كشفت مجلة أمريكية، أنَّ وزير الخارجية الأمريكي أسقط القيود التي فرضها الكونجرس على المساعدات العسكري لمصر في العاشر من مايو الماضي ـ أي قبل أسابيع من إصدار محكمة مصرية أحكامًا بالحبس فيما عرف بقضية "التمويل الأجنبي"، والتي شملت عددًا من الناشطين الأمريكيين ـ دون علم أعضاء مجلس النواب الأمريكي. وقالت مجلة "ديلي بيست"، إنَّها استطاعت الحصول على نسخة من إخطار الخارجية الأمريكية بالتحرك "السري" لجون كيري، والذي اسقط القيود التي وضعها الكونجرس لضمان عدم حصول مصر علي أي مساعدات عسكرية؛ إلا بعد التأكد من التزامها بعملية التحول الديموقراطي، واحترام سيادة القانون، وحقوق الإنسان، فضلاً عن احترام مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل. وقال إدجار فاسكويز، المتحدث باسم مكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى، إنَّ "التنازل" الذي قدمه كيري للسلطات المصرية، "يستند في المقام الأول إلى الحفاظ على مصالح الأمن القومي الأمريكي"، مشيرًا إلى اشتمال المساعدات العسكرية إلى مصر علي برامج مكافحة الاتجار في السلع الغير مشروعة، والإرهاب، وتعزيز الأمن في منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أنَّ تصريحات الخارجية الأمريكية تُعبر عن "القلق العميق" إزاء العقوبات والأحكام التي أصدرتها محكمة مصرية في قضية التمويل الأجنبي الأسبوع الماضي، "لقد اعتبرنا تلك المحاكمة ذات دوافع سياسية وتسير عكس المبادئ العالمية لحرية إنشاء الجمعيات، كما أنَّها تتعارض مع عملية التحول الديموقراطي". وتقدم واشنطن لمصر 1,3 مليار دولار سنويًا كمساعدة عسكرية. وفي مارس الماضي، استغل أعضاء الكونجرس مشروع قانون للإنفاق المحلي لتشديد القيود على كيفية إنفاق الحكومة المصرية المساعدات التي تقدمها واشنطن لمصر سنويًا لأغراض عسكرية وغيرها. وجاء ذلك بعد أن أبدوا قلقهم بشأن استقرار مصر وكذا سياسة الحكومة الإسلامية فيها، وعلاقاتها مع إسرائيل إذ أثار غضبهم تصريحات للرئيس محمد مرسي أدلى بها في عام 2010 بوصفه قياديًا بجماعة "الإخوان المسلمين" آنذاك. وقال ستيفن كوك، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إنَّ "الإدارة الأمريكية تعطي الأولوية لعلاقاتها بالجيش المصري في الوقت الراهن على حساب تعزيز مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان". وأضاف أنًّ "التمويل الأجنبي الذي تتلقاه تلك المنظمات يُثير جنون قيادة الجيش المصري... إنَّهم يعتقدون بأنَّها تُشكل تهديدًا للأمن القومي المصري.. هم يُريدون وضع نهاية لكل تلك المخاوف". ووصف الباحث وضع منظمات المجتمع المدني بأنه "مُروع ؛ إلا أننا نرغب في العمل مع القوات المسلحة المصرية ... رغم كونها متورطة في الحملة التي استهدفت منظمات العمل المدني، والقضايا المتعلقة بها". وذكّر بأن "المجلس العسكري كان في سدة الحكم حينما تمت مداهمة تلك المنظمات، وكان الذي يرأس البلاد في ذلك الوقت المشير حسين طنطاوي، والذي كان معروف بصلته الوثيقة بفايزة أبو النجا وزير التخطيط والتعاون الدولي في ذلك الوقت، والتي احتفظت بمنصبها على الرغم من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك ولعبت دورًا رئيسًا في تلك المداهمات والمحاكمات". واعتبر ستيفن مكينيرني، المدير التنفيذي لمشروع الديموقراطية للشرق الأوسط، أنه "لمن المثير للقلق عدم إصدار وزير أو وزارة الخارجية أي بيان علني بهذا التحرك... إن التخلي عن هذه الشروط ليس بالشيء الذي ينبغي فعله بهدوء أو على مهل". وسلطتْ المجلة، الضوء عما يدور في أذهان أعضاء الكونجرس الذين لا يعلمون شيئًا عن قرار كيري الذي اتخذه قبل أسابيع فهم يرون بعدم استحقاق مصر للمساعدات الاقتصادية بعد الحكم الذي أصدرته في قضية التمويل الأجنبي، وقالوا إنَّ تلك العقوبات تجعل من المستحيل علي إدارة الرئيس باراك أوباما أنْ تكون قادرة على إثبات تقدم مصر صوب الديموقراطية. وأضافت أنَّ الخبراء شعروا بالصدمة لتكتم كيري على قراره حتى بعد النطق بالحكم في "قضية المنظمات غير الحكومية" وقارنوا موقفه هذا بما فعلته سلفه هيلاري كلينتون حينما حرصت على تبرير تصرفاتها، في الوقت الذي أصدرتْ فيه بيانًا شديد اللهجة نددت فيه بموقف الحكومة المصرية تجاه المنظمات الحقوقية.