قال الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان الأسبق، إن فتاوى إهدار الدم وإباحة القتل للمتظاهرين ضد الرئيس أو نظام الحكم عبث يجب أن تواجهه مؤسسات وأجهزة الدولة، وتقدم الداعين له للمحاكمة لينالوا عقابهم، وفى المقابل، أكد فى حواره لـ«الوطن» أن حرية التظاهر ليست مطلقة، وعلى الجميع ألا يتعجلوا، وأن يمهلوا الرئيس الفرصة لتنفيذ وعوده.. عن الأوضاع الراهنة ودعوات التظاهر ضد النظام، والجمعية التأسيسية للدستور، كان الحوار التالى:
* بداية.. ما رأيك فى الفتاوى العديدة التى أباحت إهدار الدم، وقتل متظاهرى 24 أغسطس، وغيرهم من المشاركين فى الفعاليات المعارضة لنظام الحكم؟
- لا يجوز التعليق على مثل هذه الدعوات؛ لأنها صادرة عن أشخاص غير مسئولين، والداعون لها هم مجموعة من «الهُلس»، يستخفون بعقول الناس، وكلامهم عبث، ويدفعون الناس إلى الهدم والتدمير، وأرى أن الحديث عن هؤلاء هو خروج على السياق، ولا يجب أن يأخذ أكثر من حجمه؛ لأنه فى الحقيقة لا يتجاوز كونه «نكتة» ليس أكثر.
* وهل معنى هذا أنك مع التظاهر السلمى الجمعة المقبل ضد سياسات الرئيس محمد مرسى؟
- لكل مواطن الحق فى التظاهر السلمى، دون تخريب أو هدم، ويجب تأمين هذه التظاهرات، حتى لا تخرج عن سياقها، ولا يجرى اتخاذها وسيلة للهدم، ودخول عناصر مندسة، لإحداث حالة من الفوضى فى البلاد، فالتظاهر حق وحرية لكل مواطن، لكن يجب أن تكون حرية محسوبة؛ لأنه لا حرية مطلقة سوى حرية العقيدة.
* هل يمكن أن يمتلك أحد حق إصدار فتوى بإهدار دم البعض، أو للتحريض على قتلهم؟
- إطلاقاً.. فلا أحد يمتلك ذلك؛ لأننا نعيش فى دولة بها مؤسسات، ومن يدِن أحداً أو يرد أن يثأر منه، فعليه أن يقدم ضده بلاغاً للنائب العام، لتأخذ الشكوى مجراها القانونى، وتصان الحقوق، وإلا فإن كل من أراد الانتقام من آخر، أفتى بإهدار دمه، وأباح قتله، وعندها تتحول الدولة إلى غابة، وتشتعل الحروب الأهلية.
* وكيف يمكننا مواجهة مثل هذه الدعوات من وجهة نظرك؟
- تُواجَه بتأكيد مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية، على رفضها لهذه الدعوات، وبدعوة الشعب إلى استنكارها، كما توجه للداعى تهمة التحريض على القتل، ليعاقب ويسجن بعد التحقيق معه وإحالته إلى القضاء.
* هل ترى أهمية للتظاهر ضد سياسات الحكم الحالى يوم 24 أغسطس؟
- لست على اقتناع بوجود أسباب لتلك التظاهرات، لكن طالما هناك من لا يرضون عن الأداء الحالى، فى ظل حالة من عدم الشفافية فى السياسات المتبعة فى البلاد، فلا مانع من أن يعبروا عن رأيهم بشكل سلمى، ومن جانبى أرى أنه لم يمض الوقت الكافى لنحاسب الدكتور محمد مرسى على عدم تنفيذ سياساته ووعوده، أو حتى للحكم عليه، علينا ألا نتعجل، فلا توجد أمة على وجه الأرض، تتعجل الأمور كما يفعل المصريون، وأنا مع منح الرئيس فرصة؛ لأنه بتوليه حكم البلاد، تحمّل بلاءً كبيراً، ويحتاج لوقت للتعامل معه، لذلك عليك فى ظل تلك الأوضاع، أن تراجع نفسك، وتقسم بالله قبل أن تخلد للنوم كل يوم بأنك لست من هذا القطيع الضال المضل.
* أى قطيع تقصد؟
- أقصد المتعجلين فى المعارضة من المصريين، قبل أن يمنحوا رئيسهم الوقت المناسب لتنفيذ ما وعد به من سياسات، ومنها تقويم أنظمة الحكم التى يرون أن من ليس معها «100%»، فهو ضدها، وهذه الأنظمة لا تدرك أن وجود فرقاء متعددين، واتجاهات مختلفة، أمر يثرى الحياة السياسية، ويدفع البلاد للأمام، وأعتقد أن الشعب المصرى تغير عن الماضى، ولم يعد جزءا من العالم العربى، ولم يعد عربياً، حتى نخبه وقياداته يخطئون فى نطق وتهجى اللغة، لك مثلا أن تتخيل أن المستشار الذى أعلن نتيجة انتخابات الرئاسة أخطأ فى 20 سطراً 800 مرة.
* هل تتابع عمل الجمعية الـتأسيسية للدستور؟
- نعم تواصلت مع القائمين عليها، وأعكف على تقديم تقرير حول بعض مواد الدستور، وسبق أن قدمت تقارير مماثلة.
* لماذا لم تستعن بك الجمعية عضواً طالما أنهم فى حاجة إلى تقاريرك؟
- هم من يُسألون عن ذلك، ربما كانوا مشغولين بتمثيل القوى السياسية، لكن الأهم بشكل عام أن يستفيدوا بحق مما أقدمه من مساهمات ورؤى فى الدستور الجديد.
* وهل وعدوك بالأخذ بتقاريرك؟
- أنا لا أستطيع إلزامهم بذلك، كل ما أدعو له هو مناقشة ما أقدمه، وإعلان ما تم الاستعانة به، وما رُفض، على أن يصدر الدستور فى إطار من الشفافية؛ لأننا أصحاب السيادة.
* وهل تسير «التأسيسية» بشكل جيد فى إعداد الدستور؟
- هناك مشاكل، وهذا أمر طبيعى، فكتابة دستور دولة، ليس بالأمر السهل، فنحن لا نلقى قصيدة أمام جمع.. ورغم ذلك، فأنا مطمئن إلى حد كبير.