ما الذى يضير الزميلة "الوطن" من الاعتراف بالخطأ فيما نشرته من حوار مفبرك مع الرئيس السابق حسنى مبارك، حسب تأكيد محاميه فريد الديب؟ وما دخل "اليوم السابع" فى خطأ جسيم ارتكبته الوطن وتداولت نفيه وكالات الأنباء والمواقع فى الشرق والغرب من بينها "CNN"، بل وأصبح محور تندر النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى؟
الزميلة "الوطن" أقدمت على تصرف مثير للاستغراب ويخالف الأعراف المهنية، فبعد قيام فريد الديب بنفى حوارها مع موكله حسنى مبارك واتهام الجريدة بفبركة الحوار نقلا عن تصريحات سابقة له لجريدة "المصرى اليوم"، وبعدما نشرت صفحة "أنا آسف ياريس" نفيا هى الأخرى للحوار المفبرك، لم تحرك "الوطن" ساكنا ضد من اتهموها بالكذب والفبركة وتندروا عليها وعلى سعيها للفرقعة ولو على حساب القارئ، وفى الوقت نفسه تمسحت بـ"اليوم السابع" بمحاولة زجها فى اشتباك جانبى باعتبارها أقوى الصحف والمواقع التى نشرت النفى والتكذيب بدلا من الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، وتناست "الوطن" أن معركتها مع الذين كذبوها وليست مع زملاء المهنة.
هل كان على "اليوم السابع" أن تتغاضى عن نشر النفى المتكرر لخطأ الوطن وبعضها نقلا عن مصادر قريبة جدا من مبارك لوكالات ومواقع أجنبية، حتى يرضى زملاء المهنة الذين يعتمدون التفسير الشعبى المغلوط للحديث الشريف "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"؟ وهل كان على "اليوم السابع" أن تتقاعس عن تقديم خدمتها المعلوماتية والخبرية للقراء من أجل إرضاء "الوطن" والتواطؤ معها فى الخطأ.
تركت الزميلة "الوطن" من اتهموها بالكذب والفبركة ولجأت إلى استخدام تقرير سابق للزميل محمود المملوك لمحاولة تبرير فعلتها، وجر "اليوم السابع" إلى معركة جانبية تغطى على خطئها الأساسى الذى لم نتسبب فيه بالقطع، ونحن نعتز بأن يكون محررو "اليوم السابع" مصدر ثقة يعتمد عليه المحررون الآخرون فى تأكيد أخبارهم، لكننا لسنا مع الاستخدام السيّئ والمغلوط للأخبار، كما أننا لسنا فى معركة لنحصى كم مرة أخطأت الوطن فى حق القارئ والمهنة وبعض هذه الأخطاء تتداولها قاعات المحاكم، فهذه القضية بينها وبين القراء الذين ارتضوها منبرا معبرا عنهم وأولوها ثقتهم، يفصلون هم فيها بما يرونه من مواقف.
لا يدرك الزملاء فى "الوطن" أن جميع الصحف معرضة للأخطاء، ولكن هناك فرق هائل بين خطأ محرر دون قصد، يعقبه التقويم الواجب من قيادات الصحيفة لإرساء القواعد المهنية، والاعتذار اللائق للقراء للحفاظ على المصداقية، وبين أن تعتمد الصحيفة منهج الخطأ وتصر عليه ليصبح "خطأً عمداً مع سبق الإصرار والترصد"، وهو الجريمة الكبرى فى حق القراء ومهنة الصحافة التى نعتز بها ونحلم بالارتقاء بعناصرها وعلى رأسها المحرر الصحفى.
الصحف الكبرى لا تولد كبيرة، ولكنها تكبر بمثل هذه المواقف والتجارب والاختبارات التى تمر بها، وترسى من خلالها يوما بعد يوم قواعد مهنيتها ومصداقيتها واحترامها لقرائها، فتنجح فى الاختبار تلو الآخر، ومع كل نجاح تضع حجرا جديدا فى بنائها النامى، أما الصحف الهامشية وغير المؤثرة فهى التى تعتمد الفهلوة وآلاعيب الحواة والفبركات، حتى وإن ربحت يوماً بريقاً زائفاً فنهايتها معروفة والتجارب الشبيهة فى بلاط صاحبة الجلالة كثيرة ومتعددة.
وإلى هذه النقطة نتوقف عن سجال يُراد لنا أن نخوضه تغطية على خطأ الآخرين، ولن ننحدر إلى أى اشتباك جانبى، يحرفنا عن مهمتنا الأساسية وهى تقديم الخدمة المعلوماتية الدقيقة والموثوقة للقراء، لأن قضايا الوطن والأخبار التى تستحق أن نقدمها للقارئ أولى وأجدر باهتمامنا.. والله الموفق للجميع.