هل كانت مصر تعيش فى جاهلية وضلال ووأد للبنات وعبادة للأوثان واستباحة الأعراض، وتحليل شرب الخمر، وإعطاء الكهنة والسحرة مكانة عليا فى المجتمع، واضطهاد للمؤمنين ووضع حجارة على صدورهم فى الميادين العامة حتى يذكروا «آلهة محمد» عليه الصلاة والسلام بسوء؟؟. هل كنا فى هذه الجاهلية بعد 1422 عاماً من الهجرة وألف عام وأكثر على قيام الأزهر العظيم؟. هل حان الوقت كى نخرج من كهف الجاهلية ونفهم ونتفهم دعوة الجماعات الإسلامية لنا بالعودة إلى أركان الإسلام ومبادئ الشريعة وأحكامها؟. هل كنا نعيش طوال مئات السنين فى جهل وظلام وضلال وجاهلية إلكترونية حتى «حصحص الحق وظهر نور الدعوة والدعاة فى ميدان التحرير يوم الجمعة المبارك الموافق التاسع من نوفمبر 2012 من الميلاد، الموافق أيضاً لـ24 من ذى الحجة 1422 هجرياً؟». هل أغشى على عقولنا وقلوبنا وعلى عقول أجداد أجدادنا وآبائنا وأنفسنا الفهم الصحيح للدعوة الإسلامية ولمقاصد الشريعة والسنة النبوية المطهرة؟. هل صبأنا وكفرنا والعياذ بالله عن الحق وأصبحنا بحاجة إلى استتابة جماعية نعود بها إلى جادة العقل والصواب وصحيح الإسلام؟. هل أصبح الإسلام هو امتياز حصرى لمجموعة محددة بصفاتها ومفرداتها وزيها وشعاراتها وإعلامها، وأصبحنا نحن «كفرة ملاحدة عصاة نغرد خارج سرب الإسلام وننصرف عن جوهر الإيمان»؟. الذى أعرفه أن الدعوة لإنقاذ البشرية من ظلمات الجاهلية والفسوق وعبادة الأوثان والشرك بالله أطلقها قرشى من أحفاد سيدنا إبراهيم، هو سيدى وسيد الخلق محمد بن عبدالله فى مكة المكرمة، وليس أى داعية آخر فى ميدان التحرير يوم الجمعة الموافق التاسع من نوفمبر 2012! الذى أعرفه أن الإسلام هو ديانة الأكثرية فى مصر، وأن سيدنا عمرو بن العاص حينما فتح هذه البلاد حافظ على كنائس وبيوت وأموال وشعائر أقباط مصر. والذى أعرفه أن سيدنا عمرو بن العاص حافظ على كل الآثار الفرعونية بدءاً من الأهرامات وأبوالهول حتى أوثان رمسيس وتحتمس وكل رموز الفراعنة العظام ولم يدع إلى تغطيتها بالشمع! الذى أعرفه أن الإسلام بمبادئه وأحكامه يطبق فى مصر منذ عهد عمرو عبدالعاص حتى يومنا هذا ولم يجرؤ أى حاكم مهما كانت أصوله أو أفكاره أو مصالحه أن يتجرأ على مبادئ الشريعة أو حدود الله. الذى أعرفه أن الدولة ترعى السفر للعمرة والحج ولا تمنع أو تعاقب أو تسجن المطالبين بهما. الذى أعرفه أن «الميسر» متاح فقط فى 20 فندقاً سياحياً لغير المصريين وأن لعب «الميسر» جريمة يعاقب عليها القانون الجنائى المصرى. الذى أعرفه أن شعب مصر يصوم رمضان، وأن المساجد مفتوحة معظم ساعات الليل والنهار، وأن الدولة لا تمنع الناس من ارتياد المساجد. الذى أعرفه أن الدولة ترخص للجمعيات الأهلية التى تستخدم أموال الزكاة والصدقات ولا تضعهم فى السجن. الذى أعرفه أن الحاكم المسلم مطالب أولاً بتحقيق الكفاية للرعية فى المأكل والملبس والمسكن وفرصة العمل والعلاج قبل أن يفرض عليه تطبيق حدود الله. الذى أعرفه أن رئيس مصر الحالى مسلم، ونحسبه بإذن الله حسن الإسلام وأن الحزب الذى فاز فى الانتخابات البرلمانية يمثل تيار الإسلام السياسى. رغم ذلك كله أشعر وبقوة أننا كنا فى جاهلية وأن الأعلام السوداء التى رفعت فى ميدان التحرير تعلن تحررنا من الجاهلية وتعلن بدء ظهور الإسلام فى مصر لأول مرة!
الوطن