شابة طموحة.. عنيدة فى حب مصر.. خاضت انتخابات البرلمان الأخيرة بشراسة، ولم يحالفها الحظ، ومع ذلك قررت «نهال عهدى» أن تعاود الكرة مرة أخرى بلا تردد، فالانتخابات البرلمانية القادمة فرصة القوى المدنية الأخيرة للبقاء على قيد الحياة.
تكشف نهال فى حوارها لـ«الوطن» أن مثلها الأعلى كل امرأة احتسبت عند الله ابنها الشهيد لأجل مصر، وكل فتاة نزلت المظاهرات والميادين تطالب بالحق والعدالة، وتقول إن الدستور الجديد قلل من وضع المرأة كثيرا، وإنها فقدت الكثير من مكتسباتها السابقة، قائلة «التيار الدينى يسيطر على كل مقاليد الأمور ووضع المرأة بعد الدستور الجديد أصبح أكثر تدهورا».
وتوضح المرشحة السابقة أنها ستكون جبهة داخلية مع القوى المدنية ومنظمات المجتمع المدنى، لتوعية المرأة بأحقيتها فى التمثيل القوى لها فى البرلمان قائلة «سنقول لكل امرأة: عليك أن ترشحى امرأة مثلك لتأخذى حقك فى الحياة». وتكشف خلال الحوار، لأول مرة، أن حزب النور السلفى طلب منها، من خلال وسطاء، الترشح فى الانتخابات المقبلة على قوائمه، شرط تغيير «اللوك» وارتداء طرحة! كما قدم لها حزب الحرية والعدالة عرضا آخر، وذلك ضمن 4 عروض من أحزاب أخرى.
• خضت الانتخابات السابقة «بحسن نية».. فهل يكفى حسن النوايا لخوض الانتخابات القادمة مع منافس كحزب الحرية والعدالة؟
- الحقيقة أن فشل التيار المدنى فى الانتخابات السابقة، كان له علاقة بأن جبهتنا لم تكن موحدة، ولكن اليوم الوضع تغير وأصبحنا أكثر تقاربا وقدرة على التوحد، وأعتقد أن تجربة الانتخابات السابقة علمتنا الكثير، خاصة أن بعضا منا كان «أنانيا»، ويريد فقط أن يستحوذ على كرسى فى البرلمان، لكن أهدافنا اليوم باتت أكثر قوة وتحديدا وهى إنقاذ مصر.
التيار الدينى خسر كثيراً وشعبيته انخفضت فى الشارع رغم سيطرته على مقاليد الأمور.. والإخوان طلبوا منى الانضمام إليهم
• كيف يمكن وصف وضع المرأة الآن؟
- بات أكثر تهميشا، فحقوق المرأة التى حصلت عليها قبل الثورة لم تعد موجودة الآن، بل أصبحنا نعود للوراء مئات السنين فى كل ما يتعلق بحقوق المرأة، والسبب الرئيسى هو الدستور الجديد الذى قلل من مكانة المرأة و«ظلم» الأحزاب التى لم تعط للمرأة الأولوية فى التمثيل القوى فى البرلمان السابق من خلال الانتخابات.
• على عاتق من تقع مسئولية هذا التهميش؟
- المرأة المصرية كانت الأكثر مشاركة فى صناديق انتخابات مجلسى الشعب والشورى والاستفتاء على الدستور، وكل بيت فى مصر أصبح يمارس العمل السياسى ويشارك فى الحياة السياسية بسبب وجود امرأة مقتنعة بحق أسرتها فى الحياة.. وأعتبر هذه المشاركة هى الحقيقة الوحيدة الواضحة التى اكتسبناها بعد الثورة، خلاف ذلك لا توجد ديمقراطية أو عدالة اجتماعية أو أى من نداءات الثورة تحققت، بل إن المرأة اليوم لم تعد تحظى بأى مساواة.
