسط (2.38) انتهاكا فى النسخة الواحدة.
وجاءت صحيفة الحياة فى الترتيب التاسع بمتوسط (2.33) انتهاكا فى النسخة الواحدة، وفى المرتبة العاشرة جاءت صحيفة التحرير بمتوسط (2.30) انتهاكا فى النسخة الواحدة، واحتلت صحيفة المصرى اليوم المرتبة الحادية عشر بمتوسط (2.25) انتهاكا فى النسخة الواحدة، جاءت صحيفة الكرامة فى المرتبة الثانية عشرة بمتوسط انتهاكين فى النسخة الواحدة، واحتلت صحيفة الشروق المرتبة الثالثة عشرة بمتوسط (1.81) انتهاكا فى النسخة الواحدة.
وأكد المجلس أن الصحف المصرية كافة فى حاجة إلى إعادة النظر فى علاقتها بقضية المعايير المهنية والأخلاقية، فبغض النظر عن وجود صحف تنتهك المعايير وفقا لأسلوب ممنهج وأخرى تنتهك المعايير بدون قصد، إلا أن الضرر الناجم عن إساءة بعض الصحف قد يمس الجميع، ومن هنا وجب الانتباه إلى أهمية العمل الجماعى من أجل جودة العمل الصحفى وكسب ثقة الرأى العام، وإلا فقد الرأى العام الثقة فى مجمل الصحافة المصرية ولجأ إلى مصادر المعلومات غير المصرية ومصادر التحليل والتعليق غير المصرية، مع ما يترتب على ذلك من نتائج غير محمودة العواقب.
وأشار المجلس إلى أن المعايير المهنية والأخلاقية لا تنظم بقوانين أو دساتير، ولكن يحكمها الضمير الصحفى والالتزام بشرف الكلمة ومسئوليتها والأمانة التى يحملها كل صحفى فى عنقه أمام الله وأمام جماهيره وأمام مهنته وأمام وطنه، هذه الأمانة وتلك المسئولية هى فى حقيقة الأمر الأساس الذى يستند إليه التنظيم الذاتى للمهنة.
وأصاف الأعلى للصحافة، أنه لا يمكن الفصل بين مشهد الأداء الصحفى وما يحدث فى الميدان وما يموج به الشارع السياسى وإن كان من المسلم به وفقا لأبسط قواعد منهج تحليل النظم أن الصحافة مثل غيرها من النظم الفرعية تؤثر كما تتأثر بما هو قائم فى النظام الوطنى الأشمل إلا أن الوطن بأسره ينتظر أن تسمو الصحافة لتتبوأ مكانة القيادة وتعبر بالمجتمع من حالة السيولة إلى وضعية الاستقرار، فهى وبحكم دورها وطبيعة عملها هى الأقرب إلى أن تخلص المجتمع من آفاته ومشاكله، وأن تكون قائدة بدلا من أن تكون تابعة، وهذا ما يحملها مسئولية أكبر فى هذه العلاقة التفاعلية، ولهذا لا يمكن تبرير الفوضى الأخلاقية فى الصحافة بفوضى المجتمع، فالأصل هو أن تكون الصحافة وأن يكون الصحفيون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة وأن تكون الصحافة إضافة لقوة الدولة والمجتمع لا خصما منهما.
ووضع التقرير بكل ما يتضمنه من نتائج المسئولية كاملة أمام الضمير الصحفى لتطوير ميثاق الشرف ليكون آلية للتنظيم الذاتى والمحاسبة الذاتية الفاعلة عبر لجان تكشف الحقائق وتقدمها للرأى العام ليتخذ قراره فى أساليب التعامل مع الصحف التى تخترق وبأسلوب متعمد وممنهج المعايير التى اتفق عليها الصحفيون، هذا إلى جانب العقوبات التأديبية المؤثرة التى يقررها الصحفيون أنفسهم حفاظا على هيبة الكلمة وشرف المهنة وجلال الرسالة التى حمل إياها الصحفيون بعيدا عن التدخل القضائى أو الحكومى، والذى قد يجد ما يبرره حال تخلى الصحفيون عن مسئوليتهم فى الارتقاء بالأداء المهنى، وحال ممارستهم للحرية بمعزل عن المسئولية.
وأكد المجلس، أن قيمة هذا التقرير مرهونة باقتناع الصحفيين بمضمونه والآثار المترتبة على اغتيال المهنة والإساءة إليها، ولهذا تبدو أهمية الورش التدريبية والندوات المتخصصة التى تناقش هذا العمل وتستكمل نتائجه، فقد اقتصر التقرير على رصد للحقائق تاركا المجال مفتوحا لهذه الندوات المتخصصة لتستكمل التحليل والتفسير ووضع آليات التعامل مع مستقبل المهنة لتضمن الصحافة حريتها واستقلالها وتنوعها ومسؤوليتها.
وشدد المجلس على أن حرية الصحافة مصدر قوة للمجتمع والدولة فى آن واحد، وأنها ضرورة حتمية فى مصر الجديدة لتستكمل الثورة أهدافها إلا أنها تنقلب لتصبح مصدر ضعف وعامل هدم للمجتمع والدولة وعقبة فى طريق بلوغ الثورة أهدافها حينما تتضخم دائرة الحرية وتنكمش دائرة المسؤولية وتتآكل دائرة المحاسبة، موضحاً أن أهم آليات المحاسبة وآليات المسؤولية التى ترقى بالعمل الصحفى وتحول دون وقوع مثل هذه الانتهاكات هى تلك التى يقرها المجتمع الصحفى نفسه المقدر لدوره والمدرك لأهمية نقطة التوازن بين متطلبات واحتياجات بناء الدولة ومتطلبات واحتياجات المواطن، ولا يمكن خلق هذا التوازن إلا عبر آليات التنظيم الذاتى للمهنة تنظيما يضمن ألا يلاحق الصحفى إداريا أو قضائيا.
وأشار المجلس إلى أن مطالبة الصحفيين بالالتزام بمواثيق الشرف المهنى لا يجب أن تنفصل عن الوفاء بالحقوق والحريات فكلاهما كفتى ميزان، إذ لا تنفصل المطالبة بتحرى الدقة عن الحق فى الحصول على المعلومات وهكذا فى باقى المسئوليات والحقوق، محذراً من فقدان الصحافة لمصداقيتها أمام الرأى العام، وفقدان المهنة لمكانتها وفقدان الصحفى نفسه لهيبته حال استمرار الانتهاك الممنهج للمعايير المهنية والأخلاقية.