أكد المثقفون ان الدستور الذي سيطرح للاستفتاء آخر شهر سبتمبر الجاري سيكون معيب، ولن يعبر عن الشعب المصري بكافة طوائفه قدر ما سيعبر عن حزب الحرية والعدالة، مؤكدين أن اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور معيبة وباطلة على حد قولهم، ومن ثم ما ينتج عنها باطل ومرفوض، جاء ذلك أثناء مشاركة المثقفين في الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الشورى التي جاءت تحت شعار "دستور لكل المصريين" اليوم ونظمتها اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير والإبداع.
رفع المثقفون صور كبار مفكري وفناني وكتاب مصر، ورددوا هتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين، ورفعوا لافتات تطالب الرئيس مرسي بضرورة إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، وأبرز الهتافات التي رددوها كانت "يا دستور عايزين مساواة..الأديان كلها لله"، "يا زغلول ويا هدى شعراوي ..الدستور في جراب الحاوي"، "مش عايزين دولة دينية المواطنة مش الطائفية".
من جانبه قال رئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي لـ"محيط" أن الوقفة جاءت اعتراضاً على عدم مشاركة الشعب في كتابة الدستور، ومن ثم سيخرج لا يعبر عنه، لافتاً إلى أن واجب السلطة الحالية أن تلبي رغبات الرافضين للوضع الحالي في التأسيسية، ولابد لمرسي أن يأخذ في الحسبان مطالب المثقفين والأدباء، وأصحاب الرأي، وتابع قائلاً أن الدستور يُكتب بالتوافق ولابد من معرفة ما يحدث في الغرف المغلقة في الجمعية التأسيسية وأن يخرج كل شيء للنور. ولفت الكاتب الكبير إلى أنه تم تجاهل اتحاد كتاب مصر في تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
قالت الكاتبة سهير المصادفة لـ"محيط" أنها تشارك في هذه الوقفة لضمان أن يضع دستور مصر كل الشعب المصري وطوائفه، وأن يضعه ممثلي كافة منابع تكوين الهوية المصرية، وأكدت المصادفة أنها بشكل شخصي شاركت لمعرفتها أنه يجب أن تكون لجنة الدستور مكونة من كافة طوائف الشعب المصري، 50% نساء و50% ذكور، وعلى المرأة أن تحمي حرياتها ومكتسباتها من أوائل القرن الـ19. وأكدت المصادفة أنه يجب ان يعاد مرة أخرى تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور لتمثل المرأة المعيلة.
قال الروائى محمود الوردانى لـ"محيط" أنه شارك في الوقفة احتجاجاً على اللجنة التأسيسية للدستور، مشيراً إلى أن استمرار استخدام التيارات الإسلامية لأغلبيتها فى فرض مناخ إقصائى سيقود بلادنا إلى كارثة، مؤكدا الدستور ليس لعبة ليتم كتابته من خلال اتجاه واحد، وتوقع أن يخرج دستور معيب لا يمثل المصريين.
وندد المثقفون في وقفتهم بلجوء الرئيس مرسي للاقتراض من صندوق النقد الدولي، كما هتفوا ضد بعض رجال جماعة الإخوان المسلمين فقالوا "لا للقرض وللصندوق"، "لن يحكمنا القرض الدولي"، "الشاطر مستفز زي أحمد عز"، "قولوا للشاطر مش تكية مصر دولة مدنية"، "ياللي سرقتوا التأسيسية مصر دولة مدنية"، "قوم يا مصري يالا قوم..باقي كام على الـ100 يوم"،"الشباب عملوها والإخوان سرقوها"، "يعني ايه دستور إخوان..يعني مصر تبقى إيران"، "دستور للجميع مش الجماعة".
قال نبيل عبد الفتاح، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات لـ"محيط" أن هناك خوفًا من إعداد دستور يعكس الخلل السياسي الذي نعيشه، ولا يعكس التوافق المجتمعي المطلوب، لافتاً إلى أن مشاركته في الوقفة جاءت في محاولة لإنقاذ الإخوان والسلفيين من إحساسهم الغامر بالانتصار والمغالبة، ورغبتهم في السيطرة على الدولة والمجتمع معاً. وأضاف أن هذا الدستور إذا استمر على هذا النحو من الركاكة والقيود والتناقضات سيكون دستوراً انتقالياً بامتياز ولن يعبر عن المجتمع المصري.
