من منطلق تسامح الأديان الذى تشهد به كل العصور الإسلامية فى مصر يوضح د. عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن القديسة كاترين ابنة كوستاس من عائلة نبيلة عاشت بالإسكندرية أيام حكم الإمبراطور الرومانى مكسيمانوس 305- 311م وتحولت للمسيحية فى ظل حكم وثنى ومن أجل أن ينتزعها الإمبراطور من المسيحية أصدر أوامره إلى خمسين حكيماً من حكماء عصره أن يناقشوها ويجادلوها فى سبيل دحض براهينها عن المسيحية إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل وجاءت النتائج عكسية لدرجة أن هؤلاء الحكماء ما لبثوا أن انضموا إلى صفوف المسيحية وحذا كثيرون حذوهم وكان من بينهم أقرب المقربين للإمبراطور من رجال البلاط فلجأ مكسيمانوس لتعذيبها وأمر أن تصنع عجلات يبرز منها مسامير ورؤوس سكاكين مدببة ليضعونها فيها ولم يؤثر هذا على إيمانها مما دفع أحد الجنود لقطع رأسها
ويوضح د. ريحان أن روايات رهبان دير سانت كاترين تشير إلى قصة ظهور جسمان القديسة كاترين بعد مضى خمسة قرون على استشهادها وأن الملائكة حملوا بقايا جسمانها ووضعوها فوق قمة جبل قرب الدير فصعد الرهبان للجبل ليجدوا بقايا الجسمان عند صخرة بهذا الجبل الذى سمى جبل سانت كاترين يرتفع 2642م فوق مستوى سطح البحر وقد نقلت حسب المعتقد الراسخ بين رهبان الدير من الإسكندرية إلى هذه الصخرة بواسطة الملائكة ثم نقل الرهبان رفات القديسة من الجبل للكنيسة الرئيسية بالدير ومنذ ذلك العهد أطلق على الدير اسم سانت كاترين وقد كان يطلق عليه دير طور سيناء ووضعت رفات القديسة فى صندوق ذهبى بمذبح الكنيسة
ويؤكد د. ريحان أن العصر الإسلامى شهد تكريماً لرفات القديسة كاترين وتشمل الرأس ويد واحدة وذلك تنفيذاً لعهد الأمان من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لرهبان الدير وكل مسيحى العالم المحفوظ بالدير وفيه أمان كامل للمسيحيين على أموالهم ومقدساتهم وأملاكهم وحريتهم الشخصية وحرية العقيدة وعدم التعدى على المقدسات المسيحية وحمايتها والمعاونة فى ترميمها والمعاملة الحسنة الطيبة للمسيحيين ودفع الأذى عنهم وحمايتهم وعهود الأمان المماثلة من الخلفاء المسلمين فى كل العصور الإسلامية لذلك ذاعت شهرة القديسة كاترين فى جميع أنحاء أوربا خصوصاً بعد أن حمل سمعان المترجم الذى يتحدث خمس لغات رفات القديسة إلى منطقة الرون وترينس بفرنسا وكتب فى العصر الفاطمى 386-410هـ ، 996-1019م فى القرن العاشر الميلادى كتابه (استشهاد القديسة كاترينا المنتصرة شهيدة المسيح المعظمة) وأصبح دير طور سيناء منذ ذلك الحين معروفاً للجميع كدير سانت كاترين وتدفقت المعونات على الدير من كل حدب وصوب وانتشر تكريم القديسة كاترين ورسمت صورها فى الشرق والغرب وأداة تعذيبها وهى عجلة التعذيب وما يزال بالدير حتى اليوم الكثير من صور القديسة يحيط بها مشاهد تمثل بعض أطوار حياتها واستشهادها حفظت طوال العصور الإسلامية وحتى الآن فى وقت حطمت الأيقونات المسيحية فى أوربا والعالم المسيحى فى الفترة من 726 إلى 843م
ويضيف د. ريحان أن رفات القديسة كاترين تحفظ الآن بدير سانت كاترين فى صندوق من المرمر أعد عام 1231م يوجد بمذبح الكنيسة الرئيسية " كنيسة التجلى" أما كف القديسة فقد وضع فى صندوق من الفضة الخالصة أهداه قياصرة روسيا للدير عام 1688م وكذلك فى العصر الإسلامى أصبح لدير سانت كاترين مقار سينائية متعددة تأسست فى جميع أنحاء العالم وأعطوها اسم القديسة كاترين منها المقر السينائى الهام فى مدينة هراقليون بكريت الذى تخرج منه عدد كبير من شخصيات الكنيسة الهامة ويحتفل يوم 5 نوفمبر من كل عام بعيد ميلاد القديسة كاترين