• هل غياب القوى المدنية عن الجمعية التأسيسية للدستور انتقص من وضع المرأة فى الدستور الجديد؟
- كان عندنا أمل كبير أن يعزز الدستور وضع المرأة فى المجتمع، لكن هذا لم يحدث للأسف، ودور المرأة فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لم يكن كافيا لتعزيز وضعها، بل أقول إنه لم يكن هناك أى تيار مدنى يمثلنا داخل «التأسيسية»، وكان هذا مثالا صارخا على سيطرة التيار الدينى على كل مقاليد الأمور، بما فى ذلك وضع المرأة وليست هذه النتيجة أبدا التى قمنا من أجلها بالثورة، بل إن الأمور تعدت مرحلة التيار المدنى والتيار الدينى ووصلنا إلى مرحلة أننا نكفر بعضنا البعض!
• لكن الحديث باسم الدين يجد قبولاً لدى رجل الشارع البسيط؟
- عمر ما كان الدين مظهر، إذا كنت أضع «طرحة» إذن أنا مسلمة، وإذا خلعتها أصبح كافرة، هذه هى الصورة المخجلة التى بات يتحدث البعض بها باسم الدين، فى حين أن الدين أساسه هو ألا أنافق أو أكذب أو أحلل أشياء وأحرم أشياء وفقا لأهوائى الشخصية.. فكل ما يفعله الآخرون الآن هو ليس حبا «للدين»، بل حبا «للسلطة»، ومحاولة السيطرة عليها بكل الطرق.
• ألا تخشين من اتهامك بأنك تعملين ضد الدين؟
- أقول للتيارات الدينية إن الإسلام عزز المرأة، والرسول صلى الله عليه وسلم كرمها، فكيف تقومون أنتم بإعادتها لعصور الجاهلية مرة أخرى وإهانتها بهذه الطريقة؟ والدليل على ذلك الحديث الذى دار فى المجلس السابق، حول تعدد الزوجات وزواج الأطفال والختان وغيرها من الأمور المهينة للمرأة.
أطالب المرأة بأن تنتخب امرأة مثلها لنستطيع أن نأخذ حقنا.. وخضت الانتخابات السابقة وكنت أدرك بشكل كبير أن نسبة عدم نجاحى كبيرة.
• هل تعرضت لأى تهديدات من التيار الدينى فى الفترة الماضية.. وتتوقعين أن تتعرضى لمثلها فى المرحلة المقبلة؟
- لا لم يحدث، وهم بالمناسبة زملاء محترمون، سواء كانوا إخوانا أو سلفيين، وبطبعى لست ضد الأحزاب الدينية، فأنا أعرف دينى تماما، لكنى لا أحب أن يكون الدين الذى يصدرونه للناس هو دين «المظهر»، الذى أصبح مشوها أمام العالم كله وكأنه «شبح» يخوف الآخرين.. فلم نعد نكفر الآخرين، بل أصبح المسلم يكفر المسلم كذلك.
• ما الاستعدادات التى ستعتمدين عليها فى خوضك للانتخابات المقبلة؟
- أنا ضد فكرة أن التيار الدينى أصبح أكثر قوة، بل على العكس، أرى أن شعبيته فى الشارع منخفضة، وإذا كان تنظيمهم هو سر قوتهم، فالتيار المدنى اليوم تعلم من أخطائه وأصبح أكثر تنظيما وقوة من أجل مصلحة مصر.
• لكن ليس بالتنظيم المدنى وحده يمكن أن ينجح التيار المدنى.. فهناك حديث عن تزوير تم بطريقة ما؟
- حصل تزوير، لا أنكر ذلك.. والنتيجة التى أعلنت مضطرون أن نقبلها وعلينا أن ننظر للفترة القادمة، ويمكن أن يكون ما وصلنا إليه فى قضية الدستور وحد القوى المدنية أكثر، والوضع الاقتصادى المتدهور كذلك وحد قوتنا، لأن علينا عبئا كبيرا فى المرحلة القادمة، فالمجلس القادم هو فرصة القوى المدنية الأخيرة للبقاء على قيد الحياة.
