قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، إن الثورة التونسية فاجأت العالم فى الطريقة التى اندلعت بها، ولم يكن فى حسابات الغرب تأثر مصر بثورة تونس وإنما كان التصور تأثر ليبيا.
وأضاف هيكل، خلال حواره للإعلامية لميس الحديدى على قناة سى بى سى، أن دول الناتو كان لديها خطط لإسقاط النظام فى ليبيا منذ وقت مبكر رغم محاولة استرضاء القذافى لهم، والفاعل الحقيقى فى ليبيا كان حلف الناتو عبر العمليات العسكرية، وأطلق حلف الناتو على العمليات فى ليبيا اسم "الحماة المتحدون"، مشيرا إلى أن عمليات الناتو بدأت بذريعة حماية المدنيين فى ليبيا، مؤكداً أن هناك قوات برية خاصة دخلت إلى ليبيا عن طريق مصر أيام المجلس العسكرى.
وأضاف هيكل، أن فرنسا تحملت الجزء الأكبر من العمليات العسكرية، مشيرا إلى أن الأردن وقطر والإمارات شاركت فى العمليات العسكرية فى ليبيا، لافتا إلى أن الثورة فى ليبيا بدأت من بنغازى لبعدها عن العاصمة وقربها من مصر، موضحا أن ليبيا دولة قريبة العهد بالوحدة حيث كانت قبل ذلك ثلاثة مناطق رئيسية، وأن ما بدأ فى ليبيا كان تعاطفا مع ميدان التحرير فى مصر.
وقال، "إن خلخلة النظام الليبى بدأت فى جامعة الدول العربية، وبناء على اقتراح مجلس التعاون الخليجى، فحلف الأطلنطى عمل فى ليبيا بقرار من الجامعة العربية، وكان المبرر أخلاقياً وهو حماية المدنيين"، مؤكدا أن العرب جميعاً ساهموا فى منح الأطلنطى تفويضا بعمليات عسكرية فى ليبيا، مشيرا إلى أن القذافى تصرف بعنف كبير مع بدايات الثورة وأعطى ذريعة للآخرين للتدخل، فالدول المعنية تحركت سريعا ونزل الإنجليز إلى القبائل على الأرض.
وتابع هيكل: "إنه عندما نطلب التحالف مع الشيطان فهناك ورقة نوقعها ولا يعتد فيها بالضحايا، وكان من الاهتمام الرئيسى توفير غطاء سياسى للعمل العسكرى فساركوزى كان يتعجب من تأخر قرار الجامعة العربية".
وشدد هيكل على أن الربيع بدأ عربياً ولكن ما وصل إليه ليس عربياً، وهذا يثير الحزن، مشيراً إلى أن العالم العربى تحمل باقى تكاليف العمليات العسكرية فى ليبيا، مضيفا أنه تم توزيع الغنائم بين دول الناتو فى صورة توزيع حصص البترول، فالصراعات يقودها الأقوياء ويسمونها مصالح، ومع الضعفاء يسمونها موائمات.
وأشار هيكل إلى أن ثورة ليبيا فى الستينيات أثارت حيرة فقد كانت أقرب للبعث منها للتيار القومى، قائلا: "اقترحت أن يذهب محمود رياض إلى ليبيا عندما طلب الثوار فى ليبيا من عبد الناصر أن أذهب إليهم شخصيا، وقابلت القذافى لأول مرة فى بنغازى، وكان عاشقا لمصر، ونحن نتحدث عن رجل مثالى طلب الوحدة العربية، ورتب حلما للأمة مبنيا على خطاب عبد الناصر".
وعن شخصية القذافى، قال هيكل كأنه شخصية جاءت من الفضاء، فالزعماء لدى القذافى إما أبيض أو أسود، وكان شابا قبليا والصورة لديه طرزانية لحد ما، فقد استجاب القذافى لطلب عبد الناصر بشراء قاذفات ووفر الاعتمادات فورا، وأشرف مروان أخبرنى بغضب القذافى بسبب اكتشافه أن القاذفات مستعملة".
