أكدت مذكرة طعن النيابة العامة بالنقض على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بجلسة 2012/10/10 ببراءة المتهمين بقتل المتظاهرين يومى 2 و3 فبراير 2011 المعروفة إعلامياً بـ«موقعة الجمل»، والمتهم فيها 25 من رموز النظام السابق، أن الحكم استند فى إطراح أقوال شهود الإثبات على عبارات مجملة لا يبين منها إلمامه بهذا الدليل وكيفية وقوف هيئة المحكمة على الصورة التى حدثت بها تلك الإصابات والتى أيدتها التقارير الفنية، وأن الحكم لم يتعرض لدلالة ما خلصت إليه تحريات الشرطة ومصلحة الأمن العام معززة لأقوال شهود الإثبات، وأن المحكمة لم تكشف رأيها فى تلك التحريات، كما لم يعن الحكم ببيان مضمون تقرير لجنة تقصى الحقائق والمجلس القومى لحقوق الإنسان، ولم يبين الحكم مضمون تقارير الصفة التشريحية للمجنى عليهم المتوفين أو التقارير الخاصة بالمصابين، ودلالة ما قرره القائمون بإعداد تلك التقارير من أن إصابات المجنى عليهم جائزة الحدوث من مثل تصوير شهود الإثبات لكيفية حدوث تلك الإصابات وفى توقيت معاصر لتاريخ الواقعة ما يجعل الحكم مشوباً بالقصور فى التسبيب.
وقالت النيابة فى المذكرة الموقعة من المحامى العام بالمكتب الفنى للنائب العام المستشار محمود الحفناوى، التى تبلغ عدد صفحاتها 18 ورقة، إن التهمة التى رفعت بها الدعوى هى أن المطعون ضدهم تلاقت إرادتهم واتحدت نيتهم من خلال اتصالات هاتفية جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين بميدان التحرير وتوافقوا على الاعتداء على حرياتهم الشخصية والعامة ولو اقتضى ذلك قتلهم وإحداث إصابات، وتنفيذا لهذا الغرض الإرهابى نظموا وأداروا عصابات وجماعات إرهابية مؤلفة من مجهولين من الخارجين على القانون والبلطجية وأمدوهم بأسلحة وآلات ودواب وحرضوهم على الاعتداء على المتظاهرين وقادوهم إلى ميدان التحرير واعتدوا على المتظاهرين يؤازرهم المطعون ضدهم، وأن الآخرين اشتركوا مع مجهولين فى قتل والشروع فى قتل المجنى عليهم المبينة أسماؤهم بأمر الإحالة، وأن المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 فى شأن التجمهر حددت شروط التجمهر بأن يكون مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل بغرض ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات فى أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ومناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين فى المسؤولية هو ثبوت علمهم بهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء جمعتهم، وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التى ارتكبت وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير العادى للأمور، وبذلك فإن معيار المسؤولية وتحمل العقوبة هو العلم بالغرض من التجمهر واتجاه الإرادة إلى تحقيق هذا الغرض، وكل ذلك باعتبار أن الأصل فى الشريك أنه شريك فى الجريمة وليس شريكاً مع فاعلها يستمد صفته هذه من فعل الاشتراك ذاته المؤثم قانوناً، كما أن المادة الرابعة من ذات القانون نصت على أن مدبرى التجمهر مسؤولون جنائياً عن كل فعل يرتكبه أى شخص من هؤلاء الأشخاص فى سبيل الغرض المقصود من التجمهر ولو لم يكونوا حاضرين فى التجمهر أو ابتعدوا عنه قبل ارتكاب الفعل.
ولما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة وهى تفصل فى الدعوى أن تتقيد بالواقعة فى نطاقها المرسوم فى وصف التهمة المحال عليها بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، وكانت جريمة تنظيم وإدارة عصابات وجماعات إرهابية مؤلفة من خارجين على القانون بغرض ارتكاب جرائم قتل وشروع فى قتل المتظاهرين تكون من جهة أخرى جريمة تدبير تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جريمة وهى قائمة على ذات الفعل الذى كان محلاً للاتهام بذلك الوصف الآخر، فقد كان يتعين على المحكمة قياماً بواجبها فى تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها أن تضفى على الواقعة الوصف الصحيح وهو تدبير تجمهر بغرض ارتكاب جريمة، أما وأنها لم تفعل وقضت بالبراءة فى الواقعة المطروحة عليها برمتها تأسيساً على خلو الأوراق من دليل على توافر أية صورة من صور الاشتراك فى الجرائم المسندة إلى المطعون ضدهم، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون خطأ حجبها عن تقدير أدلة الدعوى فى شأن توافر جريمة تدبير التجمهر، وأثر ذلك فى مسؤولية المطعون ضدهم جنائياً عن كل الأفعال المرتكبة ولو لم يكونوا حاضرين فى التجمهر أو ابتعدوا عنه قبل ارتكاب هذه الأفعال مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه.
