شرت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية تحليلاً كتبه المحلل الصحافي فيها ديفيد اغناتيوس تناول فيه كيفية استقبال الادارة الاميركية للتغييرات التي اجراها الرئيس المصري محمد مرسي في قمة القيادة العسكرية التي تولت شؤون البلاد لاكثر من عام في اعقاب سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. ويقول اغناتيوس انه يبدو ان هناك ثقة في وزير الدفاع المصري الجديد الذي حل محل المشير محمد حسين طنطاوي، وهذا نص المقال:
"يبذل المسؤولون الاميركيون جهودا حثيثة لتقييم تداعيات القرارات التي اصدرها الرئيس المصري محمد مرسي أمس الاحد واجرى فيها تغييرات في قمة القيادة العسكرية، وبدا ان لديهم ثقة في وزير الدفاع الجديد الفريق عبد الفتاح السيسي الذي يتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة خلال قيامه بمهام رئاسة الاستخبارات العسكرية في مصر.
اذ يبدو ان التغيير الواسع الذي اعلنه مرسي في القيادة العسكرية – باحالة وزير الدفاع وقادة الوحدات الذين عينهم الرئيس السابق حسني مبارك – كان مفاجئا للولايات المتحدة. غير ان المسؤولين الاميركيين لم يطلقوا اجراس الخطر مساء امس الاحد، مشيرين الى ان هذا ليس الا جزءا من التغيير في الاجيال، والاستغناء عن شخصيات فقدت الشعبية بصورة متواصلة واصبحت معزولة في مصر ما بعد الثورة.
واستبعد المسؤولون الاميركيون بصفة خاصة الاشاعات التي راجت منذ مساء الاحد عن ان السيسي اسلامي على علاقة سرية مع الاخوان المسلمين. ويقولون ان السيسي، على العكس من ذلك، معروف جيدا لدى العسكريين الاميركيين بعد ان قضى عاما في التدريب المهني في الولايات المتحدة، واعتُبر بوجه عام رئيسا فعالاً للاستخبارات العسكرية.
غير ان الامر الذي لا نزاع فيه هو ان جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي مرسي لعضويتهامنذ فترة طويلة، قد شددت الان قبضتها على مصر، واضحت تسيطر على الجيش وعلى الرئاسة والبرلمان. ويُنظر الى هذا على انه اما ان يكون مثالا على ممارسة الديمقراطية والسيطرة المدنية على الجيش، او ان يكون تنفيذا لانقلاب للاخوان المسلمين، حسبما تكون عليه وجهة نظر المراقب للامور. ولربما تكون فيها عوامل من كليهما.
اما وجهة النظر الاميركية فهي ان استبدال قادة عسكريين في القمة تقدم بهم العمر، بحد ذاته، لا يثير القلق. لكنهم سيتخوفون اذا مضى مرسي في طريقه لاجراء تغيير في الهيئة القضائية المصرية، التي ظلت مركزا مهما مستقلا للسلطة منذ ثورة ميدان التحرير التي اطاحت بمبارك في شباط (فبراير) 2011. ونشأت هذه المشاعر تجاه القضاء المصري نتيجة خطوة اخرى اتخذها مرسي يوم امس الاحد – بهدف تعيين احد كبار القضاة وهو محمود مكي نائبا للرئيس. اذ يخشى ان يعمد مكي، وهو قاض سابق، الى رفض قرارات المحاكم.
وقد صار المشير حسين طنطاوي الذي اقيل من منصبه وزيراً للدفاع رمزاً لبعد وعدم كفاءة المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي حكم الى حين تنصيب مرسي. وكانت ايام المجلس معدودوة بصورة واضحة، لكن خطوات مرسي جاءت بفجائية انقلاب.
ولا يبدو ان لدى المسؤولين الاميركيين دليل على ان عملية التطهير قد تم التخطيط لها او انها نوقشت على مستوى قيادة الاخوان المسلمين. وبدلاً من ذلك، استخدم مرسي الهجوم الارهابي في سيناء الاسبوع الماضي والذي قتل فيه 16 جندياً مصرياً ذريعةً لتعيين قيادات جديدة في الجيش. وكان اول تغيير رئيسي اقالة رئيس الاستخبارات الخميس اللواء مراد موافي الذي اكتسب الثناء من مسؤولين اميركيين واوروبيين واسرائيليين – جزئياً لانه كان يضغط منذ اشهر من اجل التصدي للمجموعات الارهابية التي اخذت تتجذر في سيناء.
وينظر الى السيسي على انه مساعد لموافي مستعد للتعاون، مع انه اقل صلة بمكافحة الارهاب. وقد اجتمع مع جون برينان، رئيس مكافحة الارهاب في البيت الابيض. وقال مسؤول اميركي عن السيسي: "انه رجل جاد اظهر مستوى جدياً من التعاون". ومثل موافي، كان للسيسي بعض الاتصالات مع اسرائيل بصفته رئيساً للاستخبارات العسكرية.
ويقال ان الاسرائيليين اكثر قلقاً من عملية التطهير التي تمت الاحد، وان ما يقلقهم هو ان مرسي يتخذ سلسة خطوات يمكن ان تؤدي الى صدام مع اسرائيل. ولكن بالنسبة الى كل من الولايات المتحدة واسرائيل، فان مراقبة التطورات في مصر مثل ركوب نمر – يمكن ان يكون خطراً جداً، ولكن من المستحيل توجيهه.