قال الكاتب والأديب بهاء طاهر، رئيس لجنة الدفاع عن حرية التعبير لـ"محيط": "نرفض ما يقوم به أعضاء التأسيسية من تعديلات دستورية، ونخشى دستورًا أسوأ مما كان".
من جانبه قال الدكتور عمار علي حسن، الباحث السياسي لـ"محيط" أن الثورة نادت بالحرية متمثلة في حرية الفكر والإبداع والتعبير، إلا أنهم يواجهون إجراءات تعسفية لوأد المكاسب البسيطة التي خرج الشعب لأجلها، مؤكدًا أن الدستور يواجه عملية "تدليس" مثلما كان يحدث في نظام مبارك.
وتساءل كيف لا تضم اللجنة مستشارين مثل إبراهيم درويش الذي شارك في وضع دستور تركيا، مؤكداً ان ما يحدث في لجان الاستماع أشبه بلجان العلاقات العامة، فلا استماع للرأي او الأخذ به، مؤكداً ان لديه معلومات تشير إلى ان هناك تصور جاهز ومتكامل وتم إرساله إلى بعض القانونيين للنظر به. وأكد ان وقفة اليوم جاءت من أجل أن تسمع اللجنة التأسيسية صوت المثقفين وليدركوا جيداً أن الشعب المصري لن يتنازل عن حقه في الحرية التي انتزعها من حسني مبارك.
وأكد حسن على أن حرية الصحافة ليست حرية للصحفيين فقط، بل هي حرية للمجتمع بأكمله لأنها تكشف الفساد وتدعو لعلاجه، وأكد انه في ظل حكم الإخوان هناك خوف على الحريات العامة نتيجة بعض المماراست والتصريحات التي خرجت من الجاعة حيث يعتبرون النقد تجريح والمعارضة خيانة.
الكاتب والروائي رئيس تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" حمدي أبو جليل أوضح لـ"محيط" أن لجنة لوضع الدستور تضم ياسر برهامي، الذي يهاجم ويحض على كره المسيحيين وبغضهم لابد أن نتوقع أن تخرج بدستور معيب، قائلاً أنه من العجيب وجود حوالي 39 داعية في اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، منضمين بصفوتهم الدعوية لم يتم انتخابهم ولم يعرف عنهم شوى الفتاوى الغريبة التي تأتي من خارج الزمن.
وتابع قائلاً أن هؤلاء الدعاة لا يشغلهم ملفات التعليم والصحة والصناعة، لكن كل ما يشغلهم هو فرض قيود على الشعب وتكبيله بعد ثورة عظيمة.
الشاعر الكيبر جمال بخيت قال لـ"محيط" أن مصر تحتاج إلى دستور يعيد بناءها، ويكون ملزاً لمن يحكم مصر حتى لا نعيد إنتاج مبارك جديد، مؤكداً على رفضه للجنة التأسيسية للدستور، وما ينتج عنها من دستور.
الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد قال لـ"محيط" أنه يشارك في هذه الوقفة لأن هناك عصابة تدعي لنفسها حق كتابة الدستور وهي لجنة لا تمثل الشعب، لافتاً إلى ان نسبة انتخاب المصريين لمجلس الشورى بلغت 3% فقط، رغم ان وضع الدستور يجب أن يتم بشكل توافقي بين طوائف الأمة ولا تكتبه الأغلبية.
وأشار الشاعر إلى أن وقفة اليوم ليست الأولى فتحت نفس العنوان تم تنظيم وقفة يوم 10 إبريل الماضي في ميدان طلعت حرب، واليوم وقع اختيارنا على التظاهر أمام مجلس الشورى من أجل محاصرتهم وان يفهموا أن اللجنة التأسيسية لا تمثل الشعب.
وأكد فؤاد أن الدستور الذي يخرج عن هذه اللجنة "باطل" و"مسروق"، ولا يمقل الشعب المصري، فكسف يكتب السلفيون دستور مصر؟.
الفنان محمد عبلة قال لـ"محيط" أنه يشارك في هذه الوقفة للتعبير عن ان الدستور لابد ان يكتبه المصريون، وأن يعبر عنهم، مؤكداً ان الدستور الذي تضعه الأغلبية ينفجر من داخله.