هو فى الصف الثانى الثانوى، طالب بإحدى مدارس القاهرة، يقضى كثيرا من وقته على صفحات الإنترنت المختلفة ما بين صفحات رياضية وسياسية واجتماعية، حتى وهو فى فصله الدراسى يطالع الإنترنت عبر جهازه الصغير، المنتمى لعائلة سمارت فون. بعث لى برسالة عقب ضجة قرار حجب المواقع الإباحية قال لى فيها: قل لهؤلاء الأذكياء الذين تركوا مشاكل المجتمع وانشغلوا بمن يطالع مواقع الجنس ومن لا يطالعها، قل لهم أنا شاب صغير غير متخصص فى مجال الإنترنت ولكنى أهديكم عشرة مواقع وعشرة طرق تستطيعون الدخول منها إلى أى موقع محجوب بسهولة، قل لهم إن فكرة حجب المواقع لن تحقق الطهر والاستقامة فى المجتمع بل ستأخذ من قوت الفقراء ما يقرب من 100 مليون جنيه، ولن تمنع من يريد الدخول لهذه المواقع من الوصول إليها بل ستتسبب فى بطء الإنترنت الذى قد يؤثر على تحصيل طالب علم مجتهد يستخدم الإنترنت فى التعلم وليس فى التفاهات. استوقفتنى رسالة هذا الشاب وأنا أتابع غزوة حجب المواقع الإباحية التى اعتبرها البعض انتصاراً، وبادئ ذى بدء أعلم يقينا أن كل من سيتعرض لهذا الموضوع بالنقد سيتهم بأنه يريد ترويج الفساد وبث الفاحشة فى المجتمع، وأنه يدعو إلى الرذيلة وما إلى ذلك من التهم المعلبة التى صارت مضحكة من كثرة تكرارها. حالة العبث العامة التى صارت تحكم المشهد العام فى مصر مستمرة، فشعب يعيش ما يقترب من نصفه تحت خط الفقر ويعيش ما يتجاوز 20% منه فى عشوائيات لا تصلح لحياة البشر وموازنة دولة بلغ العجز فيها أقصى الحدود على مر تاريخها ومهددة بإعلان الإفلاس ستقوم بدفع ما يقرب من 100 مليون جنيه على الأقل- طبقا لتقديرات الخبراء- لمحاولة منع المواقع الإباحية من شبكة الإنترنت رغم أن كل مستخدم مبتدئ للإنترنت يعلم أدوات البروكسى وإمكانية تخطى حجب أى موقع فى العالم بسهولة. كل شركات الاتصالات فى مصر لديها برامج فنية متخصصة تتيحها للعملاء لحجب المواقع التى لا يرغبون فيها على الإنترنت، ومن يرغب فى ذلك عليه الذهاب للشركة وطلب ذلك دون إرهاق للدولة بأعباء مادية لا معنى لها فى وقت يموت فيه الآلاف كل يوم لأنهم لا يجدون ثمن الدواء ولا يتحصلون على أى مزايا للضمان الاجتماعى. فى عشوائيات مصر ينام عشرة أفراد رجال ونساء شباب وفتيات فى غرفة واحدة لأنهم لا يجدون غيرها وانتشار زنى المحارم والانحراف الأخلاقى فى هذه العشوائيات يرجع إلى هذا الفقر المدقع والحرمان الذى لم يجذب اهتمام الفاتحين الجدد حراس الأخلاق وسدنة الدين الذين لم يوجهوا مجهودهم وانتباههم لهؤلاء المحتاجين. أمة حصرت تفكيرها وأولوياتها فى النصف الأسفل لن تفكر بالنصف الأعلى ولن تتقدم للأمام، يا حماة الأخلاق من يدخلون على المواقع الإباحية سيظلون يدخلون كلما أرادوا ولن يستفيد الوطن إلا إهدار موارده، حصنوا الناس بالأخلاق والقيم وقدموا لهم النموذج الصالح لكى يستعيدوا ثقتهم فيكم، كلما منعت شيئا حفزت الناس على الوصول له وكسر المنع، أطعموا الفقراء أولا واكفوهم، ثم اهتموا بما ترونه من أولوياتكم.
المصرى اليوم