وتابع الكاتب الكبير، "القذافى تعرض لأمور كثيرة سببت له صدمات وكان فى حالة مرتبكة عقليا، والقذافى زارنى فى الأهرام وقرر منح مساعدات لمصر بقيمة 300 مليون جنيه إسترلينى لتشغيل المصانع.
واستكمل، "القذافى كان يرى فى نفسه الأولى بإرث عبد الناصر ولذلك لم يحب السادات، عندما نتحدث عن ليبيا فنحن أمام بلد حديث العهد بالوحدة والتيار الإسلامى المتشدد هو الغالب، ليس هناك سياسى أوروبى لم يأخذ أموالا من القذافى فى ليبيا".
وأضاف هيكل، "الوضع فى ليبيا يمثل خطرا شديدا على مصر بسبب تهريب السلاح وتصدير الإرهاب".
وأوضح هيكل، أن الشام منطقة ممتدة من تركيا إلى مصر، وعاشت طويلا كوحدة واحدة وسوريا خليط جغرافى وحضارى مختلف والخليط الإنسانى والثقافى فكرة أكثر منه واقع.
وعن الوضع فى سوريا، قال هيكل معركة إيران هامة جدا للصراع القادم فى الشرق الأقصى، والصين لديها أسباب استراتيجية تتعلق بالصراع على آسيا خلال السنوات القادمة، هناك عملية سلخ فى سوريا وسيسقط النظام عاجلا أو آجلا، وأمريكا وتركيا حصلتا على الغطاء السياسى العربى فى سوريا، وطلب قطر التدخل العسكرى فى سوريا لتصورها أنها تنشر الديمقراطية.
وتابع: "فى سوريا نحن أمام عملية ظلم وطغيان فى سوريا، فحافظ الأسد كان له موقف متشدد فى التفاوض حول الجولان، وفى عهد بشار الأسد حدث تحرك اقتصادى لكن الرخاء لا يعوض غياب الحرية والتوريث، وهناك أسرة تحتكر الثروة فى سوريا وفساد منتشر وحزب واحد يحكم، وعدم سقوط النظام السورى يرجع إلى ضعف المعارضة، وعدم القدرة على عمل عسكرى دولى وقلق تركيا من التحرك أكثر".
كما أكد هيكل، أنه لم يقابل الأسد الابن ولم يذهب لسوريا لمناهضة فكرة التوريث فى مصر، فالأمل الحقيقى فى المعارضة الموجودة داخل سوريا، والتى تحملت ظلم النظام، مضيفا كان يمكن لمرسى أن يطلب الحوار مع الأسد والمعارضة قبل الإدلاء بموقفه، وأقلقنى ما قاله فى السعودية عن ضرورة رحيل الأسد متبنيا الموقف الخليجى.
وأضاف هيكل، سوريا تشهد حربا أهلية والنتيجة صعوبة الحكم فيما بعد، ولا بد أن نعلم أنها المرتكز الآخر للأمن القومى المصرى، والأسد مسئول عن جزء من المجازر فى سوريا لأنها ليست مسئولية طرف واحد، فالطرفان فى سوريا غير قادرين على تحقيق الانتصار على الأرض.
وعن حزب الله قال هيكل: "إنه مشكلة كبيرة والشيخ حسن نصر الله يمثل ظاهرة مقاومة فى العالم العربى، ولا بد أن نسلم أن الجميع لديه مصالح، فإيران باستمرار تتطلع لدول البحر المتوسط، والشيخ نصر الله كان يمثل مقاومة أمام إسرائيل وهذه لم تعد موجودة وحسن نصر الله قومى عربى حقيقى، وحزب الله لديه قوة حقيقية ذاتيه، وأتوقع سقوط النظام السورى خلال ستة شهور والنظام سيتغير ببطء، ولا بد من تسهيل خروجه لنستعد ببديل آخر من الداخل".