علق الكاتب دينيس روس فى مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على الأوضاع التى تشهدها مصر فى المرحلة الحالية، موضحا أن واقعا جديدا يبدو أنه يتشكل الآن فى مصر ربما ليكون بديلا عن الأوضاع الماضية، فى ظل إصرار مؤسسة الرئاسة فى مصر وجماعة الإخوان المسلمين على السيطرة على مقاليد الأمور.
وأضاف الكاتب أن مرسى قد استغل الأحداث الأخيرة التى شهدتها رفح والتى أدت إلى مقتل حوالى 16 جنديا من أبناء القوات المسلحة المصرية لإزاحة القادة العسكريين الذين سيطروا على مقاليد الأمور منذ تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، وكذلك إلغاء الإعلان الدستورى لتصبح كلا من السلطة التنفيذية والتشريعية فى قبضة مؤسسة الرئاسة، وبالتالى فإن مرسى استطاع أن يفرض الحكم المدنى على مصر.
ويقول الكاتب الأمريكى أن البعض يرى الخطوات الأخيرة التى اتخذها مرسى بمثابة الفرصة التى منحها الرئيس الجديد للثورة من أجل إزاحة بقايا النظام السابق، بالتالى تمهيد الطريق نحو تحقيق أهدافها الواعدة، إلا أن البعض الآخر من المناوئين للتيار الإسلامى يرفضون تماما مثل هذه القرارات على اعتبار أنها تهدف فى الأساس أمام إزالة أى ضوابط على السلطات التى سوف يتمتعون بها خلال المرحلة المقبلة.
ويرى روس أنه بالنظر إلى مختلف القرارات التى اتخذها مرسى والمحيطون به خلال الأيام الماضية، فإن هناك ما يبرر قلق العديد من المتابعين للمشهد فى مصر، خاصة فى ظل تعيين وزير إعلام من بين أعضاء جماعة الأخوان المسلمين، بالإضافة إلى القرارات الأخرى التى تم اتخاذها حول تغيير عدد من رؤساء التحرير بالصحف وملاحقة رئيس تحرير صحيفة الدستور قضائيا بتهمة إهانة الرئيس.
وأضاف الكاتب الذى عمل مساعدا للرئيس أوباما فى شئون الشرق الأوسط أن قرارات مرسى تعزز تماما سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على كافة السلطات فى البلاد بما فى ذلك السلطة التنفيذية والتشريعية، وبالتالى فإنه لا يمكن لأحد أن يجزم بمستقبل التغيير فى مصر خلال المرحلة المقبلة.
وقال دينيس روس إن الوضع الحالى لن يسمح للرئيس أو جماعته للهروب من المسئولية كاملة فى ظل تحدى مهمة تواجه البلاد خلال المرحلة الحالية أهمها الوضع الاقتصادى المتردى والذى يحتاج بشدة إلى مساعدات خارجية وزيادة الاستثمارات الأجنبية فى البلاد، بالإضافة إلى إيجاد دعم خارجى من أجل خطة النهضة التى يسعى الرئيس إلى تطبيقها.
وأوضح الكاتب أن جماعة الإخوان على الرغم من أنها تدرك الواقع جيدا إلا أنها فى الوقت نفسه تحاول إنكاره، لافتا إلى رفض مؤسسة الرئاسة فى مصر للأخبار التى وردت حول إرسال مرسى ردا على برقية أرسلها له الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، موضحا أن مكتب الرئيس الإسرائيلى لم يعلن عن محتوى الرسالة إلا بعد التوافق مع الرئاسة المصرية، وهو الأمر الذى يتشابه إلى حد كبير مع اتهامات الجماعة للموساد الإسرائيلى بارتكاب أحداث رفح على الرغم من إدراكهم أن هذه الاتهامات لا صلة لها بالحقيقة.
ويتساءل الكاتب عما يمكن استخلاصه من أداء الجماعة التى دائما ما ترفض الاعتراف بالحقيقة، موضحا أن الإخوان ليسوا على استعداد للاعتراف بأى حقائق تتناقض مع فلسفتهم الخاصة، ولذا فقط طالب روس الولايات المتحدة بألا تتقبل الحقيقة البديلة التى يسعى الإخوان لفرضها بعيدا عن الواقع، موضحا أنه من الممكن أن يتقبل الجميع الخلافات السياسية ولكن من الصعب تقبل حقائق تبنى على خيالات لا صلة لها بالواقع.
وقال الكاتب إن الرئيس وجماعته ينبغى أن يدركوا جيدا أن الولايات المتحدة على استعداد لحشد المجتمع الدولى والمؤسسات الدولية لمساعدة مصر بشرط أن يكون النظام المصرى مستعدا للعمل على أساس حقائق مبادئ موجودة بالفعل، مشددا على ضرورة حماية الأقليات والمرأة والتعددية السياسة، بالإضافة إلى احترام الالتزامات الدولية وخاصة السلام مع إسرائيل.
واختتم الكاتب مقالته مؤكدا الأوضاع الحالية فى مصر لا تدعو إلى التفاؤل خاصة فى ظل تقارير عديدة توضح إقدام أكثر من مائة ألف قبطى للهجرة من البلاد، بالإضافة إلى سياسات أخرى تهدف إلى تخويف الإعلاميين، بالإضافة إلى إقدام مرسى إلى نشر قوات الجيش فى سيناء دون إخطار إسرائيل مسبقا بذلك طبقا لمعاهدة السلام، مطالبا الإدارة الأمريكية بربط المعونات الاقتصادية المقدمة لمصر بالسلوك السياسى الذى سوف تتبناه الجماعة خلال المرحلة المقبلة، موضحا أنه لا يجب أن تستمر تلك المساعدات فى ظل استمرار الانتهاكات.