ولما كان هذا الخطأ حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإحالة.
وأضافت المذكرة: «المقرر أيضاً أنه لا يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ذلك أن التجمع وإن كان برئياً عند بدء تكوينه إلا أنه قد يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامى الذى يهدفون إليه مع علمهم بذلك والمقرر أيضا أنه للعقاب بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر يكفى أن يكون التجمهر بقصد ارتكاب جريمة من الجرائم وأن يكون المشتركون فيه عالمين بذلك فلا يلزم إذن أن يكون التجمهر من شأن تكدير السلم أو أن يكون قد صدر للمتجمهرين أمر بالتفرق ولم يتفرقوا.
إذا كان الغرض من التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل ارتكاب جريمة ما أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو إذا كان الغرض منه التأثير على السلطات فى أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل سواء كان ذلك التأثير أو الحرمان باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها فكل شخص من المتجمهرين اشترك فى التجمهر وهو عالم بالغرض منه أو علم بهذا الغرض ولم يبتعد عنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيها وتكون العقوبة الحبس الذى لا تزيد مدته عن سنتين أو الغرامة التى لا تجاوز خمسين جنيهاً مصرياً ما لم يكن حاملاً سلاحاً أو آلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة». كما أن المادة 1/3 مكرراً من ذات القانون قد جرى نصها على أن «يرفع إلى الضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة لأية جريمة إذا كان مرتكبها أحد المتجمهرين المنصوص عليهم فى المادتين الأولى والثانية على ألا تجاوز مدة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن عشرين سنة».
كما أن المادة 4 من ذات القانون قد جرى نصها على أن «يعاقب مدبرو التجمهر الذى يقع تحت حكم المادة الثانية من هذا القانون بنفس العقوبات التى يعاقب بها الأشخاص الداخلون فى التجمهر ويكونون مسؤولين جنائيا عن كل فعل يرتكبه أى شخص من هؤلاء الأشخاص فى سبيل الغرض المقصود من التجمهر ولو لم يكونوا حاضرين فى التجمهر أو ابتعدوا عنه قبل ارتكاب الفعل.
وورد بالمذكرة: «وفقاً لقضاء النقض يكفى أن يتشكك القاضى فى ثبوت التهمة ليقضى للمتهم بالبراءة شرط أن تكون المحكمة أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة، وألم القاضى بأدلتها وخلا حكمه من الخطأ فى تطبيق القانون ومن عيوب التسبب وهو ما تردى فيه الحكم المطعون فيه مما يتعين نقضه والإحالة نظراً لأن الحكم المطعون فيه برر البراءة بطرحه أقوال شهود الإثبات، لأنها شهادات تسامعية وظنية واستنتاجية، ونقلاً عن مصدر مجهول لم يكشف عنه التحقيق، وأنها صادرة من إقرارات من ضبطوا من المعتدين بمعرفتهم نتيجة الإكراه الواقع عليهم من تعدى بالضرب واحتجاز، وأن الأوراق قد خلت من دليل يقينى جازم على أن المجنى عليهم المتوفين أو المصابين حدثت إصاباتهم أو وفاتهم فى ميدان التحرير يومى 2، 3/2/2011 وإن ما ثبت بتقرير لجنة تقصى الحقائق والمجلس القومى لحقوق الإنسان انحصر فى بلاغات هاتفية وأقوال مرسلة من أى دليل على صحتها وتسامعية عن مجهولين وأن تحقيقات القضية رقم 118 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق القاهرة لم يشر أى من المتهمين المستجوبين فيها إلى قيام أى من المتهمين فى الدعوى الراهنة بتحريضهم أو الاتفاق معهم على الاعتداء