كأنه مشهد جرى تصويره فى جبال قندهار بأفغانستان أو مرتفعات تورا بورا، إذ يمتطى شبان بلباس أسود قصير، ظهور جياد عربية أصيلة فى سيناء، حاملين أسلحة الـ«آر.بى.جيه»، كل ذلك فى شريط فيديو محمل على «يوتيوب»، وعلى خلفيته آيات قرآنية: «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين».
ثم وقفوا يعلنون عن أنفسهم: «نحن أبناء محمد لا نعرف الذل ولا الهوان والله يا بنى صهيون أتيناكم من آلاف الكيلومترات حبوا وزحفا حتى نقتل ونشرد فوالله نحن صواريخ موجهة بالبشر لم تخترعوها ولن تخترعوها».
أطلقت هذه الجماعة الجديدة على نفسها اسم «مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدس» وأعلنت عن مسئوليتها الكاملة عن العملية المسلحة التى استهدفت دورية إسرائيلية داخل الحدود الإسرائيلية مع مصر منذ عدة أشهر، وأطلقت على العملية اسم «غزوة النصرة للأقصى والأسرى». وأوضحت الجماعة فى بيان، كانت «الوطن» قد حصلت على نسخة منه، أن عدد منفذى العملية اثنان من أعضائها، أحدهما مصرى الجنسية ويدعى خالد صلاح عبدالهادى جاد الله، وكنيته أبوصلاح المصرى من محافظة مرسى مطروح، والثانى يدعى عدى صالح عبدالله الفضيلى الهذلى، وكنيته أبوحذيفة الهذلى من مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وكشفت الجماعة تفاصيل العملية، بقولها نصا: «نفذ مجلس شورى المجاهدين غزوة مباركة أطلق عليها اسم (غزوة النُّصرة للأقصى والأسرى)، استهدفت خلالها دورية يهودية مكونة من جيبين عسكريين، بعبوة ناسفة وقذائف مضادة للدروع ورشاشات متوسطة، بعد التسلل إلى الخط الحدودى والالتفاف على القوات الصهيونية المتمركزة على الحدود بين فلسطين المحتلة والأراضى المصرية، جنوب منطقة النقب، وقد وفق الله المجاهدين على أعداء الله، وظهر ذلك جلياً فى التخبط الكبير فى تصريحات قادة العدو، ولله الفضل والمنة»، بحسب نص البيان.
وبدا التوجه الجهادى واضحا فى خطاب تلك المجموعة، كما أن إظهار صورة أسامة بن لادن، فى خلفية الكادر، تظهر انتماء الجماعة للقاعدة ولو انتماء معنويا.
وتعهدت الجماعة فى بيانها بملاحقة اليهود: «إقراراً منَّا بمسئولية المجاهدين الصادقين من أهل التوحيد تجاه صرخات الأقصى وأنين الأسرى تحت قبضة العدو اليهودى الجبان، فوالله لن نتناسى ما يمارسه المجرمون اليهود من تهويد واعتداءات متكررة تجاه مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهيهات أن نتغاضى عن معاناة أسرى المسلمين فى سجون اليهود، فلهم منا حق النصرة بكل وسيلة، فأقصانا وأسرانا قد سئما من الخطب والمهرجانات والتصريحات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، فلا يفل الحديد إلا الحديد، وبغير نضح الدم لا يمحى الهوان عن النواصى».
فيديو على «يوتيوب»: شبان بلباس أسود قصير يمتطون جياداً عربية حاملين «آر.بى.جيه».. والخلفية آيات قرآنية
وأشارت الجماعة إلى تبنيها مشروعا جهاديا على رأس أولوياته تطبيق الشريعة، «امتداداً لسلسلة النور التى يتشرف بتقلدها أُسود الإسلام فى جبهات الجهاد المنتشرة فى ربوع الأرض، وامتثالا لأوامر الله تعالى بجهاد أعدائه أينما كانوا، وحرصاً على بناء لبنة لمشروع جهادى يضع نُصْب عينيه وعلى رأس أولوياته تطبيق شريعة الله تعالى فى الأرض وإعادة الحكم بها بين العباد».
وأهدت الجماعة، فى ختام بيانها، الغزوة إلى زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن والثورة السورية، «إننا فى مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدس إذ نودع شهيدينا المجاهدين كما نحسبهما والله حسيبهما، لنهدى هذه الغزوة المباركة إلى روح أسد الإسلام ومجدد الجهاد ورافع اللواء الشيخ المجاهد أسامة بن محمد بن لادن رحمه الله، وإلى الشعب السورى المسلم المجاهد المضطهد تحت حكم النظام النصيرى الطاغوتى المجرم، وإلى المجاهدين وقادتهم وأمرائهم فى كل ساحات الجهاد فى سبيل الله، وإلى أسود السلفية الجهادية المظلومين فى أرض غزة العزة».
وتابع: «كان لا بد من كسر تلك المعادلة، وفتح جبهات جهادية جديدة لا قبل لليهود بها، من خلال استهدافهم من دول الجوار، فاتجهت أنظارنا فى مجلس شورى المجاهدين صوب الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة وقررنا إنفاذ غزوة لدك تحصينات اليهود»، مضيفا: «وذلك دون حساب لأى حدود مزعومة بين بلدان المسلمين؛ فالمجاهدون ليس لديهم فى قاموسهم حدود إلا حدود الله تعالى التى عطلها الطواغيت».
لكن التنظيم عاد لينفى مسئوليته عن هجوم معبر كرم أبوسالم الأخير، مشددا على أنه يستهدف بالأساس الكيان الصهوينى فى فلسطين المحتلة، وأصدر بيانا أكد فيه: «إننا فى مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدس ليس لنا أى صلة من قريب أو بعيد بالهجوم الذى استهدف الجيش المصرى على الحدود مع فلسطين المحتلة بتاريخ 5/8/2012».
وأبدى التنظيم استغرابه من قيام بعض وسائل الإعلام بترديد الاتهامات لمجلس شورى المجاهدين أو الجماعات الجهادية العاملة ضد اليهود دون أى دليل سوى ما جاء على لسان الناطق باسم الجيش الصهيونى أفيخاى أدرعى، ودعا الجميع لتحرى المصداقية فى تناقل الأخبار، والحذر من المصادر المشبوهة، والأبواق المأجورة، على حد تعبيره.
وأكد: «رفضنا لاتهام الشعب الفلسطينى المظلوم بالوقوف خلف كل حادث فى مصر، ليكون ذلك مسوغاً لتشديد الحصار والخناق على المسلمين هناك، فمِن غير المفهوم وقبل حدوث تحقيق أو معرفة الجهة التى تقف وراء الهجوم أن يتم إغلاق معبر رفح (لأجل غير مُسمّى) رغم أنه ممر دولى تُمارَس فيه كل وسائل الأمن المتعارف عليها».
وحذر الجهات المعنية من «التورط فى إشعال نار حرب نظن أن الجميع فى غنى عنها، ونستنكر الدعوات للقيام بحملة ظالمة ضد المجاهدين الصادقين، الذين أثبتوا أن هدفهم الرئيسى هو قتال اليهود الغاصبين، وقد شاهد الجميع كيف تم تجنب الجيش المصرى أثناء مهاجمة القوات اليهودية خلال «غزوة النصرة للأقصى والأسرى».