التاريخ الحديث لمصر يحتفظ لمدينة السويس بركن خاص، مضيء ولامع، رغم الدماء التي تسيل على أطرافه. قبل سنتين عندما اندلعت شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير، وبينما تدور الاشتباكات في الإسكندرية والقاهرة بين شرطة غاشمة متوحشة، ومتظاهرين عُزّل قرروا المطالبة بحقوقهم بعد صمت دام طويلا، إذ بمدينة السويس تشتعل بما يليق بمكانتها، حتى إذا شارف اليوم على الانتهاء، جادت بأول شهيد في الثورة المصرية، مصطفى رجب، والذي صار دمه وقودًا للصراع الذي استمر في السويس لليومين التاليين رغم هدوء الأجواء في المدن الأخرى، حتى تغيرت الأمور في جمعة "الغضب".
بعد سنتين، عندما اندلعت شرارة المواجهات الجديدة، في الذكرى الثانية لثورة الخامس والعشرين من يناير، وبينما تدور الاشتباكات في القاهرة والإسكندرية والعديد من المحافظات الأخرى، بحثًا عن حقوق ضائعة، وقصاص لم يحدث، مرة أخرى تقدم السويس ليس شهيدا واحدا هذه المرة بل 6 شهداء، كان أولهم وليد سيد حسن، الذي صرّحت وزارة الصحة بأنه مات نتيجة الإصابة بطلقات نارية وخرطوش.
السويس، المدينة التي تسارع لتقديم الشهداء، لا تزال تسارع ولا تزال تبحث عن القصاص، ولا يزال التاريخ يكشف دروسه لمن يريد أن يتعلم، لكن أحدًا، على ما يبدو، لا يتعظ.