شهدت الأوساط الأثرية بصعيد مصر جدلا واسعا وتباينا في الآراء حول ظاهرة تعامد القمر فوق معبد الإله خنسو بمعابد الكرنك الشهيرة في محافظة الأقصر بجنوب مصر.
فبعد رصد ومراقبة للحدث الذي جرى الاحتفال به للمرة الأولى مساء اليوم الجمعة تأخرت ظاهرة التعامد عن الموعد المعلن لحدوثها قرابة الساعتين ، ولكنها حدثت بالفعل في تمام الساعة التاسعة وعشر دقائق بالتوقيت المحلي (1910 بتوقيت جرينتش).
وقال الدكتور عزت سعد محافظ الأقصر إن الاحتفال جرى احتفاء برصد الظاهرة كونها حدثا فريدا يساهم في تحقيق من الرواج السياحي.
لكن المدير العام لآثار الأقصر ومصر العليا الدكتور منصور بريك قال انه لا توجد أية نصوص قديمة تشير إلى حدوث تعامد للقمر فوق معابد الكرنك وأن التقويم المصري القديم لا يمكن أن يتوافق مع التقويم الميلادي أو الهجري.
لكنه أوضح أنه لا يملك نفى حدوث الظاهرة أو تأكيدها وأن الأمر متروك لعلماء الفلك.
من جانبه، قال نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء الدكتور مسلم شلتوت إن ظاهرة التعامد وفقا للدراسات والبحوث العلمية التي أجراها لن تكون علي معبد الإله ''خونسو'' الواقع ضمن معابد الكرنك فقط ، وإنما ستشمل أفق مدينة الأقصر كلها.
وأشار شلتوت إلى وجود خلاف دائم بين الأثريين وعلماء الفلك في شأن مثل تلك الظواهر وأن هناك كلاما عن أن تلك الظاهرة تحدث كل ثلاثة أعوام و12 عاما، إلا أننا كعلماء فلك نعكف على دراسة ذلك.
يذكر أن الاعلان عن الاحتفال مساء اليوم الجمعة يأتي بعد أيام قليلة من إعلان كريستوف تيير عالم المصريات ومدير المركز المصري الفرنسي للآثار أن معابد الكرنك الشهيرة في الأقصر تحمل في باطنها الكثير من الكنوز والاكتشافات الأثرية التي ستكون بمثابة مفاجآت مدوية في عالم الآثار المصرية.
يشار الى أن محافظة الأقصر ونقابة وجمعية المرشدين السياحيين في المحافظة أعدوا احتفالية سياحية وفنية مساء اليوم في اطار جهود استغلال مثل هذه الظاهرة في جذب مزيد من السياح وزيادة المناسبات على الأجندة السياحية المصرية.
وحضر الاحتفالية الدكتور عزت سعد محافظ الأقصر واللواء أحمد ضيف صقر مدير الأمن وأثريون وعلماء فلك وعشرات السياح.
وكانت الأوساط الأثرية والسياحية في الأقصر قد احتفلت نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي بتعامد الشمس على قدس أقداس المعبود آمون داخل معابد الكرنك الفرعونية ، وذلك في يوم نقل الشمس وبداية فصل الشتاء لدى المصريين القدماء والذي يوافق 22 من شهر ديسمبر من كل عام.
واستمرت مدة التعامد 6 دقائق ثم انتقلت إلى بهو الأعمدة مشكلة علامة ''الأخت'' الفرعونية بمعنى ''الأفق'' في تأكيد لعلاقة آمون بعبادة الشمس.
وتحتوى المناطق الأثرية المصرية على العديد من المعالم الأثرية التي تؤكد تقدم قدماء المصريين في مجال علوم الفلك مثل منطقة ''وادى النبطة'' الواقع شمال غرب أبو سمبل وذات القيمة الفلكية الكبيرة والذي عثر فيه على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إلى 11 ألف عام.
ويعد هذا أقدم دليل تاريخي حدد بدايات العام والانقلاب الشمسي والاتجاهات الأربعة وهو من أعظم الاكتشافات الفلكية في مصر والعالم وهو كشف يزيل الغموض الذي يحيط بظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل ويؤكد امتلاك المصريين القدماء لفنون وعلوم وأسرار الفلك باقتدار.
وكشف الدكتور أحمد صالح المدير العام لآثار أبو سمبل ومعابد النوبة عن وجود الكثير من الدلائل على اهتمام الفراعنة بالشمس وشروقها وبراعتهم في التقويم.
وتعد معابد الكرنك متحفا مفتوحا لحضارة وتاريخ قدماء المصريين، فهو يضم خليطا من الطرز المعمارية المختلفة المشيدة لملوك مصر التي يرجع تاريخها من الأسرة الثانية عشرة حتى العصر اليوناني الروماني ويغطي مساحة ستين فدانا.