"حسنى مبارك والمشير طنطاوى والدكتور محمد مرسى" 3 رؤساء فى ذاكرة الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى المستقيل، عاصرهم فى أشد فترات مصر التاريخية، اضطراباً، وكان لقدرته على التعامل معهم، ومهارته فى الإقناع، سبباً لاستمراره فى المنصب الأرفع فى القطاع المصرفى المصرى، لمدة 9 سنوات، ليكون أطول محافظى البنك المركزى بقاءً فى منصبه.
بعد ساعات قليلة من تكريمه من قبل رفاق رحلته، فى البنك المركزى واتحاد بنوك مصر والبنوك المصرية، يسافر الدكتور فاروق العقدة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لينقل محل إقامته هو وعائلته إلى هناك، ليعيش على أرض أكثر دول العالم تأثيرًا فى السياسة الدولية، ويعتزل العمل العام، وسط إصراره الشديد على عدم تولى أية مناصب سياسية أو استشارية بعد تركه منصب محافظ البنك المركزى.
وقال الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المنتهية ولايته طبقًا للدستور الجديد، فى تصريحات خاصة سابقة لـ"اليوم السابع"، إنه سوف يعتزل العمل العام، نظراً لمتاعب صحية وسوف يخلد إلى الراحة بجوار عائلته بعد أن بلغ من العمر 67 عاماً، بعد نحو 45 عاماً، فى العمل العام متنقلا بين المناصب الجامعية والأكاديمية والخبرات العملية فى البنوك الدولة والعامة والبنك المركزى.
الدكتور فاروق العقدة، يحمل الجنسية الأمريكية، وينتقل من حصانة المنصب السياسى الاقتصادى الرقابى فى البنك المركزى المصرى، وهو الهيئة المستقلة فى الدستور الجديد، إلى "الحصانة الأمريكية" هو وعائلته، كما يعتقد ويردد البعض.. بعد أن أصبح المسئول فى مصر، عرضة لحملات التشكيك والتخوين والبلاغات، خلال فترة توليه منصبه، وبعد أن يترك العمل العام تزداد سهام الهجوم والتخوين والبلاغات، وهى بيئة تدفع المسئول إلى التفكير أكثر من مرة فى قبول المناصب فى مصر، وتزيد الأيد المرتعشة، عجزًا فى القدرة على اتخاذ القرار تحسباً للمسائلة القانونية اللاحقة فى ظل مناخ سائد فى مصر هذه الأيام "يعشق التشكيك والتخوين" وفوضى تجتاح كافة مناحى الحياة فى مصر.
تظل صورة المؤسسة الرقابية الاقتصادية الأولى فى مصر، وهى البنك المركزى، المسئولة عن جهاز يمثل عصب الاقتصاد وعموده الفقرى، أمام الجهات الدولية مصدرًا هاماً، للحفاظ على أهم الأجهزة المصرية الصامدة فى وجه الاضطرابات السياسية، ومصدر إمداد الأموال لمشروعات مصر، ويظل تأكيد دول العالم على استقلالية البنك المركزى، أهم الحصانات التى يتمتع بها منصب محافظ البنك خلال فترة توليه المسئولية أو خروجه من المنصب.
تبقى دلالة إطلاق الموقع الجديد للبنك المركزى المصرى، آخر بصمات فاروق العقدة، التى وضعها يوم الثلاثاء الماضى، ويظل توقيعه على العملة المصرية من فئة الـ200 جنيه التى تتصدر الصفحة الرئيسية للموقع الجديد، إصراراً من الرجل على التأكيد على أنه قام بدور هام فى صياغة وتنفيذ السياسة النقدية فى مصر خلال 9 سنوات، فى منصب المحافظ، وصدرت فى عهده فئة البنكنوت الأعلى فى فئات النقد المصرية المتداولة حتى الآن، و"بصمة الوداع" للرجل فى الجهاز المصرفى المصرى قبل الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد 9 سنوات قضاها فى أرفع المناصب فى الجهاز المصرفى، أنهى الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى، أمس الخميس، مهام عمله بالبنك، بعد 7 أشهر من تولى الدكتور محمد مرسى، رئاسة الجمهورية، وقبول الأخير للاستقالة التى تقدم بها "العقدة"، وسيتولى هشام رامز، مهام منصبه كمحافظ للبنك المركزى خلفاً لـ"العقدة"، يوم الأحد القادم.
وتعد مقابلة الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، للدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى المستقيل، أمس الخميس، للتأكيد على مبدأ التكريم لهذه الشخصيات، وجه خلالها رئيس مجلس الوزراء الشكر للدكتور فاروق العقدة على مدة عمله كمحافظ للبنك المركزى، وذلك نظرًا لانتهاء فترة عمله بالبنك المركزى.
ويبقى فى ذهن محافظ البنك المركزى المستقيل وأمام المجتمع المحلى والدولى، صورة السابقة التاريخية، التى جمعت الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى السابق، وهشام رامز، محافظ البنك المركزى الجديد، فى مؤتمر صحفى للقيام بمراسم تسليم وتسلم مهام المنصب، فى مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، للتأكيد على عدة معانى سامية يحملها هذا المشهد وللتأكيد على صورة البنك المركزى أمام العالم.
وخلال حفل تكريم أقيم يوم الأربعاء، فى أحد فنادق القاهرة الكبرى، كان التكريم من رفاق الدرب، وودَّعت قيادات البنك المركزى واتحاد البنوك ورؤساء المصارف العامة والخاصة، الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى المستقيل، الذى قدم خلال كلمته بالحفل، الشكر لكل من عمل معهم فى القطاع المصرفى، وحضر طارق عامر، رئيس البنك الأهلى المصرى المستقيل، ولبنى هلال، نائب محافظ "المركزى" المستقيل.
وحضر حفل التكريم، الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى المستقيل، وهشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى الجديد، وطارق عامر، رئيس البنك الأهلى المصرى المستقيل، وهشام عز العرب، رئيس البنك التجارى الدولى، ومحمد الديب، رئيس البنك الأهلى سوسيتيه جنرال، وفتحى السباعى، رئيس بنك التعمير والإسكان، ومحمد الإتربى، العضو المنتدب للبنك المصرى الخليجى، وهانى سيف النصر، رئيس بنك الاستثمار العربى، وجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، ولبنى هلال، نائب محافظ البنك المركزى المستقيل، والدكتورة رانيا المشاط، وكيل محافظ البنك المركزى لشئون السياسة النقدية، ولفيف من الشخصيات المصرفية البارزة.
وتولى "العقدة"، منصب محافظ البنك المركزى، منذ ديسمبر 2003، خلفًا للدكتور محمود أبو العيون، وينص قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 والصادر عام 2003 فى المادة العاشرة منه: "يكون للبنك المركزى محافظ يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، ويتضمن القرار معاملته المالية، ويعامل المحافظ من حيث المعاش معاملة الوزير، ويكون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية".
وتبلغ المدة القانونية للمنصب، ومجلس "المركزى" المكون من 9 أعضاء، بعد التعديلات التى أدخلت على قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، رقم 88 لسنة 2003، 4 سنوات، قابلة للتجديد، ويعد فاروق العقدة أطول محافظ البنك المركزى المصرى بقاءً فى منصبه لمدة تزيد على 9 سنوات.