• إذا نجح التيار المدنى فى خوض الانتخابات البرلمانية القادمة بقوة.. ما أول إجراء سيتخذه؟
- سنعمل على الدستور، ومناقشة المواد التى حدث الاستفتاء عليها وتعديلها، ليعطى للمرأة حقها والمجتمع ككل، فالدستور كان نقطة فاصلة فى حياة المصريين والقوى المدنية كذلك.
• مع من سيكون قرارك الأخير فى خوض الانتخابات البرلمانية القادمة.. خاصة أن حزب الوفد يعانى من بعض المشكلات؟
- سأخوض الانتخابات المقبلة مع حزب الوفد، وأنا فى الجبهة الوطنية للإنقاذ حاليا، فرغم وجود بعض الاختلافات داخل الحزب، لكنى أعتبرها شأنا داخليا، وهذا طبيعى فى كل الأحزاب، وكلها أمور قابلة للحل وليست معقدة، لهذا لن أتنازل عن عضويتى به، والذى أحاول فعله الآن هو تكوين جبهة داخلية للمرأة، فقط تتولى عمل حملات توعية للمرأة المصرية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى.
وضع المرأة مهمش للغاية بعد الثورة.. وكنت أتوقع أن تكون الأمور أفضل فيما يتعلق بكتابة الدستور ونسبة تمثيلها بالبرلمان
• ما أولويات أجندة هذه الجبهة النسائية؟
- أن تنتخب المرأة امرأة مثلها فى الانتخابات، كى تستطيع التحدث بصوتها وتنادى بمشاكلها وتجيب لها حقها.. فتمثيلنا من الأحزاب كان ضعيفا بل وفيه «ظلم»، فعلى الرغم من دور المرأة الكبير، لكن لم توضع أسماء المرشحات على بداية القوائم، بل فى نهايتها، ونحن يجب أن نأخذ حقنا بأنفسنا، فمن المؤسف أن دولة مثل السعودية، المعروف عنها التشدد الدينى، تجعل نسبة تمثيل المرأة فى مجلس الشورى 20%!
• هل تلقيت أى عروض من أحزاب أخرى لخوض الانتخابات على قوائمها؟
- نعم هناك 4 أحزاب قدمت لى عروضا، لكنى متمسكة بحزب الوفد.
• هل هناك أحزاب إسلامية ضمن هذه العروض؟
- نعم، تلقيت عرضا من حزبى الحرية والعدالة والنور، لكن من خلال وسطاء.
• بالتأكيد أدهشك عرض «النور» السلفى.. خاصة أنك لا ترتدين الحجاب؟
- هذا صحيح، فقد كان من أهم الشروط للانضمام لهم أن ارتدى «طرحة»، وطبعا رفضت ذلك لأنى لا يمكن أن أغير من شكلى من أجل أحد، ومع ذلك لم أكن مستاءة، بل أعتبر هذه العروض من قبيل الثقة.
• هل فكرت فى عرض «الحرية والعدالة».. خاصة أنه الحزب الأكبر الآن على الساحة؟
- لا لم أفكر، لأن ببساطة فكرهم يخالف فكرى، وإذا كانوا يتعاملون بمبدأ الديمقراطية و«سيعطونى حقى» كنت فكرت، لكن أنا لا أغير مبادئى ومتمسكة بحزبى.
• الشائعات دائما ما تكون جزءا من الحملات الانتخابية.. والتيار المدنى يتلقى منها الكثير خاصة فيما يتعلق بالتمويل والأجندات الخارجية.. ما تعليقك؟
- تعودنا على الشائعات ولم تعد تعنينى كثيرا ولا ألتفت إليها.. فقد جربنا كل شىء، بما فى ذلك التيار الدينى وليس التيار المدنى فقط، فعلى الناس أن تقرر ويكون لديها وعى حقيقى بكل ما يقال، ولم يعد هناك شىء يمكن إخفاؤه على المصريين، وأعتقد أن الشائعات لن تكون مؤثرة مهما كانت كبيرة. فالخوف الحقيقى القادم هو التزوير فى الانتخابات المقبلة.