لو قرأت يومًا للفيلسوف البلجيكي ''سيجر دي برابانت''، الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، ستكتشف أن لهذا الرجل حينئذ جملة هامة دافع بها ضد من حاولوا الفتك به في عصور الظلام في أوروبا..
في الأيام السابقة على تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، لفتت انتباهي لافتة كبيرة وضعها صاحب أحد المحال الواقعة على كورنيش النيل بمنطقة ماسبيرو.
كانت هناك جملة مدونة على اللافتة استوقفتني لبضع ثواني.. ''إخوان ميكافيللي''.
وتسائلت في نفسي ماذا فعل الإخوان حتى يربط مثل صاحب هذا المحل بينهم وبين ميكافيللي، صاحب جملة ''الغاية تبرر الوسيلة''، مؤلف كتاب الأمير، الذي يضم في صفحاته كيفية التمكين من الإمارة المطلقة على الشعوب.
وبحثًا عن إجابة لسؤالي أخذت أقلب في أفكار ميكافيللي وفلسفته من خلال بعض جمله، وأخذني التفكير أيضًا لرحلة جماعة الإخوان المضطهدة من النظام السابق بعد ثورة يناير التي حررتها من لقب ''المحظورة''، فجاءت أفكاري بهذا الشكل:
يقول ميكافيللي: ''ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة''.
ويقول البعض: ''إن الإخوان الذين رفعوا شعار الإسلام هو الحل، هم من سمح أحد قادتهم فور توليه رئاسة الجمهورية بمرور بارجة حربية صينية عبر قناة السويس كانت في اتجاهها لسواحل سوريا لمساندة نظام يخير الثائرون هناك ما بين الدعوة بألوهية بشار أو القتل، رغم أن الإخوان أول من ثاروا ضد مبارك حين سمح لبارجة أمريكية المرور عبر القناة لضرب العراق''.
يقول ميكافيللي: ''الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة، بحيث يمكن للحكومة السيطرة على الناس''.
ويقول البعض: ''استخدمت التيارات الإسلامية بما فيها جماعة الإخوان الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية البرلمانية والرئاسية لخدمة تمكينهم من السلطة، لا لإصلاح الناس وشئونهم''.
يقول ميكافيللي: ''حبي لنفسي دون حبي لبلادي''.
ويقول البعض: ''الإخوان لا يطلبون السلطة لخدمة بلادهم، لكنهم يطلبونها لخدمة جماعتهم، وقطع الكهرباء، والوعود بإعمار غزة، وفتح المعابر في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من الانفلات الأمني، ويعاني فيه المصريون من العشوائيات وضيق الرزق لخير دليل على أن ليس الهدف صالح الوطن وإصلاح شأنه''.
يقول ميكافيللي: ''الغاية تبرر الوسيلة''.
ويقول البعض: ''قال الإخوان أنهم لن يشاركوا في ثورة يناير، وعندما سنحت الفرصة، شاركوا لكسب الغنائم، وأعلنوا أن كرسي الحكم ليس من اهتماماتهم ورشحوا رئيسًا منهم للجمهورية، وأقسم الرئيس باحترام القضاء وأحكامه وكان أول من خرق القسم''.
الحق.. أن عقلي حار بين أقوال ميكافيللي وأقوال هؤلاء، لكنه تيقن أن سيجر دي برابانت كان رائعًا حينما رد على من أرادوا الفتك به لنقده لهم، فقال: ''إنما أنا شارح وناقل لما يقوله الآخرون''.
وأنا أيضًا لست إلا مجرد ناقل لقولهم بأنكم ..