اعتبرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن الرئيس المصرى الجديد محمد مرسى حرص منذ توليه الرئاسة على الحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل وفرض رقابة صارمة على المعابر الحدودية، فهل يمكن للعدوان على غزة أن يجعله يغير حساباته؟
وقالت إن العدوان الإسرائيلى على غزة هو أول اختبار حقيقى لكيفية إدارة مرسى علاقات بلاده مع إسرائيل، مشيرة إلى أن رده على العدوان على غزة سيحمل مؤشراً على مدى تأثر سياسته الخارجية بالمثل التى نشأ عليها كعضو فى جماعة الإخوان المسلمين، أو ما إذا كان سيتبع المسار الذى سلكه سلفه المخلوع حسنى مبارك.
وأضافت أن إرسال رئيس وزرائه إلى قطاع غزة هى خطوة جريئة من الرئيس محمد مرسي. ولكنه حتى الآن لم يظهر أى مؤشرات على انقلاب تام عن مسار مبارك، فقراره بسحب السفير المصرى من تل أبيب وفتح المعابر لعبور المصابين هى قرارات سبق وأن اتخذها مبارك فى أيام حكمه خلال العدوان الإسرائيلى على غزة فى نهاية عام 2008.
التصعيد الأخير بدأ فى الثامن من الشهر الجارى بتوغل إسرائيلى داخل قطاع غزة، مما أثار تبادل إطلاق نيران تسبب فى مقتل صبى فلسطينى برصاص القوات الإسرائيلي، وتواصلت الهجمات من الجانبين حتى الثانى عشر من نوفمبر بعدها وافقت الفصائل الفلسطينية على هدنة وتراجع إطلاق الصواريخ من غزة بشكل كبير، إلا أن إسرائيل قامت بخرق الهدنة باغتيالها قائد كتائب القسام، أحمد الجعبرى.
واعتبرت أن البيان الذى أصدرته جماعة الإخوان المسلمين والذى دعت فيه الدول العربية وفى بدايتها مصر لقطع علاقاتها مع إسرائيل، يضع مرسى - الذى تعهد بالحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل - فى موقف صعب، فهو كان عضواً فى الجماعة التى طالما انتقدت الرئيس المخلوع لعدم اتخاذه مواقف قوية وحاسمة ضد إسرائيل، كما أن حركة حماس هى نفسها فصيل من جماعة الإخوان المسلمين وتتصل بها أيديولوجياً.
غير أن الباحث السياسى وعضو جماعة الإخوان المسلمين سابقاً، إبراهيم الهضيبى، أكد للصحيفة أن الجماعة لن تقوم بالضغط على رجلها مرسى من أجل الرد بقوة على الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، واصفاً رد مرسى والإخوان على العدوان على غزة بـ"المخزي".
وقالت إنه كلما طال عمر العدوان على غزة فإن وتيرة الغضب الشعبى الذى سيواجهه مرسى ستتصاعد، وفقاً لروبرت دانين، المحلل السياسى بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، فحتى لو رغب مرسى فى إجراء تحولات سياسية جريئة، فإن الخيارات المطروحة أمامه محدودة لأن تكلفة التحولات الجذرية ستكون باهظة للغاية.
ويقول دانين إنه بالنسبة لمصر فإن تكلفة اتخاذ مسار بديل ستكون باهظة للغاية، "نظراً لأن الأولوية هى ضمان حصول المصريين على السلع والخدمات التى يحتاجونها واستعادة مكانة مصر فى العالم".
وأضاف: "أعتقد أن الوقوف بجانب حماس، فى الوقت الحالي، بشكل كبير سيتسبب فى عزل مصر أو قد يضعها فى مواجهة مع الولايات المتحدة، وقد يشكل تحدياً لمصالحها الاستراتيجية فى تحقيق الاستقرار فى المنطقة".
وأكد أن مصر ليست مستعدة حالياً للقيام بذلك، فمرسى يواجه العديد من التحديات الداخلية مع تداعى الاقتصاد وتصاعد المطالب الشعبية بتحسين الخدمات الحكومية، ورفع الأجور، وإقامة بنية تحتية مناسبة.
وتابع قائلاً إنه فى الوقت الراهن فإن دعم حماس فى صراعها مع إسرائيل ليس على رأس قائمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، فهو "على مستوى الأيديولوجية، والخطابة، ولكن ليس على المستوى العملي، لأن الثمن سيكون مرتفعاً للغاية".
واعتبرت أن الأبرز فى العدوان الجارى هو تراجع وتيرة الخطابات الحماسية المعادية لإسرائيل من قبل قادة جماعة الإخوان المسلمين بعد صعودهم إلى السلطة عما كانت عليه فى عهد الرئيس المخلوع، فهم اليوم يتصارعون مع واقع السياسة الدولية والاقتصاد المصرى المتعثر.
من جانبهم، أكد عدد من المحللين للصحيفة أنه حتى إذا لم توجد معاهدة سلام، فإن مرسى لم يكن ليتخذ قرارًا بدعم غزة من خلال العمل العسكري، والذى قد يتسبب فى اندلاع الحرب مع إسرائيل.
المشهد