قال الدكتور كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى بالكنيسة القيادى البارز فى المجلس الاستشارى القبطى: إن الرئاسة مارست الخداع فى تعاملها مع حادث الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بعد أن أصدرت بياناً باللغة الإنجليزية اتهم الأقباط بأنهم من تسببوا فى اندلاع الاشتباكات، فيما خلا منه البيان الذى صدر باللغة العربية، موضحاً، فى حواره مع «الوطن»، أن عدم الاعتراف بحقيقة ما يحدث من أعمال إجرامية ومحاولة حلها من خلال جلسات صلح عرفية لمنع «الفتنة الطائفية» أدى إلى تكرار تلك الأعمال لأن مرتكبيها يعلمون أن جريمتهم ستُحل فى «قعدة».
* كيف ترى الاعتداءات الأخيرة على الأقباط والكاتدرائية؟
- ما وقع من اعتداءات على الأقباط فى الخصوص والكاتدرائية لا ينفصل عمّا يحدث منذ أحداث «الخانكة» عام 1972؛ فهو إعادة إنتاج لنفس الأعمال الإجرامية التى تستهدف الأقباط، وتسمى مجازا «فتنة طائفية»، وسميت بذلك لأن السلطة الحاكمة لا تريد أن تعترف بأنها جرائم منظمة ضد الأقباط، ما رحَّل حل تلك القضية بعد وضعها فى إطار ومنظور على غير الحقيقة، كما أن تلك الجرائم لا يجرى التصدى لها بالقانون، وإنما تتعامل معها الدولة من خلال جلسات صلح عرفية، تُحول المجرم إلى بطل شعبى، يُفلت من العقاب، ما يعطى إشارة إلى المجرمين بأن القضية ستنتهى بـ«قعدة» وكلام ناعم، لتتكرر الأحداث مرة أخرى.
وبعد وصول الإسلاميين للحكم، ظهر التحريض الإعلامى ضد الأقباط، عبر منابرهم وفضائياتهم وصحفهم الخاصة، التى راحت تبث الكراهية ضد الأقباط، وتبرر العنف معهم، ما جعل تلك المشاهد الإجرامية تتكرر، فضلاً عن المعالجة الأمنية للقضية، التى لا تجرى على أرض موضوعية، وتهتم فقط بكلام طيب من نوعية أننا «نسيج واحد، وعنصرا الأمة»، وهى المعانى التى فقدت مضمونها وتأثيرها، وأنا لا أستبعد أيضاً دور السلطة الحاكمة فى تغذية تلك الأحداث، برد الفعل المخزى الذى اتخذته حيالها، ولا يتسق مع الحدث وجسامته، ولو قارنا موقف الرئاسة من حادث المقطم والاعتداء على جمعية فاقدة للشرعية، وما حدث أمام الكاتدرائية، وهى مؤسسة دينية وتاريخية كبيرة، سنكتشف مدى تورط الدولة فيه.
* ما رأيك فى بيان الرئاسة الذى صدر باللغة الإنجليزية وحمّل الأقباط مسئولية اندلاع اشتباكات الكاتدرائية؟
- هذا البيان يكشف خداع الرئاسة؛ لأن الصادر باللغة العربية لم يتحدث عن تلك الأمور، أما الذى صدر بالإنجليزية فيوجه كل الاتهامات للأقباط، بينما توجيه الاتهامات والتحقيق فيها هو دور جهات الأمن والنيابة، لا رئيس الجمهورية؛ لذلك فإن البيان كشف خداعها وتحدثها بلسانين، وليّها الحقائق، وعرض نصفها فقط، وهو عمل استباقى لتحقيقات النيابة، وأرى أن تلك الطريقة فى التعامل ترجح تكرار الأحداث مرة أخرى.
* هناك اتهامات قبطية للكنيسة بعدم التحرك على مستوى الحدث وترك الأقباط وحدهم فى الكاتدرائية يواجهون الأحداث.
- تلك الاتهامات جزء من حالة الارتباك عند الأقباط، لكن لا نستطيع أن نشير إليها وإلا وقعنا فى التناقض؛ لأننا نطالب بفصل الكنيسة عن السياسة، وهو ما فعلته بالفعل فى عهد البابا تواضروس الثانى، وتفرغت للعبادة وتركت الأقباط يمارسون السياسة بعيداً عنها، الأمر الذى أغضب السلطة الحاكمة، لأنها تريد للكنيسة أن تسيطر على الأقباط.
* وهل ما يحدث للأقباط محاولة للعب بورقتهم وإدخالهم طرفاً فى المعادلة السياسية؟
- هذا أمر وارد، لكن إذا وضعنا هجوم طلبة الأزهر منذ أيام على مشيخة الأزهر، وهجوم البلطجية على الكاتدرائية، فسنرى أن العنف يُستخدم بطريقة منظمة لمواجهة القوى المناوئة للمشروع والمخطط الإخوانى؛ فالهيجان الذى ينتاب المسئولين عن المشروع الإخوانى بعد رفض أكبر مؤسستين دينيتين له، جعلهم يندفعون لمثل تلك الأفعال، وأظن أن الكنيسة والأقباط مستهدفون، فأنظمة الحكم وإن اختلفت إلا أنها اتفقت على استهداف الأقباط.
* عرضت بعض وسائل الإعلام صوراً وفيديوهات لأقباط أعلى الكاتدرائية يحملون أسلحة و«مولوتوف»، وتحدث البعض عن أن للكنيسة ميليشيات.
- لو أن تلك الصور عُرضت وحدها لصدقت الرواية بوجود الميليشيات التى يتحدثون عنها، لكن هناك صورا وفيديوهات أخرى تثبت أن من صعدوا على أسوار الكاتدرائية هم مهاجموها من الخارج، حتى يتمكنوا من الاعتداء على الأقباط المحاصرين داخل الكاتدرائية، كما أن قوات الأمن اعترفت بإطلاقها قنابل الغاز داخلها لفض الاشتباكات، فكيف يعقل هذا؟!
* يقول البعض إن الأقباط يعيشون عصر استشهاد جديدا، ما رأيك؟
- ليس عصر استشهاد، وإنما عصر استهداف للهوية الدينية.