جسر يصل بين جهتين فصلتهما مجرى مائي ''ترعة''؛ على إحداهما وقع مبناه الذي لا يتعدى الثلاثة طوابق؛ والمعروف اسماً ومكاناً، فهو بدوره الملجأ والملاذ لكل من يحتاج إليه صدفة أو قصداً .
ومن الجهة الأخرى يمكن رؤية اللافتة التي اعتلت المبنى وبدت في ظاهرها أنها تعبر عما يحويه، لكن خلف الأبواب ما كان ليتوافق مع المكتوب على تلك اللافتة ''مستشفى البدرشين المركزي''.
لا يختلف مستشفى ''البدرشين'' عن واقع كثير من المستشفيات الحكومية، لكنها إحدى من اجتمعت حوله الظروف؛ فبالإضافة إلى كون المستشفى تبعاً لحديث الأهالي يقوم بخدمة ما يقرب من 13 منطقة في محيطه، إلا أن حاجة الأهالي للرعاية الصحية والتي يؤديها الأطباء والعاملين بما ملكت أيديهم، لم تكن سبباً وحيداً للتأكد من ضعف الإمكانيات بل ربما حادث القطار الذي شهدته منطقة ''البدرشين'' مؤخراً كان كفيل بذلك.
فعلى الرغم من كون ''المستشفى'' الأقرب إلى الحادث غير أنه لم يستطع استقبال إلا حالات الإصابات البسيطة التي قد لا تتعدى الكدمات والجروح، وإذا كان تحسين إمكانيات وحق الصحة أحد المطالب التي ظل ينادي بها المواطن المصري مطالبا بالعدالة الاجتماعية في حق العلاج وحتى ثورة يناير، فقد كان مطلب أساسي دفع الأطباء إلى الدخول في إضراب بدأ أكتوبر 2012 واستمر ما يقرب من 82 يوماً دون أن يسفر عن شيء .
وجاء تصريح وزير الصحة ''محمد مصطفى حامد'' مؤخراً ليؤكد على أن المطلب مازال مرفوعاً دون تحرك؛ حيث قال إن أربعة آلاف مستشفى أصبحت لا تصلح لتقديم الخدمة الصحية لانقضاء عمرها الافتراضي؛ حيث أن هناك 200 مستشفى على مستوى مصر تحتاج للهدم الكامل وإعادة التطوير بينما 3800 وحدة صحية منتشرة في المحافظات تحتاج إلى تطوير شامل .
وبالانتقال إلى ''البدرشين '' لم يكن حال المستشفى الأسوأ لكنه أيضاً ليس الأفضل؛ حيث ربما حاله تأثر بمحيطه الذي لا يتخلف كثيراً عما وقع بالداخل؛ يستقبلك خلف أسماء المصابين التي وضعت على أحد جدران الباب الرئيسي للمستشفى؛ إذ تظهر على استحياء كلمة ''محافظة 6 أكتوبر''، تلك المحافظة التي لم يعد لأسمها مكان بين المحافظات.
وداخل استقبال المستشفى الذي خلا إلا من شخص يبدو عليه أنه يتولى الأمن، والذي لا تزيد مهمته عن المساعدة للوصول إلى وجهتك المقصودة داخل المستشفى .
هنا يبدأ وجه المستشفى في الظهور فإذا قررت الصعود للدور الأول لن يخفى عليك ما تبقى من طعام وقمامة أسفل السلم الذي يبدو من الجدار القائم أنه كان مخصص لموظف استقبال المستشفى.
ومن الاستقبال تتفرع جهات تؤدي إلى مشهد مقارب لن يضاف إليه سوى الأبواب المغلقة، ففي يمين الاستقبال كان الباب المغلق بجوار أحد ''الحمامات'' وقد اتخذت خيوط العنكبوت موطناً لها أعلى كلمات كان فحواها هو '' خاص لوحدة غسيل الكلى''.
أما الاتجاه يساراً يقود إلى مركز العلاج الطبيعي الذي بدا كأنه مكان منفصل عن المستشفى لكنه لم يخفَ عنه ملامح الإهمال التي ربما تتجسد في وجود أحد القطط داخل المكان؛ لم تسلم حجرات الأطباء هي الأخرى من هذا الإهمال، فقد أخذت نصيبها من المكاتب القديمة التي أصابها الكسور .
وفي الدور الأول؛ حيث يبدأ ظهور حجرات المرضى والتي تتنوع بين حجرات ثنائية وهى الأقل تواجد بينما غلبت الحجرات التي تضم 8 أشخاص وفقاً لعدد الأسرة المتواجدة داخلها، بينما يتواجد نافذتان بها وربما كانت مغلقة .
وفي الطريق إلى الغرف التي بدا أغلبها مغلق كانت تلك الغرفة التي كُتب عليها ''غرفة عزل'' وأخرى وُضع على بابها أحد الأقفال، بينما تواجدت أحد الناقلات الحديدية للمرضى جوار الحائط .
أما الطابق الثاني والأخير بالمستشفى كان به آثار محاولات التجديد ظهرت في بعض الأدوات التي تواجدت قرب باب مغلق حملت اللافتة الخاصة به إشارة ممزقة كتب عليه ''قسم الجراحة''.
وعلى بعد خطوات قليلة كان ممر أخر به حجرات لكنه لم يكن لمرضى بل للقائمين عليهم؛ حيث خطت أحد الأيادي فوق ورقة بيضاء وضعت أعلى باب الممر ''سكن حكيمات ممنوع اقتراب الرجال وشكرا''، وقام صاحبها برسم لوجه مميت تعبيراً عن حظر الاقتراب.
وعن تواجد الأطباء كانت حجراتهم بالطابق الأول الذي شهد حائط الصعود إليه إعلانات دعائية لأجهزة طبية ومراكز صيانة لها، ولم يختلف حال تلك الحجرات عن المرضى في إمكانيتها البسيطة التي لا تتعدى سرير أو اثنين للإقامة ومكتب وخزانة للملابس.
ولعل التجول بمستشفى ''البدرشين'' لم يأخذ كثير من الوقت على الرغم من أن مساحتها ليست صغيرة لكن المساحات الخالية كفيلة بتسهيل الأمر؛ وقبل ترك المستشفى ستتولى جدارية يمين الباب الرئيسي للمستشفى التعريف بوجود عيادات خارجية تم تأسيسها عام 2003 بمناسبة العيد القومي لمحافظة الجيزة وكتب عليها ''في عهد السيد الرئيس محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية تفضل السيد المستشار محمود أبو الليل محافظ الجيزة بافتتاح العيادات الخارجية المطورة''.