"آخر الشارع.. للسيدات فقط آخر الشارع".. سائق ميكروباص يتجول مناديا من أمام أحد محطات بنزين عباس العقاد بمدينة نصرـ ومجموعة من الشباب يرتدون "جواكت فسفورية" يجذبون الأنظار لعربة معلق عليها لافتات "مواصلات للسيدات فقط".
"مواصلات تحترم النساء".. فاعلية أطلقتها فاطمة بدر التى تبلغ من العمر 29 عاما، وهي مسؤولة المرأة فى حزب مصر القوية بأمانة مدينة نصر، حيث بدأتها اليوم الساعة الرابعة عصرا في بداية شارع عباس العقاد بمدينة نصر، حيث رأت معاناة الفتيات والسيدات اللائى يعانين من تدافع الرجال نحو سيارات الأجرة ووسائل النقل، دون الالتفات لهن، ما يسبب تلامسا يؤدى لمضايقة كثير من النساء، واستطردت قائلة "الفكرة عندى بقالها كتير وقررت أطرحها في أمانة الحزب وساعدونى أنى أنفذها كتجربة"، لم تكن تعلم أن الإقبال على السيارة سيكون بهذه الكمية بعد أن تمكنت هى وزملاؤها بالحزب من الاتفاق مع أحد السائقين ليشاركهم في ذلك اليوم، "لو هو بيركب الناس بنص جنيه للنفر أحنا بندفعله قده، يعنى كأنه بياخد أجرة واحدة مرتين"، مؤكدة على أن الفكرة هى تجربة أولية وليس لها أى اتجاه سياسي "كلنا شباب ومفيش حد فينا بيعمل الحاجة دي عشان يبقي غرضه أخونه البلد، الفكرة باختصار إننا مبقناش قدرين نستحمل المضايقات اللى بنتعرض لها طول اليوم من الرجالة اللى بتطلع وتتلزق في الستات".
السيدات تتهافت على الميكروباص مرددين "ياااه كان فين دا من زمان ياريت لو تعملوا في كل منطقة واحد زي دا"، كلام جانبي جمع بين السيدات الموجودات بالسيارة وعلامات البهجة تملأ وجههن بعد أن تأكدن من مصداقية الفكرة، فقالت أحد السيدات "لما بركب ميكروباص وأجى اقعد في الكنبة اللى ورا ويبقي فى اتنين رجالة كل واحد مصمم يقعد جنب الشباك وعاوزني أقعد في النص، لحد أمتى هنستحمل القرف اللي بنشوفه دا"، ووافقتها الرأى الشابة العشرينية "أنا ببقى راجعة من الكلية في وقت متأخر وببقى نفسي ألاقى موصلات على طول بس الرجالة بتسبق وتركب، وأفضل أنا وافقة مش لاقية حاجه أروح بيها"، استمرت السيدات فى الابتسام وتشجيع صاحبة الفاعلية، مؤكدين على ضرورة التفات الحكومة لتلك الفكرة التى ستكون السبب الأول في الحد من مشكلة التحرش ــ حسب قولهن ــ "يا رب يبقي في سواقين ستات"، كانت أحد الأراء المطروحة من السيدات لـ "فاطمة" حتى تنجح الفكرة وتتشعب وتكون أكثر أمان وسلامة للسيدات.
"أنت تبع أي حزب يابا، وقف البتاعة دي وتعالى أقف على أى جمب".. الفكرة الإيجابية لابد أن تواجهها بعض العوائق، فكان مسؤول السيرفيس المتابع للسائق معترضا على تعليق لافتات على السيارة، مؤكدا له "لو وقفت عند آخر الشارع هقطعهالك"، لم يفهم ذلك الرجل الثلاثينى الفكرة، وبدأت علامات الغضب ترتسم على ملامحه، مؤكدا أن السيارة ليست للسيدات وأصر على ركوب الرجال، استمرت المناقشات لعدة دقائق وبعدها انطلق الميكروباص مرة أخرى ليبدأ دورة جديدة للعودة مرة لاول شارع عباس العقاد والسيدات تركض خلفه لاستقلاله.
وأكد محمود عادل أحد أعضاء حزب مصر القوية، أن تلك الفكرة كانت من أول وعود الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، في خطة الـ 100 يوم لتطوير وسائل النقل، لكن مرت أكثر من 100 يوم على وعوده ولم يتم التنفيذ، حسب قوله، واستطرد قائلا "أحنا لاقينا البلد معملتش حاجه قررنا نعمل أحنا بنفسنا ومنعتمدش على حد"، وأضاف "حسن المواردي": "احنا كأمانة مدينة نصر قررنا ننزل ونشجع الناس عشان تعرف أن دا اللى لازم تبصله الحكومة وإنها لازم توفر مواصلات آدمية للسيدات، أنا مرضاش أن إمى أو أختى حد يتعرض لهم، كان لازم نعمل كدا رغم إن في ناس كتير عارضت إلا أن الابتسامة اللى على وشوشهم تكفى أننا نحس باللى عملناه".
لحظات واحتشد مجموعة من الرجال حول السيارة تنتابهم علامات الدهشة والاستغراب فقال أحدهم "لما تعملولنا مواصلة للستات فين المساواة اللى بتتكلموا عنها مش كفاية عليكم عربيتن فالمترو"، ووافقه الرأى رجل آخر "دى إهانة للمرأة وعنصرية، يعنى أنا لما أحب أروح أنا ومراتى وعيالى أركب أنا ميكروباص وهى تركب واحد تانى"، بينما لاقت الفكرة استحسان بعض الرجال فكانت الردود أبرزها "الفكرة عظيمة أنا اطمن على مراتى لو اتطبقت الفكرة وابقى عارف إن محدش هيلمسها ولا يبص عليها وهى بتطلع وتنزل، استمروا ربنا معاكم"، ووافقه الرجل الثلاثينى ــ عربي الجنسية ــ "فكرة عظيمة وأسلوب متحضر وبه احترام للمرأة المصرية كما فعلت المملكة العربية السعودية، وأتمنى أن تستمر تلك الفكرة".