تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول تصريحات لمسئول بحزب الحرية والعدالة، ينتقد فيها الأداء الاقتصادى لحكومة الدكتور هشام قنديل، حيث أكد بعضهم أن قراراتها غير مدروسة و"مرتبكة" ولم تضع "رؤية" واضحة للعمل الاقتصادى فى ظل تردى المؤشرات المالية للبلاد، فى حين استنكر مسئول مصرفى تصرحات الحزب الحاكم، مؤكدًا أنها الحكومة التى شكلها "الحرية والعدالة"، ووصف الأداء الاقتصادى لها بـ"المبشر" فى ظل فتح عدد من الملفات الشائكة التى عجزت الحكومات السابقة على معالجتها.
الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، وصف أداء حكومة الدكتور هشام قنديل، بـ"المرتبك" مؤكدًا أنها تصدر قرارات غير مدروسة، منها مؤخرًا القرار الخاص والمفاجئ والخاص بإغلاق المحال التجارية، والذى رفضته كافة الفئات من اتحاد الغرف التجارية والمستهلكين.
وأضاف "الشريف"، أن مثل هذه القرارات غير المرتبطة بخطط تنفيذية، تضعف الأداء العام للحكومة فى معظم القضايا والموضوعات المتعلقة بالاقتصاد، مما يشير إلى تخوفات على الوضع القائم، وعلى مستقبل البلاد خلال الفترة القادمة، مشيرًا إلى أن قضية إغلاق المحال التجارية هى إحدى القضايا التى أعلنت الحكومة تطبيقها، وحتى الآن لم تتخذ إجراءات تنفيذية ولائحة واضحة للعقوبات.
من جانبه قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إن "حكومة الدكتور هشام قنديل لم تقدم أى جديد وتعمل بدون خطة مدروسة، منذ توليها زمام الأمور".
وأضاف "إن الحكومة الحالية ليس لديها رؤية اقتصادية ولا سياسية"، مضيفًا أنها متراخية فى مواجهة العديد من المشكلات التى ظهرت ومازالت بعد الثورة، خاصة فيما يخص ملف الاستثمار الأجنبى وجذب استثمارات جديدة لمصر، مؤكدًا أنها عجزت بالفعل عن حل مشكلات المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب خلال الفترة الأخيرة، وأنها لم تستطع فعل شئ فيما يخص سحب الاستثمارات من الأجانب أو وضع خطة عاجلة لمواجهة الأحكام القضائية التى وقعت على بعض المستثمرين أو العمل على حل المواضيع بشكل يرضى الأطراف المتنازعة.
واعتبر "عبده" أن هناك تضاربًا بين تصريحات الوزراء فى مقدمتهم رئيس الحكومة هشام قنديل، موضحًا فى الوقت نفسه أن رئيس الحكومة أعلن خلال مؤتمر "يورومنى" أن الاقتصاد المصرى بدأ فى التعافى، وبعدها خرج علينا بتصريح آخر خلال اليومين الماضيين يفيد بأن الاقتصاد المصرى فى وضع سىء، معتبرًا أن هناك تضليلا وعدم وضوح من الحكومة خاصة فيما يخص الملف الاقتصادى.
وتساءل "عبده" عن جدوى استمرار الحكومة الحالية فى ظل استمرار عملها بلا خطة مدروسة ورؤية واضحة للعمل الاقتصادى ودفع النمو؟.. مشيرًا إلى أنها تتخبط فى قراراتها سواء الاقتصادية أو السياسية، وهى مرتبكة ولا تعمل بشكل يليق بحكومة مصر بعد ثورة يناير، مؤكدًا أن عمل الحكومة بهذا الشكل يعطى انطباعًا سيئا عن الأوضاع الداخلية فى مصر، مطالبًا الحكومة بتشكيل لجان متخصصة على مستوى عال لحل مشاكل المستثمرين سواء التى انتهت أمام القضاء أو التى ينظرها حاليا.
وقال إبراهيم العيسوى، مستشار المعهد القومى للتخطيط، إن ادارة حكومة الدكتور هشام قنديل للوضع الاقتصادى لم تتغير كثيرًا فى السياسة الاقتصادية التى كان يتبعها نظام الرئيس المخلوع، حسنى مبارك، لافتًا إلى أن الموازنة العامة للدولة ظلت كما هى، ولم يحدث بها أى تطوير، بالإضافة إلى أن الخطة السنوية لدى الدولة لم يحدث بها أى تعديل، قائلا: "الدولة من الناحية الاقتصادية محلك سر".
وأضاف "العيسوى"، أنه عندما تم دعوته إلى حضور اجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة إعداد خطة للاصلاح الاقتصادى خلال الفترة المقبلة لم يتم اتخاذ أية قرارت خلال الاجتماع وكان أقرب إلى "دردشة"، مؤكدًا أن مشكلة الحكومة الحالية أنها متمسكة بسياسة الاقتصاد الحر المندمج فى الاقتصاد العالمى، لافتًا إلى أن هذه المرحلة تحتاج إلى سياسة واضحة المعالم للتنمية.
وأشار "العيسوى" إلى أن سياسة التنمية، هى الأنسب خلال المرحلة الحالية، والتى تقوم فيها الدولة بدور يعمل على تنشيط الاقتصاد المحلى من خلال وضع آليات وقوانين للمستثمرين المحليين والأجانب تعمل تكثيف عمليات التصنيع وذلك بمشاركة القطاع الخاص، بالإضافة إلى العمل على مضاعفة الدور الإنتاجى الذى تفتقده الحكومة الحالية.
واستنكر أحمد سليم، المدير بالبنك العربى الأفريقى الدولى، التصريحات الصادرة عن مسئول باللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والخاصة بانتقاده الأداء الاقتصادى لحكومة الدكتور هشام قنديل، موضحًا أن من شكل هذه الحكومة هو حزب الحرية والعدالة، وأن تعاطى تلك الحكومة مع الملفات الاقتصادية الشائكة حاليًا يعد مبشرًا فى تفاقم المشكلات الاقتصادية.
وأضاف "سليم"، أن فتح "حكومة قنديل" لملفات شائكة منها إعادة هيكلة منظومة الدعم، عن طريق إلغاء دعم الطاقة عن "بنزين 95" وترشيد الدعم للمساهمة فى حل مشكلة العجز فى الموازنة العامة للدولة والذى من المتوقع أن يصل إلى 170 مليار جنيه، وأيضا بدء إنجاز بعض التسويات والتصالحات الخاصة برجال الأعمال، يمهد إلى إرساء قواعد للعمل الاقتصادى على المديين المتوسط وطويل الأجل، وإغلاق المحال التجارية، وهى ما تعد إنجازات فى حد ذاتها، بعد سنوات من تردد الحكومات السابقة على التعاطى مع تلك الملفات.