«من حبنا حبيناه وصار متاعنا متاعه.. ومن كرهنا كرهناه يحرم علينا اجتماعه».. بيت شعرى قديم لابن عروس، كأنما كتبه ليلخص حال دولة قطر وذراعها الإعلامية «الجزيرة» مع الشعب المصرى.. حيث لم يعد مهما أن تخسر القناة مشاهديها يوماً بعد يوم، وليس مهما أن تخسر الثقة، كما أنه من غير المهم أن تخسر العاملين فيها.. المهم هو الرضا السامى القطرى.
فـ«الجزيرة».. ذلك الكيان الضخم، الذى كان كل إعلامى يحلم بالالتحاق به، أو حتى الاقتراب منه، أصبح «شبهة» تصم أكثر العاملين به الآن، بعد أن توالت الاستقالات من مختلف الجنسيات، لأسباب أكثرها يتعلق بسياسات العمل، وعدم اتساقها مع إرادة الشعوب، وحريات أهلها، ما أصاب نزاهتها الإعلامية فى مقتل.
وكان من أبرز المستقيلين المصريين الإعلامى حافظ الميرازى، الذى كان مديرا لمكتب الجزيرة فى واشنطن، معتبراً أن القناة منحازة لحماس ولا تتناول القضية الفلسطينية بموضوعية، وتنبأ بعدم ضمان استمرار القناة فى ظل سيطرة التيار الإسلامى المتشدد عليها. كما جاءت استقالة مراسلة القناة فى القاهرة «لينا الغضبان» على المسار ذاته، لتؤكد أن تراجع التيار الليبرالى فى القناة أمر لا يضمن الموضوعية.
وكان الإعلامى يسرى فودة، أحد النجوم الذين نزلوا من قطار «الجزيرة»، متمنياً لها أن تعود لقيادة ناصية المشهد الإعلامى العربى، بعيداً عن أى «أجندات وخلفيات خاصة»، كذلك استقالة حسين عبدالغنى، بعد خلاف مع إدارة القناة يتعلق بعدم الحيادية.
ومن أبرز المذيعين الذين استقالوا من القناة القطرية، الأردنى جميل عازر الذى برر استقالته بأنها ترجع إلى اعتراضه بشدة على الطريقة التى يتم التعاطى بها مع أخبار الأحداث السورية وأحداث البحرين، وقال إن الوضع أصبح لا يطاق بها وإن «الجزيرة» قضت على حلم الريادة. وتأتى استقالة «عازر» تالية لاستقالة مدير مكتب القناة فى بيروت غسان بن جدو لنفس الأسباب، بل اتهم «جدو» قناة الجزيرة بأنها ساعدت على تمكين «إسرائيل» من اغتيال القائد العسكرى لحركة «حماس» أحمد الجعبرى بفضل الأشرطة التى سلمتها قناة «الجزيرة» إلى إسرائيل، التى كان قد صورها خلال زيارته الشهيرة إلى القطاع أثناء العدوان الإسرائيلى على غزة العام 2008، وبثت «الجزيرة» مشاهد مطولة منه.