على المتظاهرين الموجودين بميدان التحرير بغير أن يوضح الحكم مؤدى أقوال المتهمين والشهود وأوجه الخلاف بين رواياتهم التى جعلت الحكم يذهب إلى أن أقوال الشهود فى الدعوى الراهنة ظنية استنتاجيه، كما لم يعن الحكم ببيان مضمون تقرير لجنة تقصى الحقائق والمجلس القومى لحقوق الإنسان وقوفاً على محتواه والأدلة التى ابتنى عليها والتى استخلص منها الحكم المطعون فيه أنها تسامعية عن مجهولين، ومن ثم يكون الحكم قد استند فى طرح أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة إلى عبارات مجملة لا يبين منها أن المحكمة استعرضت الدليل المستمد من تلك القضية وتقرير تقصى الحقائق المشار إليهما، وكان يجب على الحكم أن يمحصه التمحيص الكافى ولم يبين الحكم مضمون تقارير الصفة التشريحية للمجنى عليهم المتوفين أو التقارير الخاصة بالمصابين ودلالة ما قرره القائمون بإعداد تلك التقارير من أن إصابات المجنى عليهم جائزة الحدوث من مثل تصوير شهود الإثبات لكيفية حدوث تلك الإصابات وفى توقيت معاصر لتاريخ الواقعة، وإنما طرح الحكم التقارير المشار إليها بعبارة مجملة، وهى أن الأوراق خلت من دليل يقينى على حدوث حالات الوفاة أو الإصابات فى ميدان التحرير فى تاريخ الواقعة.
كانت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله وعضوية المستشارين أنور رضوان وأحمد الدهشان، قضت ببراءة جميع المتهمين فى قضية الاعتداء على المتظاهرين يومى 2 و3 فبراير الماضى 2011 بميدان التحرير، والتى عرفت إعلامياً بـ«موقعة الجمل» والمتهم فيها 24، من أعضاء الحزب الوطنى المنحل.
وقالت المحكمة فى منطوق حكمها: «انقضاء الدعوى الجنائية قبل عبدالناصر الجابرى لوفاته، وحضورياً ببراءة كل من محمد صفوت محمد الشريف، وشهرته صفوت الشريف، وماجد محمود يونس الشربينى، ومحمد الغمراوى، وداود حسن خليفة، وأحمد فتحى مصطفى كامل سرور وشهرته فتحى سرور، ومحمد محمد أبوالعنيين، ويوسف عبداللطيف هنداوى خطاب وشهرته يوسف خطاب، وشريف حسن أمين والى، ووليد ضياء الدين صالح، وعائشة عبدالهادى عبدالغنى، وحسين قاسم على مجاور، وإبراهيم أبوالعيون أحمد كامل، وأحمد حمادة أحمد شيحة وحسن التونسى، وإبراهيم فرحات، ورجب هلال بدوى حميدة، وشهرته رجب حميدة، وطلعت أحمد بدوى القواس، وشهرته طلعت القواس، وإيهاب أحمد سيد بدوى وشهرته إيهاب العمدة، وعلى رضوان أحمد محمد، وسعيد سيد على عبدالخالق، ومحمد محمد عودة عابد، وحسام الدين على مصطفى حنفى، وهانى عبدالرؤوف إبراهيم».
وقضت غيابياً ببراءة كل من مرتضى أحمد محمد منصور، وأحمد مرتضى أحمد محمد منصور، وأحمد وحيد صلاح جمعة إبراهيم، ورفض الدعاوى المدنية وإلزام رافعيها مصاريفها ومبلغ مائتى جنيه ومبلغ أتعاب المحاماة.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها: «إن المحكمة لم تطمئن لأقوال الشهود فى الدعوى، حيث جاءت جميعها سماعية ووليدة أحقاد بين المتهمين والشهود نتيجة خلافات حزبية وبسبب الانتخابات البرلمانية، وبعض الشهود كانوا من المسجلين خطر وفقا لصحيفة الحالة الجنائية، والدعوى خلت من أى شاهد رؤية واحد تطمئن إليه» وأكدت المحكمة أنها اطمأنت لشهادة اللواء الروينى الذى قال إنه لم يرصد قتلى بالميدان، ولم يتم رصد أسلحة مع المتهمين الذين ألقى القبض عليهم بالميدان والذين تمت محاكمتهم عسكرياً فى القضية 118 لسنة 2011 عسكرية شرق القاهرة، وأن المحكمة اطلعت على أوراق الدعوى ومستنداتها وحققتها بنفسها، وتبين لها أن كل الأدلة غير كافية لإدانة المتهمين.