إذا كنت قوي الملاحظة فسوف تلمح إمضاءه على كل ورقة مالية بحافظة نقودك منذ عام 2003، وإن لم تلاحظ اسمه فبالتأكيد تطرق إالى مسامعك اسمه الذي ظل يتردد دائما، اما بوصفه بالمصرفي الفذ أو بإتهامه بجعل أموال مصر ما هي إلا خزينة أموال خاصة لعائلة مبارك.
قد تكون قرأت عن أخبار تقديمه للإستقالة عدة مرات ومابين تأكيد ونفي، تجد أنه نفس الشخص الذي رُشح اسمه لمناصب سيادية عديدة كمنصب رئاسة الوزراء، إنه صاحب أشهر توقيع في مصر أو كما يطلق عليه معارضيه حارس خزينة أموال النظام السابق والصندوق المالي الأسود.. إنه فاروق العقدة محافظ البنك المركزي.
لم يدخل فاروق العقدة دائرة الجدل بقيام الثورة وإستمراره في عمله على الرغم مما شابه من أحاديث وعلى الرغم من إرتفاع الصيحات المطالبة بعزله، لكنه دخلها منذ أول يوم خطت قدمه للمنصب الجديد في ديسمبر عام 2003، وخاصة أن فترة ظهور العقدة كانت متزامنة مع إختمار خطة التوريث التي لولا القدر لكانت أمر مفعولا ً.
ومع تولي العقدة لرئاسة البنك المركزي، بدأ الحديث حول علاقة الصداقة التي تربط العقدة بمبارك الإبن والتي ترجع لفترة عملهم سويا ً في بنك أوف نيويورك في أواخر القرن المنصرم، وبفضل ما قام به العقدة من تبني لجمال مبارك مصرفيا ً حتى وصل جمال لمنصب رئيس فرع.
فأرجح البعض أن بعودة العقدة إلى مصر بدأ مبارك الإبن في رد الجميل و الذي بدأ بتعين العقدة رئيس للبنك الأهلي المصري، كما رويت قصص أخرى حول الصفقات التي كان كلاً من الحكومة المصرية والعقدة كنائب رئيس بنك أوف نيويورك للشرق الأوسط طرفين فيها وما حصده الإثنين من مكاسب منها، لكن تظل كل هذه الإتهامات مجرد إتهامات لم تُثبت أو تنُفى، حتى جاء الوقت ووقع الرئيس السابق على تلك الورقة التي جعلت من العقدة على رأس الجهاز المصرفي المصري.
مثله كمثل أصحاب المناصب في العهد البائد كان الدكتور العقدة يحمل كارنيه الحزب الوطني الديمقراطي، وظل عضو بالحزب حتى قامت الثورة، والتي بقيامها بدأت الموجة الثانية من الإتهامات في حق المحافظ العقدة التي طالت فترة عمله في ظل النظام السابق، والإشارة لعمليات غسيل الأموال كانت تتم داخل البنوك المصرية لحد جعل البعض يصف أن مصر كانت عائمة على غسيل الأموال في تلك الفترة، كما أن الحديث حول الغموض الذي يكتنف مرتبات ذوي المناصب المصرفية الحكومية العليا لازالت أصدائه لم تهدأ بعد.
كما طال الإتهام ايضا فترة عمله فيما بعد الثورة، حيث أن ثروة الرئيس السابق ونظامه بأكمله كانت الشغل الشاغل للمصريين في ذلك الوقت، ومع تردد الأنباء حول تهريب هذه الأموال للخارج بدأت أصابع الإتهام تُشير نحو العقدة حتى أنه تم تقديم بلاغ ضده لعدم وقفه لعمليات تهريب الأموال التي حدثت، والمطالبة بعزله من منصبه وإن تردد أنه لا يجوز عزله من منصبه طبقاً للأعراف المصرفية في العديد من الدول والتي تعطي محافظ البنك المركزي حصانة من العزل من منصبه.
وعلى الرغم من كل هذه الإتهامات إلا أن الكثير لا يستطيعوا إنكار دور "العقدة" كمصرفي استطاع أن يحقق فارق في الإقتصاد الوطني مدللين على ذلك بأنه استطاع أن يقلل الفارق بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي حتى وإن كان فرق قليل، كما أكد البعض أن لولا خططه الإقتصادية لواجه بعض البنوك المصرية خطر الإفلاس، ليس هذا فقط فلقد قامت جمعية مواطنون ضد الغلاء بإعطاءه لقب محامي الشعب لتصديه لمحاولة بيع بعض البنوك المصرية.
وينسب إلى فاروق العقدة نجاح مصر في المرور من الازمة المالية العالمية في عام 2008 دون خسائر ملحوظة في قطاع البنوك، رغم الانهيار البنكي في عدد من دول العالم.
كما نجحت السياسات النقدية لمصر مؤخرًا - طبقًأ لعدد من المراقبين - في الحيلولة دون انهيار النظام الاقتصادي المصري بين أزمة تراجع الاحتياطي النقدي بسبب انخفاض الايرادات من السياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج، وبين تراجع قيمة الجنيه المصري امام العملات الأجنبية ودفاع البنك المركزي المستميت - وحتي وقت قريب - عن قيمتة العملة المحلية.
قد يكون هذا الأمر هو ما جعل المجلس العسكري يمدد له بعد الثورة اربعة سنوات أخرى، ليس هذا فقط فلقد تردد أسمه وأرتفع أسهمه في بورصة المرشحين وبقوة لخلافة رئيس الوزراء السابق الجنزوري، وذلك بعد تولي الرئيس مرسي رئاسة الجمهورية وهي نفس الفترة التي قدم فيها العقدة استقالته لأسباب صحية كما قال.
لكنه لم يصبح رئيس للجمهورية وكذلك لم يوافق له على طلب الإستقالة، وتمر الشهور وتردد الأنباء بقوة عن إعراب العقدة عن رغبته الشديدة للرئيس مرسي في ترك المنصب بنهاية ديسمبر الحالي، لتخرج شائعة بالإستقالة تزامنت مع لقاء جمع بين الرئيس مرسي والعقدة، لتنُفى الشائعة ويؤكد مصدر بقاءه في منصبه وأن اللقاء كان للنقاش حول بعض الأمور التي تخص إقتصاد مصر وأشياء تخص قرض الصندوق الدولي