قالت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، إن مصر تسارع فى البحث عن مليارات الدولارات فى شكل قروض تحصل عليها من جهات خارجية، وتطرق أبواب العالم مع نضوب خزائنها.
وتحدثت الوكالة فى البداية عن طلب الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، خلال زيارته لروسيا مؤخراً من رئيسها فلاديمير بوتين قرضاً لمصر، بحسب ما قاله مساعد بوتين، ورأت أن مرسى اتجه إلى موسكو وعلاقات مصر القديمة معها، متذكراً كيف استعد الاتحاد السوفيتى السابق لتمويل بناء السد العالى فى أسوان فى الستينيات بعدما انسحبت أمريكا من المشروع، وفقا للإعلام الروسى، إلا أن رد الروس بدا مبهما، حيث قالوا: "سنتحدث لاحقا".
وتقول "أسشيتدبرس"، إن مصر تقرع الأبواب حول المنطقة سعيا للحصول على قروض ومليارات الدولارات ومنح، وتحاول أن تملأ سريعا خزائنها التى تنضب حتى تستطيع أن تحافظ على استمرار عمل محطات الطاقة والمخابز التى تقدم الخبز الرخيص للملاين من الفقراء، وبدا أن هذا الاتجاه يتسارع قبل الصيف، عندما تنهار شبكة الكهرباء الهشة فى البلاد أمام الاستخدام المتزايد للطاقة، وحيث يتوقع المسئولون حدوث تراجع فى مخزون القمح.
وتمضى الوكالة فى القول بأن العديد من الدول، من بينها قطر وليبيا، استجابت فى الأسابيع الماضية، لكن اللافت للنظر أن دولاً قليلة رفضت خوفا من ضخ أموال لمساعدة اقتصاد المصرى يزداد تدهوره دون استقرار سياسى بعد عامين منذ سقوط الديكتاتور حسنى مبارك، فضلاً عن ذلك، فإن خبراء الاقتصاد يشعرون بالقلق من أن حكومة مرسى تعتمد على سياسة لا يمكن استمرارها، وتتدافع للحصول على النقد الأجنبى كوسيلة مؤقتة تسمح لها بتأجيل إصلاحات اقتصادية كبيرة وغير شعبية وتجنب الوصول إلى تسوية مع معارضيها السياسيين.
وأشارت الوكالة إلى أن المساعدات الأكثر أهمية لمصر، والمتمثلة فى قرض صندوق النقد الدولى المقترح بقيمة 4.8 مليار دولار، تم تأجيلها بسبب أشهر من المفاوضات حول الكيفية التى ستخفض بها مصر برنامج دعم الوقود والغذاء، الذى يستهلك نسبة كبيرة من ميزانيتها، وقامت الحكومة بخطوات محدودة، إلا أن الكثير من خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تؤجل الإصلاحات الواسعة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، لتجنب تأثير اتخاذ قرارات غير شعبية على الإخوان المسلمين فى الانتخابات، لكن المشكلة أنه لا يوجد موعد محدد للانتخابات، ولن تجرى قبل الخريف المقبل كأقرب وقت ممكن لها، وهو ما يعنى شهورًا من المصاعب الاقتصادية مع تردد المانحين والدائنين الأجانب فى تقديم أموال ما لم يكن هناك خطة اقتصادية واضحة.
ويعتبر تأمين صندوق النقد الدوى المفتاح لتعزيز ثقة المستثمرين فى مصر وفتح الباب أمام مزيد من المساعدات، وفى هذه الأثناء، تبحث الحكومة تدفق الأموال النقدية.
وتلفت "أسوشيتدبرس" إلى أن مصر، منذ سقوط مبارك، سعت أو تجرى مباحثات للحصول على أكثر من 30 مليار دولار منذ تولى مرسى الحكم فى يونيو الماضى، وفى رسالة بالبريد الإلكترونى لم يستطع مسئول بمكتب الرئيس تأكيد الأرقام تحديدا، إلا أنه قال إن الرقم قريب من الدقة. وأشارت الوكالة إلى أن المسئول الذى رفض الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالحديث للصحفيين، لم يقدم مزيدًا من التعليق على السياسة الاقتصادية.
وتتابع "أسوشيتدبرس": ترتب على بحث حكومة مرسى عن الأموال، تهكم محرج من المعارضة، واتهام للحكومة بأنها تتسول، وإن كانت الحكومة نفت الأنباء التى تحدثت عن سعى مرسى للحصول على قرض من روسيا، وتوضح الوكالة الأمريكية أن مصر تنفق أكثر من 14.5 مليار دولار سنويا على دعم الوقود، و4 مليارات دولار على دعم الغذاء، أغلبيتها تذهب إلى دعم الخبز.
ويقول ويليام جاكسون، الخبير الاقتصادى فى مجموعة "كابيتال إكونوميك" الاقتصادية بلندن، إن مصر يبدو وكأنها تتواصل مع الآخرين باعتبارهم حاجزا وقائيا، حتى يتم إتمام صفقة النقد الدولى، مضيفا أن هناك غيابًا حقيقيًا للوضوح فيما يتعلق بما حصلت عليه مصر من الدول الأخرى.
وأشارت الوكالة إلى إن أن قطر وعدت هذا الشهر بتقديم 3 مليارات دولار، ضمن 5 مليارات دولار قدمتها لحكومة مرسى. وأعلنت ليبيا أيضا أنها أودعت مليارى دولار فى البنك المركزى المصرى، كما طلبت مصر من العراق 4 مليارات دولار فى مارس، إلا أن بغداد رفضت لأن الأمر كان "محفوفا بالمخاطر للغاية"، على حد قول مسئول عراقى رفض الكشف عن هويته لأنه ليس مفوضا بالحديث للصحافة.
ورفض المسئولون فى مصر تأكيد طلبهم، وقالوا إن هناك مناقشات تجرى مع العراق. وفى روسيا، قال مساعد بوتين يورى أوشاكوف لصحيفة محلية إن مصر طلبت قرضا ليس صغيرا، ووافق الطرفان على التواصل بشأنه، وفى سبتمبر الماضى، وعدت تركيا بتقديم مليار دولار، تم تسليم نصفهم، وقدمت السعودية 1.5 مليار دولار فى شكل قروض ومنح.
وكتبت فرح حليمو الخبيرة الاقتصادية، تقول إن دعم الميزانية بهذه الطريقة يسمح للإخوان بتأخير خطط الإصلاح، فبدون هذه الأموال سيضطر الإخوان إلى اتباع نهج أكثر تصالحية مع المعارضة والوصول إلى حل وسط.
وفيما يتعلق بقرض صندوق النقد، قالت الوكالة إنه برغم تصريحات الحكومة عن قرب التوصل إلى اتفاق معه، إلا أن الخبراء يقولون إن هذا لن يتم قبل الانتخابات.
من جانبه، قال محمد جودة، عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والعدالة، "إننا نتفهم مدى أهمية قرض صندوق النقد. لكن نحن لا نريد قروضًا أو مساعدات، بل نريد استثمارات".