مدينة الشعراء بدمياط.. قلعة صناعة الأثاث الأولى على مستوى مصر ومصدرة الأثاث لكل دول العالم سابقا، تحولت بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير، وخاصة في ظل حكم الرئيس محمد مرسي، لقلعة الخراب والفشل، وذلك بعدما أغلقت أغلب ورشها وشرد ًصناعها رغم امتلاكها ما يزيد عن 6000 ورشة ومعرض يعمل بهم ما يزيد عن 15000 صانع.
قديما، كان يصعب على أي مواطن التمشي أو المرور من أي من شوارعها؛ بسبب عدم وجود مكان للمارة من الأثاث المعروض بكافة شواعها والآن أصبح الحال "لايسر عدو ولاحبيب" كما يقول البسطاء من أبناء القرية، حيث أغلقت أغلب ورشها وشرد ما يزيد عن 70% من عمالها؛ منهم من لجأ للأدمان لينسى به همه وخراب مصلحته وإفلاسه ومنهم من عمل كقهوجي أو بقال أو بائع خضار وفاكهة.
"الوطن" انتقلت لقلعة صناعة الأثاث سابقا لتنقل الصورة كاملة للقارئ قبل انطلاق ثورة صناع الأثاث بدمياط 30 أبريل بعدما أعلن الصناع إغلاق ورشهم وإعلان اعتصام مفتوح لحين تحقيق مطالبهم.
من جانبه قال الحاج سعيد القط، تاجر موبيليا: "كبار المستوردين يقومون بتخزين الأبلكاش والأخشاب وبيعها بأسعار مرتفعة يصعب على أي صانع بسيط الحصول عليها".
وأضاف القط قائلا: "الاعتصامات لن تجدي نفعا مع حكومة فاشلة ورئيس جاء لخدمة جماعته فقط، وغرفة تجارية جاءت لتأكل حقوقنا ولم تطهر حتى الآن".
واتهم القط رجال أعمال الإخوان بالقضاء على صناع دمياط بعد استيرادهم الأثاث التركي والصيني في وقت عجز فيه الصانع الدمياطي عن بيع شغله.
وختم القط كلامه قائلا: "ربنا ينتقم منك يا مرسي وأنت راجل ظالم فاشل عن أن تصبح رئيس جماعة حتى"، بحسب قوله.
ويؤكد فوزي عوضين، أسترجي، قائلا: "بيوتنا خربت وحالنا وقف وتجار الخامة بيدبحوا فينا بسكينة تلمة سرحت ما يزيد عن 80% من العاملين عندي والمظاهرات لن تجدي نفعا مع نظام غبي، وزمان نزلنا الثورة وقلنا الوضع هيتغير، لكن وجدنا الحالة بقت سيئة ولا شغل ولا مشغلة واللي كانوا ماشيين مع مرسي أول من قفلوا ورشهم".
وبنبرة حادة ووجه حزين، قال عصام النجيري، نجار، "اتق فينا ربنا يا مرسي أنت وجماعتك، إحنا مصريين زيكم، دخلتوا الأثاث التركي والصيني عشان تخربوا بيوتنا وتشردونا إحنا أصحاب البلد".
وطالب النجيري الرئيس مرسي وجماعته بأن يتذكروا حال مبارك حتى يتعظوا منه.
فيما قال سعد عوضين، أسترجي: "شعب دمياط اللي سكت زمان مش هيسكت بعد كده، إحنا ناس بندور على لقمة عيشنا ولقمة عيشنا ضاعت يبقى لسه باقي إيه مننا ومش مستعدين نسيب مهنتنا إلا بالموت، والصناع مش بلطجية"، متسائلا: "ليه الخامات تغلى 70% في ست شهور فقط".
وبصوت حزين، قال عوضين: "يا ريت عهد مبارك يرجع تاني، على الأقل كنا لاقيين ناكل وكنا حاسين بكرامتنا عن دلوقتي، إحنا منظرنا بقى وحش قصاد أهلنا".
ويقول أحمد فاروق، أويمجي: "كنا شغالين قبل الثورة في عهد مبارك الفاسد، أما في عصر مرسي المتقي بتاع ربنا بقينا بنشحت وبقينا مدانين وعواطلية لقد عجزت عن تدبير احتياجات عائلتي"، متسائلا: "أعمل إيه أنا دلوقتي، أنا عايز مرسي وجماعته يجاوبوني أعمل إيه دلوقتي في حالي اللي وقف".
وأصر فاروق على النزول بثورة صناع الأثاث يوم 30 أبريل، قائلا: "أنا نازل ومش راجع بيتي غير لما ألاقي نفسي وأرسى على بر وأرجع صنايعي لي حق في بلدي ومش مستعد أسيب مهنتي اللي اتربيت عليها".
وبعينان تملؤهما الدموع، قال فاروق: "إحنا مداس علينا يوم بيوم وبنموت بالبطيء بعدما أصبحنا عجزة أمام أبنائنا".
وأضاف أحمد حبيب، نجار سابق وقهوجي حاليا: "لقد تركت مهنتي اللي امتهنتها أكثر من 45 سنة على أيد النظام الحالي وبقيت قهوجي بعد ما أصبحت مديون وبعت ما أملك، فمرسي هو مبارك والغرفة التجارية سارقانا وسارقة قوت عيالنا، ومرسي وجماعته سرقوا الثورة وركبوا عليها ولاعندنا نقابة ولاحد يتكلم باسمنا".
وطالب حبيب بإعادة مركز توزيع الأخشاب المسؤول عن توزيع الخامات والأخشاب للصناع بسعر التكلفة مرة أخرى بعد إغلاقه في عهد النظام السابق لكونه المنقذ الوحيد لصناع الأثاث بدمياط، بحسب قوله، مع تشديد الرقابة على الأسواق وعدم السماح للمستوردين بالسيطرة على كل شيء.
ويقول محمد مسعد العناني، منجد: "رغم عملي بالمهنة منذ 32 عاما لم أشعر أني ميت زي دلوقتي، فمنذ تولي مرسي الحكم وأنا خسران 22 ألف جنيه ومديون لطوب الأرض، وسرحت 10 عمال من أصل 11 كانوا شغالين عندي ومصلحتي ادمرت، يوم 30 هنقفل ورشنا وخارجين كلنا يا احنا يا النظام الحالي هو بعد خراب بيوتنا شيء ثاني هنبكي عليه؟، يا كرامتنا وكبريائنا يا الإخوان، أصل هما لسه ميعرفوش يعني إيه صنايعية دمياط ولا الدمايطة وإحنا خارجين نعرفهم مين إحنا".