غريب وعجيب أمر كرة القدم على مستوى العالم وتحديدا فى إفريقيا. غريب أيضا على من لديه التصويت فى اختيار أفضل لاعب فى القارة. أعتقد بما لا يدع مجالا للشك أنها اختيارات لا تنم عن كفاءة أو علم أو دراية حتى ولو كان التصويت من قِبل مدربى المنتخبات، والله كارثة فى تاريخ اللقب وتحديدا فى السنوات العشر الأخيرة، لا نرى سوى لاعبين لديهم إمكانيات هجومية فقط لا غير أو لاعبين محترفين فى الخارج أيضا لديهم الصبغة الهجومية ليس إلا، كأن كرة القدم مقتصرة على نوعية لاعبين معينين دون النظر إلى المستوى العام للعب ضمن مجموعة ومنظومة طوال السيزون، ومن هنا نبدأ فى الحديث عن نجم ولاعب أعتقد أنه لن يأتى مثله فى مركزه لا على المستوى القارى ولا المحلى، لاعب يلعب كرة القدم المطلوبة من أداء احترافى عالٍ والتزام دون ضجيج أو صخب، أحدث طفرة فى مستوى المدافعين على المستوى المحلى، وكل من لعب بجانبه وكل من تولى تدريبه كان له مصدر ثقة، ذو ثقة وذو شخصية لديه صرامة دفاعية تمنحه القوة داخل الملعب حتى أمام أقوى مهاجمى العالم.. هو وائل جمعة المهضوم حقه إعلاميا على مستوى القارة، لاعب حقق ما لم يحققه مهاجمون بالملايين: ثلاث بطولات قارية وبأداء راقٍ وواعٍ وعالٍ، تحدث عنه أحد وكلاء اللاعبين الإيطاليين قائلا «لو رأيته من زمان كان تحول إلى فرانز بيكنباور». الجيد أنه لاعب صارم لدرجة تجعلك تشعر بالأمان وأنت فى منزلك، خسارة لى أنا شخصيا أن لا أكون المانجر بتاع جمعة، أوروبا تتحدث عن وائل فى كل نهائى، تتحدث عن تاريخه، عن ألقابه وآخرها اللقب الخامس الذى يعادل لقب الأسطورة باولو مالدينى بخمسة ألقاب إفريقية. اسمحوا لى.. أعتقد أن وائل هو الأسطورة المصرية الجديدة، هل من الممكن أن نرى جمعة على الاستيدج متوَّجًا بلقب أفضل لاعب فى إفريقيا. طبعا أنا باحلم، لا يكرم نبى فى وطنه.
ولو تحدثنا عن المستوى الفنى لكل لاعب فى مركزه فوائل هو الأفضل فى مركز قلب الدفاع فى آخر عشر سنوات بالأرقام، ومع ذلك لم نرَ أو نسمع أنه ضمن الثلاثى الأوائل كأفضل لاعبى إفريقيا، لماذا؟ لا أعلم، هل لأن من يصوّت عاجز عن الرؤية ولا يفهم فى أمور وأصول كرة القدم ولا يعى أن المجموعة أصبحت أهم من الفرديات؟ ودليلى فى كأس العالم ٢٠٠٦، فقد نال المدافع الإيطالى فابيو كنافارو لقب أفضل لاعب فى العالم ليكسر القاعدة، وتعرض لسيل من النقد الغريب واللاذع لأنه مدافع فقط لا غير، ولذلك فى اعتقادى الشخصى حتى لو مصر وصلت لكأس العالم ووائل كان لاعبا مؤثرا للتأهل لن يكون ضمن أفضل لاعبى القارة لأن من يصوّت، كما قلت سابقا، لا يرى سوى الخط الأمامى لا يرى سوى مَن يحرز أهدافا.
وأيضا هناك جانب آخر هو الجانب الإعلامى، هل لأن اللاعب أو الأسطورة المصرية الحالية لا يجيد فن التعامل الإعلامى أو التمثيل على الإعلاميين؟ هل لأن وائل وُلد فى مصر وكل الكفاءات فى مصر لا تقدّر؟ هل لأنه اللاعب الوحيد فى مصر وفى إفريقيا من المدافعين الذى حصد كل هذه الألقاب؟ والله غريب أمر أصحاب التصويت والقرار فى القارة!
المدافع وائل جمعة الذى رد على أحد المدربين العواجيز المصريين وتشكيكه فى إمكانياته أنه عجّز، واضح بأن المدرب نفسه مش لابس النظارة كويس ولّا أنصحه يبطّل تدريب أفضل علشان يريحنا من الافتكاسات بتاعته على الهواء.. المدرب إياه لازم يعرف أنه فى السنوات الأخيرة لعب أمام أقوى مهاجمى أوروبا، صامويل إيتو، ديديه دروجبا، لولو، هنرى كمارا، نومانسى كمارا، أوباسى، هارونا، وآخرهم يانيك نيانج، وفى الآخر تقول لى عجّز! والله ومن الغيرة ما قتل.
عزيزى وائل جمعة رسالة إليك: لو أنى موجود فى إدارة النادى الأهلى وعند اعتزالك وبسبب عدم اعتلائك عرش القارة كأفضل لاعب سأتخذ قرارا بتعليق الرقم الذى ترتديه فى النادى تكريما واحتراما لقدراتك وعطائك وإخلاصك ووفائك فى كل سنواتك مع ناديك وأنا أثق تماما أنك لا تنظر إلى هذه الأشياء.. بالتوفيق لك، وأتمنى من كل قلبى أن مصر يكون فيها ملايين من وائل جمعة.